محافظ نينوى نوفل العاكوب
محافظ نينوى نوفل العاكوب

تفاجأ صحفيون عراقيون مؤخراً من قرار أصدره محافظ نينوى نوفل العاكوب بمنع الصحفيين من الدخول إلى المدينة القديمة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل.

وأشار إعلاميون إلى أن العاكوب حصر موافقات التصوير والتغطية الإعلامية "به شخصيا".

تأتي هذه الأوامر بعد تزايد الحديث عن قضايا فساد تشهدها المدينة المهدمة بسبب عمليات تحريرها من داعش، آخرها فضيحة تهريب الحديد من قبل مجاميع مسلحة تنتمي إلى هيئة الحشد الشعبي، والتي كشفت تفاصيلها قناة الحرة.

المنع لخلاف شخصي

يلفت عدد من الإعلاميين في أحاديث لموقع (ارفع صوتك) إلى أنهم حصلوا على موافقات التصوير بعد ساعات فقط، وأن المنع جاء إثر "خلاف بين العاكوب وقناة الموصلية".

يقول مراسل الحرة العراق هيثم أحمد إن "جميع المراسلين حصلوا على كتب تخويل بالتصوير، باستثناء مراسلي قناة الموصلية"، مضيفا أن ما يحصل بسبب "خلافات شخصية بين المحافظ وهذه القناة".

وينتقد مراسل قناة بلادي محمود الجماس سياسة العاكوب في التعامل مع المؤسسات الإعلامية، ويقول لموقع (ارفع صوتك) "إذا كان لدى المحافظ خلافات شخصية مع إدارة القناة يجب أن يحلها مع الإدارة بشكل مباشر".

ويشير إلى أن القوات الأمنية اعتقلت مراسل الموصلية "زياد الصميدعي" لعدم امتلاكه كتاب تخويل بالتصوير.

وتم اعتقال الصميدعي من قبل الفوج الخامس المسؤول عن المنطقة القديمة في أيمن الموصل.

​​

​​

ويوضح الجماس "المحافظ حمّل آمر الفوج مسؤولية أي تصوير من دون إذن منه، يجب ألّا يدفع الإعلاميين ثمن خلافات السياسيين وإدارات القنوات".

لكن العاكوب أشار إلى أن قرار التخاويل "تنظيمي ليس أكثر".

وفي تصريح لعدد من الصحفيين أوضح العاكوب أن "هناك اتهامات بالتسيب ودخول صحفيين ومنظمات بشكل غير منظم، ولغرض تنظيم العمل فإن أي وسيلة إعلام أو منظمة ترغب بالتصوير تقدم طلب وستحصل على الموافقات الأصولية".

ويلفت مراسل موقع (ارفع صوتك) في الموصل صالح عامر إلى أن المحافظ العاكوب "لم يسمِّ قناة الموصلية خلال حديثه للصحفيين لكنه لمح إلى ذلك".

وينقل الحيالي عن العاكوب قوله "أي قناة تثير المشاكل سنتخذ معها اجراءات خاصة".

​​

​​

على مواقع التواصل

ويشار إلى أن حادثة اعتقال الصميدعي ليست الأولى ضمن مشهد خلافه مع إدارة القناة.

ففي السادس من كانون الثاني/ يناير الماضي، يوم الاحتفال بذكرى تأسيس الجيش العراقي، طرد العاكوب كادر الموصلية من منصة الاحتفال.

وبعدها في التاسع من الشهر ذاته وخلال احتفالية عيد الشرطة طرد فريق عمل القناة من داخل أكاديمية الشرطة في منطقة الشلالات.

​​

​​وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يحتل العاكوب المرتبة الأولى بين مسؤولي المحافظات العراقية، الذين تتناولهم منشورات المدونين.

حيث أثار أسلوب إدارته في أكثر من حادثة استياء الناشطين على مواقع التواصل، فضلا عن مؤشرات بوجود ملفات فساد يتم الحديث عنها في أروقة السياسة أيضا.

وفي أكثر من جلسة، صوّت مجلس المحافظة على إقالة العاكوب من إدارة المحافظة.

​​

​​​​​

​​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

A woman walks on a road dug up by workers as part of rehabilitation public works on the outskirts of Baghdad on September 15,…
أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات العمل على مشاريع إنمائية في بغداد

تنعم بغداد باستقرار نسبي، بعد نزاعات مدمّرة استمرت عقوداً، أتاحت أشغال تجديد في المدينة من طرقات معبّدة ونظم صرف صحي جديدة إلى فنادق فارهة ومطاعم، وهي مشاريع تسمح للسلطات أيضاً بالدفع ببرنامج عملها أمام الرأي العام. 

فقد جعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من إعادة تأهيل البنية التحتية أولوية لحكومته.

في بغداد البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، تكثر المشاريع الكبيرة لوصل الأحياء العشوائية بشبكات الكهرباء والماء وترميم الطرقات والأرصفة وبناء جسور.

وفي بلد تصدّر عناوين الصحف ووسائل الإعلام على مدى عقود جراء الحروب  والتوترات الأمنية والانفجارات، أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات تقريباً وإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، افتتاح مراكز تجارية ومقاه ومطاعم فاخرة. 

على ضفاف نهر دجلة، يمكن لرواد مجمع "ألف ليلة وليلة" الاختيار بين 12 مطعماً فضلاً عن سلسلة من المقاهي وصالات الاحتفالات ومتاجر وقاعة للعبة البولينغ. خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتردد العشرات إلى المكان برفقة العائلة أو الأصدقاء لتناول الطعام أو تدخين النرجيلة وممارسة لعبة البولينغ.

