في ناحية جديدة الشط بمحافظة ديالى العراقية، تنتصب جدارية تحمل صورتين، للمرشدين السابق والحالي لإيران، الخميني وخامنئي.
أقام النصب المرتفع على نحو خمسة أمتار "الإعلام الحربي" التابع لهيئة الحشد الشعبي.
على مواقع التواصل الاجتماعي، تداول ناشطون ومغردون صورا للجدارية، مع تعليقات حمل معظمها انتقادات للنصب.
أمّا على أرض الواقع، فينتقد فلاح الزيدي ما وصفه بـ"التعامل بمكيالين من قبل حكومة ديالى المحلية"، في موضوع إقامة النصب.
فلاح الزيدي، وهو موظف حكومي وشاعر في العقد الرابع من عمره، قال في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "ديالى تزخر بشخصيات أدبية وعلمية وسياسية كثيرة، هل ستسمح لنا حكومة ديالى نصب أعمال تخليدية لهم؟".
واستدرك "لن تسمح إلا إذا كانت الشخصية تحمل مولاة لإيران وفصائل الحشد".
يقيم فلاح في بعقوبة وسط ديالى، وينتقد من وصفهم بالمليشيات الإيرانية، كونهم "يطالبون بإزالة نصب تاريخية مثل جعفر المنصور الذي بنى بغداد، ويقيمون نصب ولوحات لشخصيات حاربت العراق وكانت سببا في قتل مئات الآلاف من أبنائه".
النصب في القانون
رسميا، لا يوجد قانون صريح ينظم مسألة إقامة النصب والتماثيل، بل يكتفي بتعليمات صادرة عن لجنة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة الثقافة وأمانة العاصمة، في بغداد، وأمانة مجلس الوزراء ووزارتي الثقافة والبلديات والحكومات المحلية في المحافظات، وفقا لعضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي.
وتضع تلك التعليمات شروطا للشخصية المراد عمل النصب لها، من ضمن تلك الشروط أن تكون "الشخصية عراقية وليست أجنبية"، وشروط أخرى تتعلق بـ"الجهة المنفذة وطريقة التنفيذ".
كما تشمل الشروط "إقامة مسابقة لاختيار أفضل تصميم للنصب يشارك فيه فنانون معروفون"، وينفذ بمواد "معدنية أو حجرية معينة".
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة أياد العنبر أن المرتكزين الأساسيين لإقامة النصب واللوحات الاستذكارية "غائب تماما".
ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "فلسفة النصب والصور تأتي عن ذاكرة جماعية لرمز يحمل هوية وطنية، وهذين الضابطين الأساسيين لإقامة النصب".
قصدك انتقد تدخلات ايران في العراق مثل إنتقادي لإنشاء نصب بملايين الدولارات لصور السيد خامنئي في ديالى من خزينة الدوله العراقيه المقترضه132مليار دولار والشعب يموت جوعاً ومرضاً،،
وشكراً للاهتمام???? pic.twitter.com/NyzzMP41s7
في ديالى فقط، يوجد أكثر من عشرة نصب لشخصيات دينية إيرانية، أبرزها في معسكر أشرف، وأزال الستار عنها قبل أيام أمين عام منظمة بدر هادي العامري.
كما يوجد نصب آخر قرب مديرية صحة ديالى وسط بعقوبة، ولوحة للخميني قرب قيادة شرطة المحافظة ومجلسها، فضلا عن عدد من اللوحات في قضاء الخالص وقضاء المقدادية.
ولم نتمكن حتى لحظة نشر المقال من الحصول على تعليق رسمي للمسؤولين المحليين في المحافظة على موضوع إقامة اللوحات والنصب لشخصيات إيرانية، "لحساسيته وخطورته"، على حد قول عدد منهم.
لكن القيادي في هيئة الحشد الشعبي بديالى جبار المعموري يدافع عن موضوع إقامة نصب لقيادات إيرانية، معتبرا أنها "جزء من الشكر" لشخصيات ساهمت في "تحرير العراق من تنظيم داعش".
ويقول المعموري في حديث لقناة "الحرة عراق" إن "الإمام الخامنئي يعتبر الأب الروحي للعراقيين".
من المستفيد؟
هذه النصب واللوحات تصرف عليها مبالغ مالية كبيرة، وهنا ثمة سؤال يطرح، من المستفيد من صرف تلك الأموال على إقامة نصب الشخصيات الإيرانية؟
يرجح الشاعر الزيدي أن لا علاقة لإيران بمثل تلك النصب، وأن ما يحصل هو نوع من "تملق المجاميع المسلحة والأحزاب الموالية لإيران، من أجل الحفاظ على دعم الأخيرة لها".
