طلاب في مدرسة جنوب الموصل بعد تحريرها من داعش/وكالة الصحافة الفرنسية
طلاب في مدرسة جنوب الموصل بعد تحريرها من داعش/وكالة الصحافة الفرنسية

تصلنا عديد الشكاوى عبر "ارفع صوتك" من عشرات العراقيين حول المناهج الدراسية، من حيث صعوبة بعض المواد، أو عدم ملاءمتها للفئات العمرية المستهدفة، بالإضافة لإهمالها التنوع الديني والقومي في العراق، خصوصاً كتب "التربية الدينيّة"، ويعتبرها كثير من العراقيين حاضّة على التطرّف وإقصاء الآخر بدلاً من نشر التسامح والمحبة، ولكن ما صحّة كل ذلك؟

ومؤخراً تداول عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالوا إنها من كتب مدرسية تُظهر نوعاً من التطرّف الديني، الشيء الذي نفته وزارة التربية ممثلة بالمديرية العامّة للمناهج عبر موقعها الرسمي ووصفته بـ "الكذب والافتراء وتزوير الحقائق".

اضغط الرابط لقراءة البيان رد الوزارة

مديرية المناهج

​​والكتب المدرسية  (2017- 2018) من الصف الأول الابتدائي حتى السادس الابتدائي جميعها متوفرة في موقع المديرية، لذا كان من السّهل التحقق من هذه المسألة عبر تصفّح هذه النُسخ، ولم نكتف في موقع "ارفع صوتك" بكتاب "القرآن الكريم والتربية الإسلامية"، بل تصفحنا إلى جانبه كتاب "قراءتي (1-3)" و"القراءة العربية (3-6)" حيث وجدنا فيهما ما يستحق إعادة النظر.

القرآن الكريم والتربية الإسلامية (1-6)

قبل إيراد ملخّص الصورة في كتب التربية الإسلامية للصفوف الابتدائية، أود التعليق على الشكل الذي تم فيه تقديم المحتوى.

إذ يشعر المتصفّح الذي وقعت بين يديه العديد من مناهج مدرسية حكومية لدول متعددة، أنّ هذه الكتب الستّة لنفس المادة "أعدّت على عجل"، من حيث الموضوعات المطروحة فيها وتكرارها في كل عام بطريقة مشابهة أو مع اختلافات طفيفة، (سورة الفاتحة، قصة يهود خيبر، قصة هجرة النبي محمد إلى المدينة)، كما أن الرسومات والصور المرفقة ليست عالية الجودة من دون روابط أو تسلسل بينها، أو كأنها منسوخة عن رسائل "واتساب" ومنشورات في منتديات أو صفحات فيسبوك ذات محتوى عشوائي، بحيث لا نجد هُويّة لها. 

أما عن القصص المأثورة والقصص التوعوية التربوية، فيسودها نفس تلقيني إملائي للأوامر والنواهي، يقف فيها الطفل دائماً راضخاً مطيعاً مقتنعاً بلا مزيد من الأسئلة والشك. 

وهذه النقاط تحتاج إعادة نظر في المحتوى الذي لا يتلاءم وبيئة متنوعة دينياً وقومياً مثل العراق، خصوصاً أن المنهاج يُدرّس في جميع أنحاء العراق باستثناء إقليم كردستان، وموجه لأطفال أعمارهم بين (5 أعوام- 12 عاماً).

1- تكرار ثنائية المؤمن والكافر وجزاء كل منهما، والكافر في جميع هذه الكتب هو غير المسلم.

الكافرون

​​

 2- تمجيد المؤمن ورسالة الإسلام وخصّ المسلمين بصفات تميّزهم عن باقي البشر.

​​

هل المسلم فقط هو محبوب المعلّم؟

3- الترهيب والتخويف من العقاب وتحميل الذنب هي وسائل تعليمية غالبة على منهج تربية الطفل على الآداب الإسلامية.

هكذا تُدرس قيمة الصدق

​​

​​4- ذم اليهود دوماً باعتبارهم خائني عهد النبي محمد، والذي هزموا في معاركهم ضد المسلمين، وإلصاق الصفات الذميمة دوماً بحقهم.