وفتح المجمّع الذي بني في حديقة أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين أبوابه أواخر العام 2022، على أرضٍ هي الآن بيد نقابة الصحافيين التي استأجرت الموقع. وأطلق المشروع "عدد من المستثمرين الشباب المختصين بالشأن السياحي"، وفق المدير التنفيذي للمشروع فلاح حسن.

ويرى حسن أن "العراق أرض خصبة للاستثمار بشكل لا يمكن تخيله" لكنه في الوقت نفسه يشير إلى وجود "معوقات" مثل "الوضع الأمني والروتين الحكومي العقيم" حيث ينبغي المرور "بألف نافذة لتتمكن من أن تأخذ ورقة موافقة واحدة".

 "مناخ الاستثمار ضعيف"

اعتبر البنك الدولي في تقرير نشر أواخر يوليو أن "مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفاً"، مشيراً إلى "غياب تشريعات مؤاتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج" في إشارة إلى الرشوة.

وتسعى السلطات إلى تغيير ذلك الواقع. ويعمل رئيس الوزراء الذي أعرب مراراً عن عزمه على مكافحة الفساد، وجذب المستثمرين الكبار، لا سيما من دول الخليج.

في أواخر أغسطس، شارك السوداني في وضع حجر الأساس لفندق ريكسوس الفاخر ومجمّع سكني، وهو الاستثمار القطري الأوّل في العراق.

وقال السوداني حينها "بدءاً من رئيس الحكومة وانتهاءً بآخر موظف، سوف نكون مع المستثمر ومع الشراكة ومع القطاع الخاص الجاد في تنفيذ مشاريع الاستثمار في بغداد والمحافظات وإقليم كردستان". 

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، أكّد السوداني على أن حكومته جعلت محاربة الفساد "في أولوياتنا".

لكن ما الذي يقف خلف هذه "الطفرة" التنموية في بغداد؟ في مقال له نشر على موقع معهد "الدراسات الإقليمية والدولية"، التابع للجامعة الأميركية في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، يرى الباحث حيدر الشاكري أن "الطبقة السياسية العراقية وشركائها في مجال الأعمال قرروا استثمار ثرواتهم في مشاريع محلية هي بمثابة ملجأ للأرباح التي اكتسبت بطرق غير شرعية".

ويشير الشاكري في هذا الإطار خصوصاً إلى "مجمعات سكنية فخمة ومراكز تجارية وجامعات خاصة".

لكن السلطات تعتمد سياسة تحديث البنى التحتية. وتبلغ قيمة الاستثمارات في موازنات السنوات 2023 حتى 2025، 37 مليار دولار سنوياً، وهي تقدّر بثلاثة أضعاف القيمة الفعلية للاستثمارات في العام 2022 وفق البنك الدولي.

وقد أتاحت الاحتياطات المالية الكبرى بالعملة الصعبة التي تفوق 100 مليار دولار والمكتسبة من أسعار النفط المرتفعة، إمكانية طرح تلك المبالغ في الموازنة.

"إلى متى؟"

وأنشأت الحكومة فريق الجهد الخدمي والهندسي، الذي يضمّ جهوداً وفرقاً من وزارات وشركات عامة ومهندسي الجيش والحشد الشعبي، مهمته إعادة تأهيل الأحياء العشوائية "المحرومة منذ أكثر من عشرين عاماً" من الخدمات وفق رئيس الجهد الخدمي في بغداد المهندس عبد الرزاق عبد محيسن. 

تنكّب فرق الجهد الخدمي على العمل في الأزقة الترابية في حيّ الكوفة الواقع على أطراف العاصمة. تحفر جرارات الشوارع من أجل توصيل أنابيب جديدة، فيما تقوم شاحنة بنقل الحطام.

ويقول عبد محيسن الذي يشرف على الأعمال في حي الكوفة إن "هناك أكثر من 1093 عشوائية في محافظة بغداد أعدّت الخطط لها على أن تكون الأعمال بشكل تدريجي".

وأضاف "هناك أكثر من 200 مليار دينار مخصصة لأعمال البنى التحتية من ضمنها المياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الشوارع".

يرحب بعض سكان تلك المنطقة بهذه التغييرات، لكن آخرين ما زالوا يشتكون من نواقص عدة في الخدمات تؤثر على حياتهم اليومية. 

ويشعر أبو علي البهادلي وهو عامل يومي في مجال البناء بفرحة غامرة إزاء هذه التحسينات في حيّه. 

ويقول "مناطقنا كانت محرومة من الخدمات بشكل تام"، مضيفاً أن الوضع في السابق كان مختلفاً، "لا نستطيع أن نخرج إلى الشارع بسبب الوحول التي تسببها الأمطار". 

إلا أن جاره أحمد راضي البالغ من العمر 45 عاماً، لا ينظر إلى الأمور بالإيجابية نفسها ويشتكي من قلة الخدمات والماء والكهرباء.

ويقول راضي وهو موظف حكومي "أعطيني مسؤولا يبقى بلا ماء ساعة واحدة. يريدون أن يعبدوا الشارع قبل إنجاز الماء. لقد تعبنا".

ويتساءل الرجل "متى يكملون الرصيف؟ متى يقومون بوضع نظام تصريف للأمطار؟"، مضيفاً "تأتي من عملك متعباً، لا كهرباء ولا ماء، المجاري منتشرة، أريد أن أعرف إلى متى؟".