ويؤيد العنبر ما ذكره الزيدي، مضيفا "بعض الشخصيات تحاول إثبات ولائها للخارج أكثر من الداخل هي التي تحاول استثمار مثل هذه القضايا".
شق الصف وإثارة الفتنة
ويسعى المسؤولون عن إقامة نصب الشخصيات الأجنبية أو الإيرانية على وجه الخصوص إلى "استفزاز الآخرين وإن كانت تصرفات فردية"، وفقا للعنبر، الذي يشكك حتى في "مصدر الأموال التي تصرف في إقامة اللوحات والنصب".
ويتابع أن تلك القوى سواء السياسية أو المسلحة تعمل على "شق الصف وإثارة الفتنة والجدل من أجل اشغال الساحة بهذه السجالات على حساب ملفات الفساد والخطر الأمني وأمور وتتعلق بإدارة المحافظة من قبل جماعات خارجة عن نطاق الدولة".
أبتليت محافظة #ديالى بمجاورة #إيران وأصبحت حدودها البرية بوابة لدخول المخدرات والعصابات والمواد منتهية الصلاحية والفاسدة إضافة للسلاح بانواعه وبسبب هيمنة جهات تتبع لإيران على المحافظة صار من الطبيعي رؤية صور #خامنئي في الساحات العامة#العراق#iraq#iranpic.twitter.com/DuHFAyWUZh
في مثل هذا اليوم من كل عالم يحتفل العالم بيوم السلام العالمي الذي تُوجّه في الدعوة لإحياء السلام وترسيخ ثقافة اللاعنف والتوقف عن القتال في جميع الجبهات المشتعلة ولو لفترة مؤقتة.
للأسف فإن العالم اليوم أبعد ما يكون عن الأحلام الوردية التي تروّج لها هذه الذكرى، فما أكثر الحروب والنزاعات العسكرية التي يشهدها العالم هذه الأيام.
حرب أوكرانيا
منذ 2014 اشتعل غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوكرانيا بعد تنصيب حكومة موالية للغرب فأمر بضمِّ شبه جزيرة القرم إلى بلاده ودعّم الحركات الانفصالية في منطقة دونباس. خفتت هذه الأزمة جزئياً بعد توقيع اتفاقية سلام "ميسنك" بين البلدين والتي أذعنَ فيها الأوكرانيون كثيراً للشروط الروسية.
في 2019 وصل فولوديمير زيلينسكي إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا ووعد بإحلال السلام في المنطقة لكنه أثار غضب بوتين بسبب سعيه الحثيث نحو التعاون العسكري مع أوروبا علاوة على رغبته في الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما اعتبره بوتين خطاً أحمر لن يسمح للغرب بتجاوزه فأمر بشنِّ حربٍ على أوكرانيا في نهاية العام الماضي.
رغم أن الجيش الأوكراني أثبت كفاءة أكبر من التي توقّعها بوتين في التصدّي للغزو فإن روسيا حتى الآن نجحت في احتلال مساحات شاسعة من الأراضي شرق أوكرانيا ودمّرت قاعدة ضخمة من البنى التحتية الأوكرانية الأمر الذي أدّى لانقطاع الكهرباء والماء عن أماكن كثيرة في البلاد.
في غياب الأرقام الرسمية يصعب تحديد الخسائر بشكل دقيق لكن وفقاً لأغلب الإحصائيات فإن هذا الصراع أدى إلى هجرة 8 ملايين أوكراني إلى أوروبا ونزوح 6 ملايين آخرين داخلياً فضلاً عن مقتل آلاف الأشخاص.
اليمن
على الرغم من توقيع اتفاق هدنة بين الأطراف المتصارعة في أكتوبر من العام الماضي فإن مسبّبات الحرب الرئيسية لا تزال تسيطر على الساحة اليمنية وتُنذر بالتفجير في أي وقت.
فمنذ تمرد الحوثيين على رئيس البلاد عبدربه منصور في منتصف 2014 ونجاحهم في الاستيلاء على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي شمال غرب اليمن ردّت السعودية بإطلاق العملية العسكرية "عاصفة الحزم"، والتي لم تنجح في حسم الصراع اليمني بل ساهمت في تعقيده وامتدَّ الصراع إلى الأراضي السعودية ذاتها عقب قصف منشآت "أرامكو" النفطية. أملاً في حلحلة الأزمة اضطر الرئيس منصور إلى الاستقالة والتنازل عن صلاحياته لمجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي.
