ملوية سامراء
ملوية سامراء

في مدينتي سامراء وآشور التابعتين لمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد) أكثر من 680 موقعا آثاريا، ثلثاها تقريبا غير منقب.

تمتد الخلفية التاريخية لمواقع المحافظة الأثرية إلى حقب زمنية متعددة، هنا تجد الأسود الآشورية المجنحة جنبا إلى جنب مع الزخارف العباسية وبقايا الدور من الزمن العثماني في العراق.

الآثار التي تمكنت من النجاة خلال الأزمنة والممالك المختلفة، لم تتمكن من النجاة من داعش. منطقة سورشناس الأثرية مثلا، والتي يعود تاريخها إلى العصر العباسي شهدت أحد أعنف المعارك بين عناصر داعش والقوات الأمنية.

المدينة تعرضت بفعل تبادل القذائف والصواريخ بين الطرفين إلى تدمير كبير في بنيتها القديمة.

يقول الدكتور إبراهيم حسين خلف أستاذ الدراسات الآثارية في جامعة سامراء إن المدن الأثرية في محافظة صلاح الدين "تحتل المرتبة الثانية من حيث الأهمية في العراق بعد آثار بابل".

 لكن داعش دمر أربعة مواقع آثارية مهمة في المحافظة هي بوابة آشور الأثرية والكنيسة الخضراء وسط تكريت ومدرسة الأربعين في تكريت وضريح محمد الدري في مدينة الدور، هذا غير المواقع التي تعرضت للتدمير بسبب العمليات العسكرية.

اقرأ أيضاً

تحررت مدن صلاح الدين لكن أوضاعها الحياتية.. سيئة

تريد إدارة صلاح الدين الاستفادة من الآثار الموجودة فيها لتنشيط السياحة. فوجود مرقدين لإثنين من أئمة الشيعة الإثني عشرية في المحافظة، يجعل منها قبلة ممتازة للسياحة الدينية، وإذا أضيفت المواقع الأثرية، والمناطق الطبيعية الجميلة مثل السدود والتلال، فإن الاستثمار في السياحة قد يكون ممتازا فعلا.

لكن الأوضاع الامنية القلقة وغير المستقرة تبعد السياح.

باستثناء سامراء، التجول في أي منطقة من محافظة صلاح الدين يعتبر مغامرة غير مضمونة.

أعمال بناء قرب الملوية

​​

وحتى هذه المدينة، تتحول شيئا فشيئا إلى ثكنة عسكرية كبيرة.

يقول أحمد وهو زائر خليجي "جئنا قاصدين الأضرحة المقدسة ورغبنا بأن نذهب لموقع الملوية التاريخي وهو قريب من ضريح الإمامين العسكريين، لكننا كنا في حذر شديد نظرا للمظاهر المسلحة التي شاهدناها في طريقنا وداخل المدينة، خصوصا بالقرب من الملوية، ما جعلنا نقصر ساعات الرحلة ومن ثم العودة سريعا إلى العاصمة بغداد".

إقرأ أيضاً: ​في صلاح الدين.. كيف يمكن التعامل مع الخلايا النائمة

 يؤكد الدكتور عمر عبد الرزاق محمود مدير آثار صلاح الدين أن السواح المحليين (يقدمون عادة لزيارة المراقد الدينية) يشكلون أكثر من 70 بالمئة من السياح الذين يزورون المحافظة.

لكن محمود يرى أن الأهمية الحقيقية هي للسياح القادمين من الخارج، الذين يحتاجون إلى خدمات سياحية يمكن أن تخلق مئات الوظائف في المحافظة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.