صورة اليهود

 

5- الحجاب كونه رمزاً للحشمة والعفّة (الصف السادس الابتدائي)، وأكثر من ذلك ما تم تداوله في فيسبوك من كتاب "التربية الإسلامية" للخامس الإعدادي.

الحجاب

​​

الصف الخامس الإعدادي

​​كتاب "قراءتي" و"القراءة العربية"

يتكرر في هذه الكتب ربط اللغة العربية بلغة القرآن الكريم وإضفاء صفة القداسة عليها وبأنها أفضل اللغات، ما لا يتلاءم مع مفهوم التنوع اللغوي في العراق، ومراعاة هويّات الأقليات الذين -بطبيعة الحال- يدرسون نفس المنهاج.

من كتاب الصف الثالث الابتدائي

​​ودروس المطالعة والإملاء والتعبير تأتي في كتاب اسمه "قراءتي" من الصف الأول للثالث، ومن الرابع للسادس يصبح اسمه "القراءة العربية".

وإذا بدأت التصفّح سترى أن غالبية الدروس هي مفاهيم وقصص وشخصيات إسلامية، مرفقة بنصوص قرآنية وأحاديث منسوبة للنبي محمد. 

أما المرأة، فهي دوماً تطرّز أو تحيك أو تطبخ داخل المنزل، والغالبية العظمى لصور النساء من أمهات وجدّات ومعلّمات يرتدين غطاء الرأس، حتى في الصور التي تظهرهن داخل البيوت، فهل تعكس هذه الصورة المجتمع العراقي؟

ودروس الأخلاق والقيم النبيلة كلها ذات ارتباط وركائز إسلامية، فهل الدين هو مصدر الأخلاق أم الإنسانية؟ 

ومثلها مثل كتب التربية الإسلامية، هناك تخويف للطفل دوماً من تصرفاته "السيئة" وبأنه سيلقى العقاب مباشرة. 

ومن الصف الأول الابتدائي حين البدء بتعداد أسماء أفراد الأسرى، وفي 8 صفحات، تم ذكر اسم البنت الصغرى "دادا"!! يذكّرني هذا بإعلان النجم المصري أحمد حلمي لصالح منظمة "اليونيسف" حيث ينتقد فيه طريقة تسمية الأشياء أمام الأطفال ما يخلق عندهم مشاكل مستقبلية في اللغة.

​​وكلامنا هذا لا يعني التفي التام لذكر مكونات عراقية أخرى غير المسلمين، لكن جاء ذكرها باهتاً هامشياً، كأنه مجاملة، لم يعطه حقه أو يظهره بصورة مناسبة أمام ثنائيات الكفر والإيمان والجنة والنار التي تضج بها كتب التربية الإسلامية.

ومن اللافت ورود هذا المقطع في منهج الصف السادس الابتدائي عن داعش، وتبدو القصة مُقحَمة بشيء لن يقدم أو يؤخر، كما لم يسبقه توضيح لمعاني التطرف والإرهاب التي وردت على لسان طفل صغير في القصة. 

داعش والموصل

​​كلّ هذا في مادتين للصفوف الابتدائية، ما الذي سنجده أيضاً لو تصفحنا أكثر؟ وإلى أين تقود هذه المناهج طلبة المدارس من الأطفال العراقيين؟

وتعتبر هذه المناهج مُحدّثة، وفقاً لبيانات وزارة التربية، ولكن هل هذا التحديث الذي يحتاجه العراقي اليوم؟ 

العديد من المراقبين، وبتأكيد مصدر خاص لـ"ارفع صوتك" فضّل عدم ذكر اسمه، أن "التحديث وتطوير المناهج" هو عنوان آخر للفساد وسرقة المال العام. 

