لا يمر يوم إلا وقوات الأمن العراقية تعلن القبض على مروج مخدرات
لا يمر يوم إلا وقوات الأمن العراقية تعلن القبض على مروج مخدرات

متابعة: ارفع صوتك

في مراجعة لموقع شرطة محافظة بابل، نتوقف عند سيل من أخبار القبض على أعضاء "عصابات" أو أفراد متهمين بالاتجار بالمخدرات، حتى يحيل هذا إلى سؤال: من أين جاءت كل هذه المخدرات إلى بابل والعراق عموما الذي ظل إلى حين قريب "نظيفاً" من المخدرات؟

وأفادت إحصائية مستشفى الرشاد للأمراض النفسية والعصبية في بغداد، بأن نسبة المراجعين المدمنين للمخدرات زادت عن 70 في المئة خلال 2016، وبأن التعاطي الذي كان على صعيد الشباب والراشدين، صار الآن على صعيد المراهقين والأطفال أيضا، وبأن أنواع مخدرات لم تكن معروفة في العراق صار الشباب يتعاطونها.

في قصة صحافية سابقة نشرها موقعنا، ثمة إشارة عن "تركيز شبكات ترويج المخدرات في مدن وسط العراق وجنوبه على الشباب وكونهم " الأكثر استهدافا من قبل تجار المخدرات" كما يقول مدير الصحة النفسية في بابل، الدكتور حيدر جابر عباس، مؤكدا "حرب المخدرات هي الوجه الثاني لداعش".

بعد نحو 3 أشهر على نشرنا تلك القصة، تصاعدت وتيرة عمليات القبض من قبل شرطة بابل على متهمين بترويج المخدرات، أفرادا وعصابات، ففي التاسع من نيسان/أبريل الجاري أعلنت قيادة شرطة بابل "اعتقال مروج للمخدرات" في عملية أمنية جرت شمالي المحافظة مركزها مدينة الحلة (100 كم جنوب العاصمة بغداد).

وقال المتحدث باسم القيادة العقيد الحقوقي عادل الحسيني إن "قوة أمنية مشتركة من شعبة الجريمة المنظمة والأمن الوطني اعتقلت أحد مروجي المخدرات متلبساً وبحوزته (500 قرص مخدر) في قضاء المحاويل (30 كم شمالي مدينة الحلة) بعد متابعة ورصد ميداني".

وكانت شرطة بابل اعتقلت مؤخرا العديد من مروجي المخدرات في عمليات جرت بمناطق متفرقة من المحافظة، وعادت لتكشف عن "تنفيذ 37 مذكرة أمر قبض بحق مطلوبين للقضاء في عموم أنحاء المحافظة، فيما اعتقلت متهما آخر بالجرم المشهود لحيازته أقراصا مخدرة وسط الحلة".

قبل ذلك أعلنت قيادة شرطة محافظة بابل، القبض "على مروج للأقراص المخدرة والمؤثرات العقلية بعد استدراجه من خلال كمين نصب له في أحد الاحياء وسط مدينة الحلة".

المروّج الذي تم اقتياده إلى مركز احتجاز أمني للتحقيق معه، "اعترف بحيازته للأقراص المخدرة بقصد الاتجار".

وبعد كل عملية دهم واعتقال تؤكد شرطة بابل أنها تتخذ "إجراءات وقائية مشددة للحد من هذه الظاهرة حفاظا على أهالي المحافظة"، عبر اعتقال العديد من مروجي ومتعاطي المخدرات والحبوب المخدرة وضبط كميات كبيرة منها .

فقد قامت مفارز مكتب مكافحة المخدرات باعتقال متهم لحيازته أقراصا مخدرة ونقلته إلى أحد مراكز الاحتجاز لاستكمال باقي الإجراءات القانونية تمهيدا لعرضه على السلطة القضائية.

وتنشط شبكات توزيع المخدرات في "مناطق السكن العشوائية، كونها غائبة عن الرقابة" كما يوضح مدير "منظمة بابل لحقوق الإنسان" علي السعيدي، مؤكدا أن هذه الخلاصة جاءت ضمن "دراسة تم إعدادها من قبل المنظمة، كانت ترتكز على التجوال الميداني في المناطق الشعبية الفقيرة، بشكل سري، خوفا من التعرض للأذى من قبل مروجي المخدرات والذين يشكلون في واقعهم عصابات أو مافيات منظمة ومرتبطة بمجاميع من المستفيدين والمتاجرين".

ويكشف السعيدي "من خلال الدراسة وجدنا أن الأحداث من عمر 12 إلى 15 عاما يتعرضون لخطر التعاطي، ناهيك عن الاستغلال الجنسي نتيجة الاستعمال المستمر للمواد المخدرة".

ويقول الباحث في مجال التعليم ورئيس جمعية الثقافة للجميع عبد جاسم الساعدي، إن تسلل المخدرات إلى المدارس سبب واضح لتسرب أعداد من الطلبة إلى الشوارع والأسواق والمقاهي مما زاد من معدلات الجهل والأمية في البلاد.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.