نازحة أيزيدية في مخيم بمحافظة دهوك/ وكالة الصحافة الفرنسية
نازحة أيزيدية في مخيم بمحافظة دهوك/ وكالة الصحافة الفرنسية

مئات الآلاف من الأيزيديين تشردوا بسبب داعش. تعرّضوا لكافة الانتهاكات، وما زال مصير مئات منهم معلقا بيد داعش.

تصف وزارة الهجرة والمهجرين الانتهاكات التي تعرض لها الأيزيديين على يد عناصر داعش بأنها "ترقى إلى جرائم حرب".

ووفقا للمتحدث باسم الوزارة، ستار نوروز، فإن للأيزيديين "خصوصية لدى وزارة الهجرة والمهجرين بسبب ما تعرضوا له من أذى".

ويوضح نوروز في حديث لموقع (ارفع صوتك) "أول خطوة قامت بها الوزارة هي توفير مخيمات لإيواء النازحين الأيزيديين قرب مناطقهم الأصلية".

ومخيمات النزوح هذه أقيمت بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان ومحافظة دهوك، بحسب نوروز.

يؤكد نوروز أن الوزارة مستمرة بتقديم المساعدات والخدمات الطبية والغذائية للنازحين، لافتا إلى أن هناك قرار من اللجنة العليا لإغاثة وإيواء العوائل النازحة بمنح كل مختطفة محررة "مبلغ مليوني دينار كمنحة".

عائلات أيزيدية نازحة تعبر الحدود العراقية/ وكالة الصحافة الفرنسية

​​لكن وليس بعيدا عن المناطق التي يتحدث عنها نوروز، وتحديدا على قمة جبل سنجار، تسكن 2000 عائلة أيزيدية الخيام.

الخدمات في هذا المخيم، المعروف باسم "سردشتي"، تكاد أن تكون معدومة.

فالمياه من الآبار، والكهرباء من مولدات وألواح شمسية صغيرة تبرعت بها منظمات خيرية غير حكومية، ومعظمها معطل الآن، وكذلك الحال في الجانب التعليمي والصحي.

وتقول الناشطة المدنية الأيزيدية سراب الياس في حديث لموقع (ارفع صوتك) "يصعب توفير الخدمات الغذائية والصحية في المخيم، بسبب موقعه على قمة الجبل".

ويرفض الأيزيديون النزول من الجبل النائي رغم مرور أكثر من عامين على تحرير قراهم لعدة أسباب، أبرزها دمار منازلهم والبنى التحتية في مناطقهم الأصلية.

وفيما يخص قرار منح الأيزيديات الناجيات من داعش مبلغ مليوني دينار، يؤكد مدير عام الشؤون الأيزيدية في وزارة الأوقاف خيري بوزاني "تسلم عدد من الأيزيديات للمنحة، لكن عددا آخر لم يتسلمنها"، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن المبلغ كان "يعادل 1700 دولارا أميركيا".

​​​ملف المفقودين

من جهة ثانية، يفيد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين ستار نوروز بتشكيل لجنة من عدة وزارات بينها الهجرة وبتوجيه من رئيس الوزراء للتحري عن المختطفين من الايزيديين.

ويقول "تم وضع خطة التحرك في هذا الموضوع، بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان".

وتشير آخر إحصائية للوزارة إلى أن أكثر من "3100 أيزيدي ما زالوا مفقودين ومجهولي المصير"، وفقا لنوروز الذي يتوقع أن يكون "عددا منهم في المناطق التي نشط فيها داعش مؤخرا كجبال مكحول وحمرين، وخصوصا الأطفال، لكن لا نستطيع التأكيد لأننا في طور التحقيق".

فيما يعتبر الحقوقي المختص بالشأن الأيزيدي والأقليات، صائب خدر، أن موضوع المفقودين بحاجة إلى جهود دولية لمعرفة مصيرهم وتخليص من لا يزال تحت قبضة التنظيم.

​​ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك) "نسمع أن بعضهم في سورية وآخرين في تركيا، وحتى في سيناء بمصر".

ويقول "تحدثنا أكثر من مرة مع الحكومة العراقية من أجل تفعيل المخاطبات الدبلوماسية مع بعض الدول. ووعدتنا الحكومة بالتحرك لكن لم نجد أي جدية في التحرك".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.