ما الحل؟

تقول الباحثة رشا إسماعيل العزاوي، وهي مديرة التخطيط والتنسيق في "دار ثقافة الطفل" التابعة لوزارة الثقافة العراقية، إن الحل يقع في إصلاح المناهج، من خلال حذف وإضافة أو استبدال مواد أو أجزاء من الكتب، بالإضافة إلى تطوير الكتب وطرق التدريس، مستردة أن "المشكلة الرئيسة في هذه النقطة افتقاد عنصر الشمول بمعنى أنه كان ينصب على تطوير الكتاب (المحتوى) فقط، مع إغفال بقية جوانب المنهج مثل الطريقة والوسيلة والتقويم"، وتطوير الامتحانات مثل الاختبارات التي تهدف إلى قياس نمو التلاميذ في حالات متعددة مثل الجانب التحصيلي، القدرات، المهارات، وأخيراً تطوير منهج المواد الدراسية المنفصلة إلى منهج المواد الدراسية المترابطة، ثم إلى منهج المجالات الواسعة الذي يؤدي بدوره إلى ظهور الوحدات الدراسية ثم منهج النشاط.

وفي وصفها للمناهج، تحديداً كتب "التربية الإسلامية" للمرحلة الابتدائية، تقول العزّاوي "هناك قصور واضح ومبالغة في المعلومات الموجهة للتلاميذ، حيث مواضيع في الفقه والعقيدة أعلى من مستوى إدراك الطفل، ما يؤدي إلى تشتيت ذهنه وميوله العلمية والقرائية، فضلاً عن مضامين تشجّع ويوجه نحو العنف والترهيب".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

لافتة طبعت عليها صورة الشاب الراحل صفاء السراي، أبرز نشطاء التظاهرات، إلى جانب أشهر عباراته
لافتة طبعت عليها صورة الشاب الراحل صفاء السراي، أبرز نشطاء التظاهرات، إلى جانب أشهر عباراته

في خريف 2019 خرج آلاف العراقيين في مظاهرات حاشدة، تمركزت في المدن الجنوبية ووسط العاصمة بغداد، يطالبون فيها بمحاسبة الفاسدين ومحاربة البطالة، التي سرعان ما تحوّلت إلى تغيير النظام السياسي الذي يحكم العراق منذ 2003، بما في ذلك إنهاء المحاصصة وتعيين حكومة تكنوقراط، في ثورة معلنة على الأحزاب التقليدية، والتبعيّة لإيران.

هذه الاحتجاجات حملت شعار "نريد وطن" في تعبير بسيط عن صعوبة الحياة في بلد يملك الكثير من الثروات، التي لا تنعكس على الحياة العامة والخدمات ومستويات الفقر والبطالة. 

وعلى الرغم من تمسّك المتظاهرين والنشطاء بسلمية التظاهرات، إلا أنهم لاقوا ردوداً عنيفة من الأجهزة الأمنية منذ اليوم الأول (1 أكتوبر)، الأمر الذي استمر أسبوعاً راح ضحيته حوالي 100 من المشاركين، في ما اعتُبر الموجة الأولى من الاحتجاجات، التي تجددت في الـ25 من الشهر نفسه، واتخذت بعدها زخماً واسعاً ومشاركة شعبية، لم تقتصر على فئة الشباب.

وحتى إعلان حظر التجوّل بسبب انتشار فيروس كورونا (آذار 2020)، كان لا يزال هناك العشرات من المتظاهرين الذين أصرّوا على الاحتجاج رغم الهدوء الذي طغى على الساحات، خصوصاً بعد استهداف العديد من النشطاء واضطرار الحيّ منهم إلى الفرار من بغداد والبصرة وغيرها، باتجاه إقليم كردستان.

ومنذ الأيام الأولى، شكلت أسماء ووجوه عديدة رموزاً لهذه الاحتجاجات، سواء لمشاركتها أو مواقفها الإنسانية والمؤثرة أو لشجاعتها، أو دعمها المتواصل للتظاهرات، خصوصاً أن أغلبهم قُتل أو تعرض للاغتيال خارج ساحات التظاهر، نذكر منهم:

 

دنيا بائعة المناديل

بعد انتشار فيديو لدنيا، وهي بائعة مناديل ورقية من بغداد، توزع المناديل مجاناً على المتظاهرين الذين تعرضوا للغاز المسيل للدموع، أبدى آلاف العراقيين في مواقع التواصل تعاطفاً كبيراً معها، ذلك أنها رغم حالتها البسيطة ورغم الخطر المحيط بها، آثرت أن تخفف عن هؤلاء الشباب بكل ما تملك، وهو مصدر رزقها.

