ديزي الأمير 1935-2018
ديزي الأمير 1935-2018

علي عبد الأمير

تكاد سيرة القاصة والكاتبة العراقية الرائدة ديزي الأمير التي رحلت في مدينة هيوستن الأميركية قبل أيام عن 83 عاماً، تتضمن جوانب مهمة من سيرة الحداثة العراقية ثقافياً واجتماعياً، فهي تلقت دراستها الابتدائية في مدرسة البتاويين ببغداد والإعدادية والثانوية في المدرسة المركزية للبنات، ثم دخلت دار المعلمين العالية في جامعة بغداد، فنالت منها بكالوريوس اللغة العربية وآدابها عام 1955، كما نالت الدبلوم في اللغة الإنكليزية من جامعة كمبردج البريطانية العريقة.

مسارها هذا، كان انعكاسا طبيعيا لمسار دولة كانت تسعى نحو الحداثة، بعد أن اسقطت الأسوار امام تعليم البنات وتحريرهن، بل في دفعهن للعمل في المؤسسات الحكومية والعامة، فعلمت بعد تخرجها في التعليم الثانوي، فدرّست عشر سنوات في إحدى المدارس الإعدادية للبنات، ثم في دار المعلمات، بالبصرة. وتحولت لاحقاً إلى المؤسسة الدبلوماسية العراقية، فعملت سكرتيرة للسفير العراقي في بيروت من عام 1964 حتى عام 1969 ثم معاونة للمستشار الصحفي، فمديرة للمركز الثقافي العراقي في بيروت.

وما إن تعرض مسار الحداثة العراقية للتعثر تارة والتوقف تارة أخرى بدءاً من ستينيات القرن الماضي، تعرضت ديزي الأمير المولودة عام 1935 لأب عراقي هو الطبيب ميرزا الأمير، وأمّ لبنانية هي وداد تبشراني، إلى عثرات نفسية واجتماعية، فقد تبددت أحلامها بنهاية سعيدة لقصة حب جمعتها مع الشاعر اللبناني خليل حاوي (انتحر 1982)، ثم فشل زواجها من الأديب حبيب صادق رئيس المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، فهي لم تجد غير الضغوط والألم، بل التهديد والخطر الجدي كما في عيشها ببيروت طوال سنوات الحرب اللبنانية.

تقول الشاعرة والناشطة العراقية في مجال الحريات والعمل الإنساني، أمل الجبوري، إن الراحلة الأمير، كانت مثالاً رفيعاً على حيوية ثقافية واجتماعية للمرأة العراقية، بعيداً عن كل ألوان التعصب والتشدد والهويات الفرعية القاتلة فقلة قليلة تعرف إن ديزي الأمير هي مسيحية من البصرة.

وأوضحت الجبوري في حديث إلى موقع "إرفع صوتك" إن صاحبة كتاب "في دوامة الحب والكراهية" نالت مكانةً مميزة عبر سيرة من العمل الثقافي والإنساني الرفيع عراقياً وعربياً، و "هو ما دفعني إلى تنظيم حفل تكريم لها ببيروت عام 2009 حين كنت أتولى إدارة مركز "ديوان- حوار الشرق والغرب"، وفيه كشفت الأمير عن إحساس بالحزن والمرارة فقد باحت بمشاعر الألم نتيجة النسيان والإهمال الذي قوبلت به من المؤسسات الرسمية العراقية، رغم خدمتها الطويلة للبلاد".

تستدرك الجبوري "لا غريب أن يموت المبدع العراقي غريباً ومنسياً فقد سبق ديزي الأمير كثيرون، وسيكون هناك غيرها كثيرون أيضا".

وإذا كانت أول مجموعة قصصية للراحلة ديزي الأمير حملت عنوان "البلد البعيد الذي تحب" وصدرت العام 1964، فهي تبدو قبيل موتها وقد تطابقت مع ذلك العنوان، فبلدها الذي تحب قد صار بعيداً، ومدينتها البصرة التي شهدت حيويتها الثقافية والتربوية وهي شابة، قد صارت بعيدة جداً.

للراحلة ديزي الأمير سبع مجموعات قصصية هي:

1- البلد البعيد الذي تحب 1964.‏

2- ثم تعود الموجة 1969.

3- البيت العربي السعيد 1975.

4- في دوامة الحب والكراهية 1979.

5- وعود للبيع 1981.

6- على لائحة الانتظار 1988.

7- جراحة لتجميل الزمن 1996. 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.