تطبيق واتساب
تطبيق واتساب

"مصدر استخباراتي مهم".

هكذا كان الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات القائمة على استخدام الإنترنت لإرسال الرّسائل النصيّة والصّور والرسائل الصّوتيّة ومقاطع الفيديو أثناء عمليات تحرير المدن من سيطرة داعش.

في إحدى مجموعات (كروبات) الواتساب، كان عدد من المواطنين يوصلون المعلومات "الدقيقة" عن أماكن تواجد مسلحي التنظيم.

إحداثيات سريعة ساعدت طيران الجيش العراقي وطائرات التحالف الدولي على استهداف تلك التجمعات.

أكثر من ذلك، ساهمت تلك المجموعات في إخبار القوات الأمنية عن العناصر الهاربة المتسللة مع مجاميع مواطنين النازحة أثناء عمليات التحرير.

عمل مخابراتي

ولا يزال م. ط. شاب من المدينة القديمة في أيمن الموصل، يذكر نهار أحد أيّام صيف 2017، عندما مثّل دوراً بأنّ سيارته متعطّلة في أحد شوارع الحي الصناعي بأيسر المدينة، من أجل تحديد مواقع معامل التفخيخ وإرسالها للقوات الأمنية.

يروي الشاب م. كما طلب أن نعرّف عنه خوفا من انتقام بقايا التنظيم في المدينة منه، "وصلتني معلومات عن وجود أربعة معامل تفخيخ في أحد مربعات الحي الصناعي، وكان التنظيم حينها يشدد المراقبة على الأشخاص الذين يمرون قرب معامله".

ارتدى الشاب م. زيّ قروي موصلي (السروال واليشماغ) وتوجه إلى الحي الصناعي. وعند وصوله للمربع المقصود "فتحت بونيد السيارة (غطاء المحرك) وبدأت بدفع السيارة تحت لهيب الشمس الحار. تصببت عرقا لكي أبعد الشبهة عني"، يقول م.

ويتابع "كنت أتوقف في الجهة المقابلة للمعمل المقصود بحجة محاولة تشغيل المحرك، وأقوم بأخذ الإحداثيات".

أرسل الشاب م. إحداثيات المعامل الأربعة مع ملاحظة بـ"ضرورة قصفها بعد السادسة عصرا، لوجود مدنيين في الحي الصناعي"، وتم تدميرها بالفعل.

يحتفظ الشاب م. ببعض رسائل الإحداثيات التي زود موقعنا بها.

 

رسالة من الشاب م. إلى القوات الأمنية تحمل إحداثيات لمواقع تواجد عناصر داعش

 

 

 

​​"في كل لحظة كنت أشعر أنني أعمل مع الموت القريب"

 

 

 

 

 

 

اللعب مع الموت

تبدأ قصة الشاب مع "الموت القريب" كما يصف عمله كمخبر سري متطوع مع القوات الأمنية، بعد حادثة سبايكر وإعدام التنظيم لصديقيه في الموصل.

ويروي أنه بعد حادثة قتل جنود سبايكر، "تولدت لدي رغبة بالانتقام من التنظيم، وتحولت إلى فعل بعد أيام عندما أعدم التنظيم صديقين لي، كانا معي في كلية الإعلام".

أحد المعدومين كان من "أعز أصدقاء" الشاب م.، قتله داعش بإطلاق رصاصات في رأسه.

بدأ م. يتدرب من خلال مشاهدة أفلام على يوتيوب على كيفية تحديد المواقع ونسخ الإحداثيات وإرسالها بواسطة الرسائل.

أرسل رسالة تجريبية فيها إحداثيات مكان تواجده لأستاذه في الجامعة متواجد في تركيا.

يقول م. "كان الأستاذ ذكيا، فهم من الرسالة ما أريده. حذرني من أن نهايتي ستكون الموت إذا اكتشف عناصر التنظيم أمري، لكنني أخبرته أنه لا تراجع عن الطريق الذي أخترته".

نجحت تجربة م. الأولى، وقرر المباشرة بعمله الاستخباري التطوعي.

أنشأ صفحة شخصية وهمية على فيسبوك بنفس الصورة ونفس الأصدقاء كخطوة استباقية في حال تعرض للاعتقال وتم تفتيش صفحته على فيسبوك.

يلفت م. "شعرت أن السوشال ميديا جدا مؤذية لداعش. منشور واحد على فيسبوك يهز جهازهم الأمني بكل معنى الكلمة".

دفعه هذا إلى إنشاء صفحة وهمية أخرى باسم مختلف وصورة مستعارة، وبدأ بمراسلة صفحة كانت معنية بأخبار الموصل.

يقول م. "بدأت بإرسال الأخبار كخطوة أولى، عندما يحدث قصف أعطي الخسائر الناتجة عنه بالتفصيل".

بعد فترة، طلب م. من إدارة الصفحة ربطه بأحد ضباط الاستخبارات لتزويده بالإحداثيات.

"تم التواصل مع أحد قادة العمليات، وعندما رأوا المعلومات التي أرسلها انصدموا".

ابتعد م. عن المنازل حتى لا يؤذي المدنيين، "كنت أهتم فقط بمعامل التفخيخ لأن فيه خسائر أكبر للتنظيم، خبراء التفخيخ وكميات المواد المتفجرة".