ولأنها لم تتكلم خلال الفيديو، ساد اعتقاد بأنها بكماء، فأطلق عليها لقب "خرساء العراق"، ليتضح لاحقاً بعد أن التقى معها متظاهرون آخرون وصوروها، أنها تستطيع الكلام.

 

صفاء السراي

صفاء السراي، أو "ابن ثنوة" وصاحب العبارة التي أصبحت بعد مقتله من أشهر ما تغنّى به مناصروا الاحتجاجات والمشاركون فيها "محد يحب العراق بكدي" أي "لا أحد يحب العراق مثلي"، كان الضمير المستتر للتغطية الصحافية من قلب ساحات الاحتجاج للعالم الخارجي، وسط التضييق على وسائل الإعلام وملاحقة كل من يكشف عمليات القمع التي تجري داخل العراق، خصوصاً ساحة التحرير وسط بغداد.

درس علم الحاسوب، وكان شاعراً وموهوباً بالرسم، عرفته التظاهرات والاحتجاجات منذ سنة 2011، مرة ضد سوء الخدمات وأخرى ضد النظام وثالثة ضد المليشيات وموالاة إيران، حتى أنه ذهب لإحدى التظاهرات وحيداً وبقي وحده لساعات، فقط ليعبر عن رأيه ومعارضته السياسية، وتعرض مرات للاعتقال.

قتل صفاء أو كما يسميه رفاقه "صفاوي"، في الموجة الثانية من الاحتجاجات، يوم 28 أكتوبر 2018، عن عُمر 26 عاماً. وعلى الرغم من موته المبكر بالنسبة لعُمر الاحتجاجات، إلا أن اسمه ظلّ وقوداً محفزاً للشباب الثائر على تردّي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في بلده، وصارت كلماته وصوره شعارات ولافتات يراها العراقيون في كل مكان.

أمجد الدهامات

برصاص سلاح كاتم للصوت، يوم 6 نوفمبر 2019، غاب صوت الناشط المدني البارز في احتجاجات العمارة بمحافظة ميسان، أمجد الدهامات، بعد أن كان عائداً لمنزله وعائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة: ولدان وبنتان، وأمّه وأبيه.

ولد أمجد في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان جنوب شرق العراق، وعمل آخر سنوات حياته في التدريس، بعد أن كان منسقاً للمنظمات في مكتب محافظ ميسان، ومستشاراً لرئيس مجلس المحافظة لشؤون المنظمات.

قضى حياته العملية كلها بين الأدب وحقوق الإنسان والتدريب المدني في موضوعات عدة، أبرزها القيادة والتنمية البشرية وحقوق المرأة وحل النزاعات. كما كان عضواً في اتحادات داخل محافظة ميسان، مثل اتحاد الكتاب والموسيقيين وعدد من اللجان البيئية وحقوق الطفل والمياه والطوارئ وإزالة الألغام، وغيرها من المراكز الثقافية والمدنية الفاعلة داخل المحافظة.

وشارك أمجد في عدة فعاليات دولية وأممية داخل محافظة ميسان، تتعلق بمشاريع تنموية ونهضوية، وأخرى في مجال حقوق الإنسان ومتابعة شؤون النازحين، كان في بعضها مدرباً وبعضها الآخر مشاركاً ومنسقاً. 

وكتب أمجد في عدة وسائل إعلام محلية مقالات سياسية في معظمها، كان ينشرها على صفحته العامة أيضاً، آخرها في الأول من نوفمبر 2019، بعنوان "العراق: نظام رئاسي أم برلماني؟".

هذا التوسّع في نشاطه المدني داخل المحافظة، جعله معروفاً بين عشرات الشباب والنشطاء والحقوقيين والمؤسسات الدولية الفاعلة في ميسان، إذ ترك بصمة لدى الكثيرين، ومثل اغتياله صاعقة بالنسبة لهم.

