قوات عراقية متواجدة على الحدود العراقية السورية/وكالة الصحافة الفرنسية
قوات عراقية متواجدة على الحدود العراقية السورية/وكالة الصحافة الفرنسية

آلاف المقاتلين من فصائل الخرساني وبدر وسيد الشهداء التابعة لهيئة الحشد الشعبي ينتشرون على الحدود العراقية السورية الممتدة على نحو 667 كيلومترا.

يتنقلون بآلياتهم لإحباط أي عمليات تسلل لعناصر تنظيم داعش في تلك المناطق الصحراوية الشاسعة، والتي تحصل بشكل يومي، وفقا لقياديين في الحشد.

نحتاج لتقنيات تكنولوجية

يقول القيادي في هيئة الحشد كريم النوري "الحدود مفتوحة وطويلة وتمتد على مساحات واسعة جدا، وقد استفاد منها التنظيم الإرهابي في الدخول إلى العراق في السابق"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن السيطرة على تلك المساحات تتطلب "وضع تقنية عالية على مستوى الكاميرات والطائرات المسيرة والمفارز المتنقلة".

ويؤكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي أن عملية تأمين الحدود والمناطق الصحراوية ستجري من خلال "استخدام الكاميرات الحرارية والطائرات المسيرة إضافة إلى طيران الجيش العراقي".

لكن النوري يلفت في حديثه لموقع (ارفع صوتك) إلى أن الإمكانيات التكنولوجية المتوفرة هي "بعض الطائرات المسيرة، وهو ما لا يتناسب مع الحاجة الفعلية لإمساك وإحكام الحدود"، مشيرا إلى أن ملف الحدود يتطلب "تكثيف تواجد قوات الجيش وشرطة الحدود أيضا".

"أمن هش"

بدوره يصف علي البياتي، وهو آمر أحد ألوية الحشد الشعبي في ناحية نمرود الأثرية جنوب الموصل، أمن المدينة بـ"الهش"، وأنه "يمكن أن ينهار في أي لحظة".

ويقول البياتي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية إن العناصر والجيوب والجماعات المسلحة التي هربت من الموصل، "يختبئون في مناطق صحراوية غرب الموصل، وينفذون هجمات تستهدف القوات الأمنية والأهالي على حد سواء".

ويتابع أن هؤلاء المسلحين يستغلون المناطق الصحراوية والوديان والهضاب والحفر والمخابئ التي سبق أن حفروها (قبل استعادة الموصل)، وقد هيأوا كافة احتياجاتهم من الأسلحة والأعتدة والماء والوقود والغذاء بما يوفر لهم إمكانية الاختباء لفترات طويلة.

وهو ما يؤيده رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى محمد إبراهيم، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "نحن رصدنا هذا الموضوع، نحتاج إلى دعم القوات في مناطق الصحراء والجزيرة الممتدة حتى محافظة الأنبار".

ودعا إبراهيم قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش العراقي إلى "تكثيف طلعاتهم وقصف مواقع التنظيم في تلك المناطق".

بالمقابل، يرد العميد الزبيدي بأن القوات الأمنية "ستنفذ مرحلة جديدة، تعتمد على عمليات تفتيش مفاجئة، واستطلاع جوي مستمر، إضافة إلى التواجد العسكري للقطعات العسكرية في الصحراء"، موضحا أن قيادة العمليات المشتركة نسّقت مع جميع الأجهزة الاستخباراتية الموجودة في عموم العراق، وباشرت بعمليات جديدة للقضاء على ما تبقى من عناصر إرهابية، معتمدة على الجهد الاستخباراتي.

ودعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل أيام إلى "ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة"، بعد هجوم انتحاري طال ساحة الطيران وسط العاصمة.

خلايا نشطة وليست نائمة

في موازاة ذلك، يعتبر عضو مجلس محافظة نينوى عايد اللويزي أن ما تبقى من عناصر التنظيم يشكلون "خلايا نشطة وليست نائمة".

ويقول اللويزي "بحسب المعلومات التي وصلتنا تعرضت مناطق إلى هجوم في جنوب الموصل، وتعرض مواطنون داخل مدينة الموصل إلى عمليات سطو واغتيالات، وقسم من المعتدين يرتدون زيا عسكريا".

ويضيف "لهذا السبب عادت إلى الواجهة الظروف الأمنية نفسها التي أدت إلى سقوط الموصل بيد داعش في 2014".

والمشكلة بحسب اللويزي أن "التحرير حرّر الأرض جغرافيا وسيطر عليها، لكن لم يتم القضاء على عناصر داعش بشكل كامل".

ويستبعد الخبير الأمني، الفريق الركن المتقاعد عبد الكريم خلف، أن تمتلك تلك العناصر إمكانية احتلال للمدن، مرجحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) انتقالها إلى تنفيذ الأعمال الإرهابية في مناطق محددة، لا تحتاج إلى عدد كبير من المقاتلين.

ويقول خلف إن معركة الجهد الاستخباري هي التحدي الأكبر "لأن القوات الأمنية ستبحث عن عناصر موجودة بيننا"، على عكس الصفحة العسكرية التي انتهت حيث كان فيها "داعش معروفا ومكشوف الأماكن والحدود".

وهو ما يؤيده المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة الذي أشار إلى وجود معلومات استخبارية تبيّن أن "داعش يحاول تجميع خلاياه النائمة لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق متفرقة"، لكنه شدّد على أن الأجهزة الاستخبارية "أفشلت العديد من الهجمات التي كان ينوي تنفيذها".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.