ورغم جمود الوضع الحالي واستمرار معاناة اليمنيين من "الألغام" السياسية في بلادهم فإن السعودية سارت شوطاً بعيداً في سعيها لإنهاء حالة الحرب الدائرة منذ 8 سنوات تقريباً حتى أقامت في الفترة القريبة الماضية مفاوضات مباشرة بينها وبين الحوثيين لحلِّ جميع النقاط الخلافية بين الطرفين وصفتها بـ"الإيجابية والبنّاءة" ما يبشر بقُرب انتهاء تلك الحرب.
أرمينيا وأذربيجان
تعيش أذربيجان وأرمينيا صراعاً منذ 3 عقود بسبب رغبة كل منهما السيطرة على اقليم "ناغورني كراباخ"، واندلع آخر قتال بين البلدين في 2020 ودام قرابة 6 أسابيع.
تعود جذور هذا الصراع إلى عشرات السنوات الماضية بسبب التنافس القديم على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والأذريين المسلمين منذ أن كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي وعقب سقوطه اشتعلت أعمال عنف وحشية بين الطرفين.
السودان
منذ أبريل الماضي اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) متسببين في مقتل 7500 فردٍ ونزوح 7.1 مليون فرد من بينهم 3.3 مليون طفل بحسب تقديرات أممية.
هجومٌ فشلت في إنهائه جميع الوساطات الدولية التي تدخّلت لحل الأزمة وظلَّ مستمراً حتى أيامٍ قريبة مسفراً عن احتراق واحدٍ من أكبر أبراج العاصمة الخرطوم وأكثرها شهرة.
وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات عن التصعيد العسكري أعلنت السُلطات الصحية خروج جميع المستشفيات الرئيسية في الخرطوم ودارفور عن الخدمة.
ووفقاً للإحصائيات فإن 72% من سكان الخرطوم نزحوا عنها بسبب استمرار الأعمال العسكرية داخلها.
أوضاعٌ مأساوية تغيب الإرادة الدولية عن حلّها إذ لم يتم تمويل إلا 26.4% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية المطلوبة لمساعدة ضحايا الحرب.
وفي كلمةٍ لها هذا الشهر حذّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو من أن 6 ملايين سوداني باتوا "على بُعد خطوة واحدة من المجاعة" وأن استمرار هذه الحرب يهدد بـ"إغراق المنطقة في صراعٍ أوسع نطاقاً".
جمهورية أفريقيا الوسطى
تعاني هذه الدولة الأفريقية من حروبٍ أهلية ضارية وانقلاباتٍ عسكرية متتالية مزّقتها لعقودٍ منذ استقلالها عن فرنسا قي 1960، تسببت في حرمان أغلب سكانها من جميع الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والرعاية الصحية حتى وُصفت بأنها أحد "أكثر دول العالم اضطراباً".
ومنذ شهرين أجرى فوستين أرشانج تواديرا رئيس البلاد تعديلاً دستورياً لإطالة مُدة فترته الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات وإلغاء عدد الولايات الأقصى، تعديلات دستورية لم يتورّع أنصار الرئيس الحالي عن استخدام أقصى درجات الترهيب لضمان نسبة موافقة كاسحة عليها.
في 2013 فقد تواديرا منصبه كرئيسٍ للوزراء بسبب انقلابٍ عسكري انتهى خلالٍ عامٍ بتدخل عسكري مباشر من فرنسا لتولّى الحُكم في بلدٍ يموج بالاقتتال الأهلي والعرقي.
ومنذ 2018 نشرت شركة "فاجنر" الروسية ألفي مقاتل تابعين لها بدعوى المساهمة في تهدئة الاقتتال الأهلي وفي المقابل سيطرت على بعض مناجم الذهب ومناطق مليئة بالأخشاب النادرة. بل وإن آخر صور التُقطت ليفغيني بريغوجين كانت خلال زيارة له إلى أفريفيا الوسطى لتفقد أعمال شركته بها ومنها رحل إلى موسكو حيث استقلَّ طائرة كان مفترضاً أن تتجه به إلى بطرسبورج لكنها تحطّمت في منتصف الطريق وأودت بحياته.