حسين عادل وسارة طالب

نشط الزوجان حسين وسارة في التظاهرات التي شهدتها محافظة البصرة جنوب العراق. الرسام الكاريكاتيري حسين عادل شارك بقوة في التظاهرات بجانب زوجته التي انخرطت في المسيرات النسائية وفي جهود إسعاف المصابين.

تعرّض الزوجان لتهديدات بالقتل قبل عامٍ كامل من اغتيالهما فاضطرا للسفر إلى تركيا، لكنهما عادا بسبب ظروفهما المالية الصعبة.

وفي 2 أكتوبر 2019، وبعد عودتهما من إحدى التظاهرات، اقتحم مسلحون مجهولون منزلهما وقتلوهما رمياً بالرصاص، وكانت سارة حاملاً.

فور وقوع الجريمة نظّم عددٌ من النشاط المدنيين وقفات احتجاجية ضد اغتيال الزوجين أعربوا خلالها أن "سارة وحسين سيكونان مصدراً دائماً لإزعاج السُلطة".

 

زهراء علي سلمان

في مقابلة مع قناة محلية من بيت العزاء للقتيلة زهراء علي سلمان (19 عاماً)، قال والدها علي القصاب، إنها اختطفت قرب بيتهم، ودام اختطافها 8-10 ساعات قبل أن يُلقى بجثتها وتلفظ آخر نفس لها في المستشفى.

وقبل قتلها، تعرضت الطالبة زهراء للتعذيب من خلال الضرب بأدوات معدنية أدى لتكسير عظامها، بالإضافة للصعقات الكهربائية.

وكانت زهراء تشارك برفقة أبيها في التظاهرات، وأكد أنه تعرض للتهديد بسبب ذلك، لكن ما حدث معهم لم يكن متوقعاً أبداً بالنسبة له.

وزهراء هي الابنة الكبرى، لديها أخت وأخ أصغر منها، كانت تعيش معهم ووالديها، كما أنهم من أقلية الأكراد الفيليين التي تسكن بغداد.

إيهاب الوزني

عمل رئيساً للجنة التنسيقية للاحتجاجات في كربلاء، اغتاله مجهولون قُرب منزله في مايو 2021 مستهدفاً بمسدسات كاتمة للصوت.

أسفرت هذه العملية عن اندلاع تظاهرات احتجاجية عديدة في كربلاء والديوانية والناصرية كما تجمهر المحتجون أمام القنصلية الإيرانية في كربلاء، وأحرقوا أمامها إطارات وبعض الأكشاك الخشبية المنصوبة قرب المبنى.

قبل عامين من مقتله، نجا الوزني من عملية اغتيال مماثلة في ديسمبر 2019، حين أطلق مسلحون يمتطون درّاجات نارية الرصاص عليه لكنهم أخطأوه وقتلوا صديقه الناشط السياسي فاهم الطائي.

يأتي هذا التردّي الأمني رغم الإعلانات الحكومية المتكررة بالتعهد بالتوصل إلى القتلة ومحاسبتهم جنائياً، وهي الحالة التي انتقدها الوزني في خطابٍ وجّهه لرئيس الوزراء عبر صفحته قائلا "هل تعلم أنهم يخطفون ويقتلون أم أنك تعيش في بلد آخر غيرنا؟".

ريهام يعقوب

على الرغم من عدم حضورها اللافت في تظاهرات 2019، إلا أن صيت طالبة الدكتوراة والمدربة الرياضية صاحبة النادي الرياضي "Dr Fit" في البصرة، جعل منها أيقونة نسائية للاحتجاجات، بعد اغتيالها.

وكانت ريهام شاركت في احتجاجات عام 2018، ولاحقاً عرفت بنشاطها الصحي التوعوي الموجه لنساء البصرة، وقيادتها مجموعات ضمت عشرات النساء للمشي في شوارع المدينة، من أجل نشر ثقافة المشي والرياضة، التي لا تتعارض مع العادات والتقاليد الاجتماعية المحافِظة كما كانت تؤكد في مقابلاتها الإعلامية.

