حجر أساس المدينة العلمية بالشطرة/ تصوير علاء كولي
حجر أساس المدينة العلمية بالشطرة/ تصوير علاء كولي

كان علاء كولي (31 عاما) حاضرا عندما وصل وزير التعليم العالي السابق علي الأديب برفقة عدد كبير من المسؤولين إلى قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار (جنوب العراق) حيث يقطن.

"أذكر أنه في يوم الافتتاح غصّت الشطرة بسيارات المسؤولين، كلفة طعام الضيوف كانت تكفي لبناء مدرستين نموذجيتين"، يقول كولي.

غصّ القضاء بمواكب عجلات المسؤولين، وتم وضع حجر الأساس من قبل الوزير لبناء "المدينة الجامعية في الشطرة" في احتفال مهيب.

يقول كولي لموقع (ارفع صوتك) "منذ نيسان/أبريل 2014 وحتى اليوم لا تزال المدينة العلمية عبارة عن حجر أساس متهالك البناء".

ويعرض كولي صورتين التقطهما بهاتفه النقال لمكان وضع الحجر الأساس.

موضع حجر الأساس للمدينة العلمية بالشطرة/ تصوير علاء كولي

​​

ويروي أنه خلال كلماتهم في الاحتفال، أكّد الأديب والمسؤولون المحليون أن المشروع سيضم ثلاث كليات، هي الهندسة والطب البيطري وكلية تربية بنات، لكن المشروع "أغلق ملفه ونساه الناس".

الرد الرسمي

ويرى الشاب الشطراوي أن هذا المشروع كان "مجرد دعاية سياسية"'.

وعلى الرغم من أن مشروع المدينة العلمية بالشطرة وزاري وممول من وزارة التعليم العالي، إلا أن الوزارة رفضت التعليق على الموضوع.

لم يتواصل أحد من أهالي القضاء مع أي جهة رسمية للسؤال عن مصير الجامعة.

والسبب كما يقول الشاب كولي "لو افترضنا أننا سألنا، ستكون الإجابة جاهزة، وهي لا أموال ولا تخصيصات بسبب الحرب على الإرهاب".

وفعلا، يأتي الرد من عضو مجلس محافظة ذي قار داخل راضي ليؤكد أن سبب عدم تنفيذ المشروع "الأزمة المالية".

ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك) "بسبب سنوات الحرب الأربعة ضد داعش، وتحويل التمويل لوزارات الدفاع والداخلية والصحة، توقف بناء المدينة العلمية بالشطرة".

مشاريع أخرى

ويضاف هذا المشروع إلى عشرات مشاريع البنى التحتية الأخرى المتوقفة في ذي قار، وفقا لراضي، الذي يشير إلى أن تلك المشاريع تتعلق بالبنى التحتية ومياه الشرب ومجاري الصرف الصحي، يضاف لها أكثر من 90 مدرسة، لا تزال عبارة عن هياكل.

كذلك توقف العمل بمشاريع الطرق والجسور "وهذا الملف تسبب بحوادث مميتة شبه يومية، خصوصا في السنتين الأخيرة".

ويتفق كولي وراضي على أن لهذا المشروع أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة لأن وجود صرح علمي يمكنه أن "يوظف أبناء المدينة ويحرك المدينة الراكدة التي تشهد تباطؤا واضحا في البناء وفي حركة العمل".

من جهته، يشير عضو مجلس المحافظة إلى أن مشروع المدينة العلمية يضاف له مشروع المدينة الصناعية، سيفتح أبواب العمل أمام "أفواج العاطلين عن العمل من حملة الشهادات العليا، خصوصا من يريد منهم المشاركة في المسيرة العلمية".

ويأمل الشاب كولي ألا يركن ملف المدينة العلمية على رف المشاريع المنسية، كعشرات المشاريع المتوقفة الأخرى منذ سنوات، فيما يؤكد عضو مجلس محافظة ذي قار أن المشروع "مؤجل وليس ملغى، بانتظار التنفيذ بعد تجاوز الأزمة المالية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.