هذا البقاء الطويل في السُلطة لم يجلب الاستقرار إلى أفريقيا الوسطى ولم تتوقف فيها أوضاع العنف، هذا العام استهدفت الأمم المتحدة مساعدة 2.4 مليون متضرر لكنها لم تتحصّل إلا على 36% فقط من تمويل نفقاتها.
ميانمار
في فبراير 2021 شهدت ميانمار انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكومة المدنية وكان بداية لسلسلة من أعمال العنف والاقتتال الأهلي لم تنقطع حتى اليوم قُتل فيها قرابة 4 آلاف فرد وسُجن 20 الفاً بسبب معارضتهم للسُلطة العسكرية الحاكمة.
في بداية هذا الشهر ألقى نيكولاس كومجيان رئيس فريق التحقيق الأممي في انتهاكات حقوق الإنسان كلمةً أكد فيها أن جيش البلاد ارتكب فظائع ضد المدنيين في البلاد شملت القصف العشوائي للمظاهرات وحرق المنازل وإعدام المعارضين.
#Myanmar: "The frequency & intensity of war crimes & crimes against humanity has only increased in recent months."
Nicholas Koumjian, Head of the Independent Investigate Mechanism for Myanmar, describes the dire state of the country to the @UN Human Rights Council.#HRC54pic.twitter.com/p99QZcmvMH
— United Nations Human Rights Council | 📍 #HRC54 (@UN_HRC) September 11, 2023
شكّل معارضو هذا الانقلاب حكومة موازية عُرفت بِاسم حكومة الوحدة الوطنية المدنية، التي لم تكتفِ بالاحتجاجات السلمية وإنما شكّلت قوات عسكرية أعلنت "الحرب الدفاعية الشعبية" ضد المجلس العسكري للبلاد، ومنذ عام أعلن القائم بأعمال الحكومة أن القوات التابعة له سيطرت على نصف مساحة ميانمار.
أعادت هذه الممارسات التذكير بالتكتيكات الوحشية التي اّبعها جيش البلاد تجاه الأقلية المسلمة من الروهينجا والتي يُعتقد أنها تسببت في مقتل 10 آلاف فرد وإحراق 300 قرية وإجبار 70 ألف نازحٍ على الفرار إلى بنجلاديش.
الصومال
رغم الإطاحة بحركة الشباب الإسلامية من الحُكم منذ 15 عاماً تقريباً إلا أنها لم تتوقف قطُّ عن تنفيذ هجمات إرهابية بحق جنود الجيش الصومالي كما نجحت في فرض سيطرتها على مساحات شاسعة من الريف.
وتتلقّى الحكومة المحلية دعماً أمريكياً كبيراً في هذه الحرب المستعرة منذ سنوات آخرها إدراج وزارة الخارجية الأمريكية 5 من قيادات الحركة على لوائح الإرهاب الدولية.
شهد هذا العام موجات من الكر والفر في الصراع الأهلي الدائر بين الجيش الحكومي والميليشيات الإسلامية المتطرفة؛ في مايو هاجم مسلحو الحركة قاعدة يسيطر عليها جنود أوغنديون تابعون لقوة الاتحاد الأفريقي متسببين في مقتل 54 جندياً على الأقل، بعدها بشهر تبنّت الحركة هجوماً على فندقٍ في قلب العاصمة انتهى بمقتل 3 من رجال الأمن و6 مدنيين، وفي 20 أغسطس الماضي ردَّ الجيش الصومالي على هذه الهجمات عبر تنفيذ عمليتين عسكريتين أسفرتا عن مقتل 50 عنصراً من حركة الشباب لتستمرُّ المعركة بين الطرفين دون حسم.
بالإضافة إلى الصراع الفلسلطيني- الإسرائيلي المستمر منذ ما يقرب من 75 عاماً، لا تزال العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات أمنية، وحروباً مستمرة منذ أعوام، كما هي الحال مع سوريا التي تعيش حرباً داخلية منذ العام 2011 بعد اندلاع ثورة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد انحدرت إلى عنف دموي بعد ان حاول الأسد قمعها بالقوة. كما يعيش العراق توترات تتعلق بالحدود في اقليم كردستان، التي تشهد اعمالاً أمنية يرتكبها الجيش التركي في حق مناطق يشغلها حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، وأخرى يرتكبها الحرس الثوري الإيراني الذي يقصف مواقع يقول إنها تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية في الإقليم.