اغتيلت رهام (30 عاماً)،  في 19 أغسطس 2020،  برصاص مجهولين أثناء تواجدها في سيارتها. يقول أحد أفراد عائلتها لـ"ارفع صوتك": "كانت عائدة من الجيم (النادي الرياضي الذي تُديره) برفقة أختها وصديقتها، خارجة من شارع الجزائر باتجاه حيّ الرضا لإيصال صديقتها، أختها أصيبت في يدها بزجاج السيارة المتكسر، بينما أصابت رصاصة يد الدكتورة معها".

ثائر الطيب

في ديسمبر 2019 استُهدف المحامي والناشط الحقوقي بعبوة ناسفة قتلته بعد خروجه من ساحة التحرير في بغداد.

أسفر الحادث عن موجة غضب بين المتظاهرين دفعتهم لقطع الطرق الرئيسية والهجوم على مقرات لفصائل "عصائب أهل الحق" و"بدر" ومقر تيار الحكمة الشيعي.

هذه المرة كانت العاقبة مختلفة إذ نجحت قوات الأمن في تحديد قاتل ثائر، لم تصفح وزارة الداخلية عن هوية المجرم مكتفية بأول حرفين من اسمه (ك. ك)، إلا أن وسائل إعلام محلية أكدت أن اسمه هو كفاح الكريطي وكان يحمل لقب "أبو درع الديوانية"، الذي عمل قيادياً سابقاً في جماعة "سرايا السلام".

من جانبها، تبرأت الميليشيا الشيعية من "أبو درع" وأكدت عدم انتسابه له. وتم تقديمه للمحاكمة واعترف أمامها بتورطه في تنفيذ سلسلة اغتيالات لنشاطي تشرين فأصدرت حكمها عليه بالإعدام.

والد علي جاسب

في 8 أكتوبر 2019، اختطف المحامي علي جاسب (29 عاما)، في اليوم الثاني لمولد ابنه مرتضى، من مكان قرب جامع الراوي وسط مدينة العمارة في محافظة ميسان.

ومنذ ذلك الحين حتى العاشر من مارس 2021، واظب والده أحمد الهيلجي،  على المشاركة في كل تظاهرة واعتصام ودعم لأهالي المغيبين وقتلى التظاهرات، ليلقى حتفه في النهاية برصاص مجهولين، ما اعتبره النشطاء ومتابعو قضية ابنه المختطف اغتيالاً بسبب عدم استسلامه في المطالبة بمعرفة مصير ابنه.

ولغاية نشر هذا التقرير، بقي مصير المحامي الشاب مجهولاً، فلا دليل يؤكد مقتله ولا آخر يخبر أنه ما زال على قيد الحياة.

وفي مقابلة سابقة مع "ارفع صوتك"، قال والد علي، إن سبب خطف ابنه "مشاركته في التظاهرات في بداية أكتوبر الماضي، ثم تطوّعه مع مجموعة من المحامين للدفاع عن المعتقلين من المتظاهرين لدى السلطات العراقية، ونشره في صفحته على فيسبوك حول هذا الموضوع".

والدة مهند القيسي

الصوت الجريء والمطالب بحق ابنها ومحاكمة قاتليه، جعل من والدة الشاب مهند القيسي أيقونة عراقية للاحتجاجات، خصوصاً بعد استمرارها بالاعتصام والتعبير عن رأيها في مقابلات وفيديوهات رغم الحملات التحريضية ضدها في مواقع التواصل، خصوصاً من أتباع التيار الصدري وموالي زعيمه مقتدى الصدر.

وقتل مهند يوم 6 فبراير 2020 في الهجوم المسلح على خيم الاعتصام في النجف. وظهر قبل مقتله في مقابلة مصورة قال فيها: "دم الشهداء هو فقط ما يمثلنا.. مطالبنا واضحة تغيير النظام بصورة جذرية لأن النظام كلّه فاسد".

وكان آخر رسائله عبر "Stories" الإنستاغرام "أنا رايح الساحة ابرولي الذم"، في إشارة إلى أنه قد يتعرض للقتل.