السيدة ميلانيا ترامب تقدم الجائزة لـ"أم قصي" ضمن حفل وزارة الخارجية في واشنطن/وكالة الصحافة الفرنسية
السيدة ميلانيا ترامب تقدم الجائزة لـ"أم قصي" ضمن حفل وزارة الخارجية في واشنطن/وكالة الصحافة الفرنسية

"العراقيون ليس لديهم طائفية. كل من يقول طائفية هو غلطان. إنه مجرد إعلام. إحنا عراقيين وإيد وحدة "، بهذه العبارات استذكرت عليّة خلف صالح، المعروفة بـ"أم قصي" من محافظة صلاح الدين شمال بغداد، تجربة حمايتها لطلاب القوة الجوية ممن نجحوا بالفرار من مجزرة (سبايكر) الجماعية على يد تنظيم داعش قرب تكريت منذ حوالي أربع سنوات.

ويأتي حديث أم قصي هذا على خلفية تكريمها من قبل الخارجية الأميركية حيث جاءت في قائمة أشجع عشر نساء في العالم بسبب حمايتها لهؤلاء الشبان وتعريض نفسها وعائلتها للخطر.

أثناء حفل توزيع الجوائز

​​ماذا حدث في سبايكر؟

في 12 حزيران/يونيو 2014، داهم عناصر تنظيم داعش الطلاب العسكريين أثناء خروجهم من قاعدة سبايكر. فأسرهم، وقام باقتيادهم إلى مجمع القصور الرئاسية الواقع على ضفة نهر دجلة. وبعدها قتلهم وألقى بجثث بعضهم في نهر دجلة، بينما دفن آخرون في مقبرة جماعية.

وبلغ عدد الضحايا نحو 1700 شخص.

نشر التنظيم مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للتباهي أمام العالم بما فعله بالطلاب العسكريين قرب تكريت.  

قامت أم قصي بإخفاء الطلاب الناجين من قبضة التنظيم في منزلها ومن ثم أخرجتهم من المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم من خلال نقلهم على وجبات متخفين بين أبنائها وبناتها.

تصف أم قصي في حديثها لقناة الحرة أصعب اللحظات التي مرت بها في تلك الفترة  "في اللحظة الأخيرة عندما نقلتهم في سيارتي إلى جانب بناتي إلى كركوك، كنا نواجه الإرهاب كل 20 مترا من هذا الطريق. كنت أتوقع أن يذبحوني أنا وجميع من معي. لكن الله لطف وعبرنا".

تقول أم قصي "الحقيقة أنا لم أكن أتوقع الجائزة. عندما ساعدت الطلاب لم أكن أبحث عن إعلام أو جوائز. سويتها لله لأننا عراقيين وهذا من شيمنا". وتضيف "أكرمني الله بجائزة وأفتخر بها لبلدي".

​​

ماذا حدث بعدها؟

خرج أهالي الضحايا إلى الشارع للمطالبة بمحاسبة الفاعلين الذين تخلوا عن حماية الطلاب.

لماذا لا يزال مصير ضحايا هجوم سبايكر مجهولا؟

وبعد فترة قالت السلطات العراقية إنها قبضت على 47 متهماً بالقضية، حكمت بإعدام 40 منهم، وفق قانون مكافحة الإرهاب العراقي.

وأفرجت المحكمة عن السبعة الباقين لعدم كفاية الأدلة بضلوعهم في الحادثة.

وتم التأكد من وجود رفاة العديد من العسكريين في مقبرة في منطقة القصور الرئاسية، بينما لم يتم التأكد من هوية جثث آخرين ألقى داعش بهم في النهر. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.