مركز مدينة الدجيل يلقبه السكان بـ"مدينة الشوارع المحفرة"، كون أغلب طرقاتها لا تصلح لسير السيارات وفي بعض الأحيان لا يمكن السير على الأقدام لا سيما في أوقات الشتاء.
الدجيل ليست وحيدة في المعاناة. محافظة صلاح الدين كلها تعاني نقص الخدمات وسوء الإدارة، يقول مواطنون.
مشروع تعبيد شوارع الدجيل ولد ميتا، على حد وصف عامر جاسم مجيد رئيس المجلس المحلي للقضاء كونه "جيّر لصالح جهات سياسية ومسؤولين يحاولون التربح على حساب المال العام".
وتغيرت الخطة المرسومة لهذا المشروع أكثر من مرة، فكانت المسافة المحددة للتبليط 13 كيلو مترا داخل مركز القضاء و 15 خارجه، لكن لم ينفذ منها سوى 4 كيلومتر في مركز المدينة وإثنين خارجها.
لاحقا توقف المشروع بأمر من مجلس المحافظة بحجة الموازنة، ثم أعيد العمل به دون علم الإدارة المحلية.
يوضح مجيد: "المشروع لا يخدم المدينة، فهي لا تتوفر على منظومة مجار، الأمر الذي سيؤدي إلى حفر ما تم تعبيده حال المباشرة بمشروع مجاري القضاء".
الدجيل تعاني.. من صدام إلى معارضيه
وإذا كانت مدينة الدجيل شهدت عقابا جماعيا من قبل النظام السابق بعد محاولة اغتيال صدام حسين في أطرافها عام 1982 واعتبرت مدينة منكوبة، فان حالها لم تتغير بعد وصول معارضي النظام السابق إلى السلطة، كما يقول حسين الصالح رئيس لجنة الخدمات في المجلس المحلي للقضاء.
ويغمز الصالح من قناة الحكومة المحلية بقوله "الإهمال الحكومي شبه متعمد، فالدعم الذي تتلقاه المدينة من الحكومة المركزية أفضل من دعم حكومة محافظتنا. لقد قدمت بغداد مشفى بسعة 40 سريراً".
ويرى الصحافي حسين الملا إن الفساد عطّل معظم المشاريع، موضحا "المحافظة تستقطع 10 مليون دينار من كل 100 مليون من سعر المقاولة وهذا ما يجعل المقاول ينفذ المشروع بمواصفات فنية أقل".
وعن طبيعة المشاريع في قضاء الدجيل يضيف الملا "نسبة الإنجاز من المشاريع لم تتجاوز 20% وهناك مشروعات نفذت نزولا عند إرادات بعض المتنفذين في حكومة صلاح الدين ورغم اعتراض المشرفين عليها".
مشروع مجاري بلد
وفيما تتسابق دول العالم في سرعة انجاز مشروعات مهمة تصبح دالة عليها، تتسابق الإدارات العامة في العراق على أطول زمن ممكن لإنجاز المشروعات، كما يقول المواطن سعد الخزرجي من أهالي مدينة بلد.
مشروع المجاري الكبير في بلد بدأ العمل فيه قبل أكثر من 6 سنوات، يحتاج ست سنوات أخرى حتى يكتمل..
ومبررات العنف والإرهاب حاضرة دائما في تبرير تقصير الإدارات العامة العراقية، فتقول عضو مجلس محافظة صلاح منار عبدالمطلب "ما شهدته محافظة صلاح الدين بعد العاشر من حزيران 2014 جعل مشروع مجاري بلد يتوقف بشكل كامل، وبعد انتهاء العمليات العسكرية، خصصت جميع الأموال الاستثمارية لمساعدة النازحين".
أراد أن يكحّلها فعماها
ويصدق على حال مشروع مجاري بلد المثل الشعبي العراقي والعربي "راد يكحّلها.. عماها" فيقول فاضل جعفر رئيس المجلس المحلي لمدينة بلد "المشروع عطّل الحياة في المدينة فهو من مشاريع البنية التحتية ولا يمكن إقامة أي مشروع قبل إنجازه".
انتظر أهالي المدينة سنوات كي ينجز هذا المشروع والانتقال إلى إكساء الشوارع وغيرها، إضافة إلى أن كلفة المشروع العالية جعلت موازنات المدينة تخصص له مما انعكس سلبا على الواقع الخدمي لبقية الدوائر الحكومية.
أكثر من جهة منفذة لمشروع واحد
السبب الرئيسي في تلكؤ هذا المشروع الذي يكلف 58 مليار دينار (أكثر من 50 مليون دولار) هو تكرار إحالات تنفيذه من قبل الشركات المنفذة للمشروع، بينما يؤكد عضو المجلس المحلي هاشم البلداوي "لاحظنا شبهات فساد رافقت عمل المشروع منذ انطلاقه ما جعلنا نطالب بتجزئة مراحل تنفيذه لتقليل الفساد إلا أنه لم يستجب لطلبنا".
غير أن لمديرة مركز مجاري بلد زينب أحمد، رأيا آخر "مشروع المجاري الكبير أحيل الى شركة تركية لم تستطع أنجاز وفق المدة المخصصة له لأسباب تتعلق بالشركة نفسها ما جعلها تترك العمل بعد ان أنجزت 15 % منه ليحال بعد ذلك إلى شركات عراقية أنجزت 35% من المشروع لكنها توقفت بعد أحداث صيف 2014 ".
وإذا كان المهندس المشرف على المشروع، حسين عبد الرضا يحذر من تلف المعدات بسبب العوامل المناخية، فإن المواطنين يدعون إلى "محاسبة المقصرين في المحافظة بدءا من المحافظ وصولا إلى أصغر موظف بسبب إهمالهم في تنفيذ هذا المشروع رغم صرف مليارات الدنانير عليه".