ما أبقاه داعش لأهالي صلاح الدين
ما أبقاه داعش لأهالي صلاح الدين

مساجد هدمت ومدارس ومنازل نالها الخراب وبنى تحتية ضربت. ذلك ما خلّفه تنظيم  داعش في عدد من أقضية محافظة صلاح الدين، بعد ان قتل وهجّر عوائل هذه المناطق خاصة من رفض الانصياع له.

"بقي المواطن النازح بلا عمل أو مصدر رزق، وتقدّر خسائر أصحاب المصالح بألف إلى ألفي دولار شهريا، وهي "مستمرة بازدياد حتى بعد رجوعهم إلى مناطقهم كون أغلب مصادر رزقهم مدمرة وبعضها أحرق، كالمزارع والمحال التجارية"، يقول نائب محافظ صلاح الدين اسماعيل الهلوب.

الفساد ينهب أرزاق العائدين

وعاد آلاف النازحين إلى تكريت والقرى التابعة لها، فـ"عملنا على إيصال الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية والمحلية، لمساعدتنا في توفير الخدمات الضرورية للعائدين"، يضيف نائب المحافظ.

ويتهم الهلوب "متنفذين في السلطة" بمساومة منظمات الإغاثة مقابل منحها فرصة تقديم الخدمات للنازحين، موضحا "رغم محاولتنا منع الفساد لكن حصل العكس، فجوبهت منظمات بوضعها على (القائمة السوداء) بعد رفضها إشراك شخصيات متنفذة ضمن عملياتها".

90 بالمئة تدمير؟

ويحدد عضو مجلس صلاح الدين، خزعل حمادي مناطق محافظته بحسب نسب تدميرها:

*مناطق تصل نسبة تدميرها إلى 100% مثل قرى تابعة لناحية ينكجة التابعة لقضاء طوز خورماتو.

*مناطق تتجاوز نسبة تدميرها 90% وهي قضاء بيجي، ناحية عزيز بلد، مدينة سليمان بيك التابعة لقاء طوزخورماتو  ومنطقة الزوية.

* مناطق تتراوح نسبة تدميرها من 40% الى 50%، وهي المسحك والدور وتكريت.

* مناطق لم تتجاوز نسبة تدميرها 20% هي قضاء الشرقاط وناحية العلم وقرى متفرقة شرق المحافظة وغربها.

ويوضح حمادي "معظم الدمار كان في دور المواطنين، والذين عادوا من النزوح سكنوا في خيم بحدائقهم بيوتهم المهدمة".

ومن الصور التي تحمل تكثيفا عاليا لنتائج سيطرة تنظيم داعش الإرهابي:

* تدمير 1267 منزلًا بشكل كامل في 7 قرى محيطة بطوز خورماتو وآمرلي.

* هناك 3500 منزل مدمر من أصل 4000 منزل مملوكة للنازحين العائدين في ناحية عزيز بلد لوحدها.

وحملت رئيسة لجنة الخدمات في مجلس صلاح الدين، أميرة البلداوي على الحكومة الاتحادية في وصول الخدمات بالمحافظة إلى حال "الانهيار التام"، عبر توقف أكثر من 80% من المشاريع الخدمية والاستراتيجية في مناطق باتت بين مدمرة ومنكوبة.

وطالب قائممقام قضاء بيجي محمد الجبوري المنظمات الدولية والحكومة العراقية بــ"تقديم مشاريع رصينة بمستوى بناء دور واطئة الكلفة وإعمار البنية التحتية".

خيمة بلاستيكية أشبه بالكرفان لكل عائلة

وتراجعت أعداد النازحين في صلاح الدين خلال الأشهر الماضية مقارنة بما كانت عليه في حزيران 2014 عندما احتل داعش كثيرا من مناطق المحافظة.

وبيّن مدير مكتب وزارة الهجرة والمهجرين في صلاح الدين فزع محمد أن "عدد النازحين المسجل لدينا كان 16204 عائلات، عاد منها 7355 عائلة".

لكن خالد محجوب، مسؤول مكتب الهجرة في جنوب صلاح الدين يقول "عاد أكثر من 75 في المئة إلى مناطقهم المتمثّلة بناحية يثرِب و عزيز بلد والجويزرات وغرب سامراء".

وعن الدعم للنازحين يوضح محجوب "بالتنسيق مع وزارة الهجرة والمهجرين ومنظمات دولية، زودت كل عائلة بخيمة بلاستيكية أشبه بالكرفان".

كنت أغنى من برلماني

محمد الجبوري (30 عاماً)، وهو أب لثلاثة أطفال، من سكنة قضاء بيجي، يقول "أنا موظف في سلك الداخلية، وخوفاً من داعش هربت مع عائلتي الى كركوك، ومنذ سبعة أشهر عدنا إلى بيجي. داعش فجر بيتي والآن أعيش أنا وعائلتي في غرفة بنيتها من البلوك/ حجر الأسمنت".

الحاج خليل المزروعي (63 عاماً)، من سكنة منطقة عزيز بلد، يقول "أنا متزوج من ثلاثة نساء ولدي 12 ولداً، وكنت  أغنى من البرلماني، حين كان لدي 100 رأس من الأغنام والأبقار سرقت ونهبت كلّها، ومزارعي أحرقت ودمرت .الْيَوْمَ أبحث عن أحد يساعدني".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.