نساء عراقيات أمام محل لبيع الملابس النسائية في كربلاء
نساء عراقيات أمام محل لبيع الملابس النسائية في كربلاء

لا يسمح لك في كربلاء الاستماع إلى الموسيقى أو التجول في السوق لاختيار ملابس لزوجتك أو ابنتك.

كما لا يسمح لمن لا ترتدي الحجاب بدخول المحافظة أصلا.

هذا فضلا عن ممنوعات أخرى أدرجها قانون "قدسية كربلاء" كجرائم يعاقب عليها وفق مواد من قانون العقوبات العراقي.

هذا ما تسعى حكومة كربلاء المحلية لتطبيقه، وفق ما ورد على لسان أعضاء فيها، حيث أشاروا في تصريحات إعلامية إلى إعادة تفعيل قانون "قدسية كربلاء" مع مطلع السنة الجديدة.

لكن الناشط المدني رائد العسلي يعتبر أن إعلان حكومة كربلاء "دعاية سياسية لا يمكن تطبيق ما ورد فيها على أرض الواقع"، خصوصا وأن هذا الإعلان "ليس الأول خلال السنوات الأخيرة".

​​​

ملصق لإحدى مواد قانون قدسية كربلاء المنتشرة ملصقاته في شوارع المحافظة

​​​​​"لا يمكن تطبيقه"

​وإضافة إلى عمله في مجال المجتمع المدني، يعرض رائد العسلي وهو صاحب محل تجاري في إحدى أسواق كربلاء، الملابس النسائية بشكل طبيعي في واجهة محله.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن "شخصيات تابعة لأحزاب إسلامية تثير بين الحين والآخر موضوع قانون القدسية، لأغراض سياسية ودعائية لا أكثر".

ويشير إلى أن جميع المحلات تعمل بشكل طبيعي "ولم يتعرضوا للمساءلة من أي جهة ولا يمكن أن يتعرضوا في المستقبل".

​​

​​

مخالفات واضحة

لكن هذا القانون المبتور من شروط تشريع القانون التي حددها الدستور العراقي، يحمل ثمة مخالفات واضحة.

الأولى، القانون صادر عن جهة لا تمتلك الشرعية الدستورية لإصدار القوانين.

فالجهة الوحيدة المخولة بتشريعها هي مجلس النواب، وفق "المادة 61" من الدستور العراقي.

الثانية، يشترط في القانون المشرع المرور بثلاث مراحل، هي كتابته من لجنة مختصة، وقراءته مرتين في مجلس النواب ومن ثم التصويت عليه.

الثالثة، القانون يتعارض مع المادة من الدستور العراقي التي تكفل الحريات الشخصية.

الرابعة، قانون قدسية كربلاء تم نشر تفاصيله من خلال ملصقات في شوارع المحافظة، في حين أشار الدستور إلى نشر تفاصيل القانون في جريدة الوقائع ليصبح نافذ المفعول.

 

وفي هذا الشأن يوضح الخبير القانوني علي جابر التميمي في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن سلطات مجالس المحافظات هي "إدارية وتنفيذية ومالية وجباية للضرائب ومراقبة عمل المحافظين وقائمي المقام"، وفقا للمواد 110، 114، 115، 121 من الدستور العراقي.

​​​

​​

"يغردون خارج السرب"

لكن عضو مجلس محافظة كربلاء ناصر الخزعلي يحاول إيجاد صفة أخرى للقانون بعد مناقشتنا لمسألة شروط إصدار القوانين بقوله، "قانون قدسية كربلاء لم يشرعه مجلس المحافظة، بل استنبطه من مواد موجودة في قانون العقوبات العراقي لعام 1969".

فيما يعلق الخبير التميمي على تصريح الخزعلي بقوله "هؤلاء يغردون خارج السرب".

ويتابع "لا يوجد في الفقه القانوني ما يسمى استنباط القانون، الاستنباط موجود فقط في الفقه الديني".

​​

​​

ومن بين أهم فقرات القانون المثير للجدل:

-إن عرض الملابس النسائية في الشوارع أو في واجهة المحلات بشكل فاضح يعد جريمة يعاقب عليها القانون وفق المادة 240 من قانون العقوبات العراقي.

-ان كل من جهر بأغاني أو أقوال فاحشة مخلة بالحياء بنفسه أو بواسطة جهاز آلي في الأماكن العامة والشوارع والأحياء السكنية يعد جريمة يعاقب عليها القانون وفق المادة 404 من قانون العقوبات العراقي.

-كل من فتح أو أدار محل لعب القمار وأعده لدخول الناس وكل من نظم ألعاب من هذا القبيل يعد جريمة يعاقب عليها وفق المادة 389 وكذلك المادة 240 من قانون العقوبات العراقي.

-يمنع القانون دخول النساء غير المحجبات إلى محافظة كربلاء.

 

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أثار قانون "قدسية كربلاء" ردود أفعال منتقدة للقانون.​

​​

​​​​

​​​​

​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.