ومع انطلاق عمليات التحرير أنشأ صفحة على فيسبوك باسم "معركة تحرير نينوى الإعلام الحربي"، استثمرها في إرشاد أهالي الموصل عن طرق النزوح الآمنة وأماكن تقديم العلاجات للجرحى.

وكانت تلك ورقة مهمة في كشف عناصر التنظيم الذين كانوا يحاولون الهرب متخفين بين النازحين.

​​

​​

95% من المعلومات دقيقة

قيادات القطاعات الأمنية التي شاركت في عمليات التحرير، كانت تهتم بدورها بالمعلومات الواردة من المصادر المدنية.

يقول قائد شرطة نينوى السابق (أثناء عمليات التحرير) العميد واثق الحمداني، "صفحات التواصل والواتساب كانت موجودة ولكن بشكل محدود لأن الدواعش كانوا يسيطرون على الوضع ويتعاملون مع هذه المسائل بشكل حساس جدا".

استطاعت القوات الأمنية بحسب ما يروي الحمداني من خلال "المعارف والناس الموجودة بالموصل"، الحصول على الكثير من المعلومات خاصة أماكن تواجد الدواعش.

ويؤكد قائد الشرطة "بعض الضربات الجوية الدقيقة الناجحة كانت تنفذ عبر المكالمات الهاتفية والرسائل التي تحمل إحداثيات".

"نحو 95 بالمئة من المعلومات الواردة من المصادر المدنية كانت دقيقة"، بحسب حديث الحمداني الذي يوضح "مع ذلك كان جهاز الاستخبارات يدققها ضمن قاعدة البيانات الموجودة لديه".

ساعدت المعلومات الواردة من مجموعات الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي في "إلقاء القبض على رؤوس كبيرة ضمن عناصر التنظيم خصوصا الذين كانوا يهربون بين مجاميع النازحين"، وفقا لقائد الشرطة، الذي يعتبر أن "أعمال داعش التعسفية وقتله وتهجيره وظلمه للمواطنين، دفعهم للانتفاض ومحاولة تقديم أي فعل يساعد القوات الأمنية للخلاص من التنظيم".

وانعكس هذا بعد مرحلة تحرير الموصل بـ“كمية المعلومات والتعاون والترحيب من قبل أهالي الموصل مع القوات الأمنية".

​​​​

​​

المساهمة محدودة

لكن الخبير الأمني الفريق الركن المتقاعد عبد الكريم خلف يعتبر أن دور مواقع التواصل الاجتماعي كان "مساهمة محدودة"، وأنها كانت داعمة "للحس الوطني أكثر من دعمها للجانب الاستخباري".

يقول خلف في حديث لموقع (ارفع صوتك) "عندما كانت تصل معلومات عبر المواطنين والمتطوعين إلى الأجهزة الأمنية، كانت تتقاطع مع معلومات الأجهزة الاستخبارية، إذا تم تأكيدها من الاستخبارات يتم التعامل معها أمنيا، بالتالي المعلومات موجودة أساسا لدى الأجهزة الاستخبارية".

​​

​​

مصادر مهمة

يلفت الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن مجموعات التواصل الاجتماعي مع القوات الأمنية كانت على نوعين "مصادر المعلومات المباشرة وغير المباشرة".

ويوضح الهاشمي "المباشرة هي الأهم لأن مصدرها جزء من العدو لكن انشق عنه نتيجة صحوة ضمير أو مراجعات أو التمهيد إلى التوبة".

قدم هؤلاء المنشقون معلومات مهمة جدا ولعبوا دور المصدر المباشر.

يقول الهاشمي "هذه المصادر كانت مهمة جدا ولها أولوية في تصفية قيادات الجماعات المسلحة، قدموا إحداثيات تعجز الاستخبارات الدولية والمحلية على أن تأتي بمثلها".

أما المصادر غير المباشرة فهي تحتاج إلى الخطوات الاستخباراتية الخمسة (التدقيق والمقاطعة والبحث عن تأكيد، تنمية المعلومات، تقديم النصيحة، إرسالها الجهة التنفيذية وأخيرا اتخاذ القرار).

ويتابع الخبير الهاشمي "يتم التعامل معها (المصادر غير المباشرة) بعد إذن من القاضي ومن ثم ضابط الاستخبارات الذي يعطي بدوره رمزا لحماية الشخص المتعاون فيما إذا انتهى التحرير".

ومن أبرز المدن التي سجلت تعاونا في إيصال المعلومات، تكريت وهيت والرمادي والقائم والموصل بجانبيها الأيسر والأيمن.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

FILE - Children gather outside their tents at the al-Hol camp, which houses families of members of the Islamic State group, in…
أطفال يلهون أمام خيامهم في معسكر "الهول"- أرشيفية

قررت 11 امرأة و30 طفلاً أستراليين محتجزين في مخيم "الهول" رفع دعوى قضائية ضد حكومة بلادهم للضغط من أجل إجبارها على إعادتهم إلى وطنهم.

ولا ترفض أستراليا استعادة مواطنيها المحتجزين في معسكرات اعتقال "عائلات داعش" لكنها تتبنّى سياسة بطيئة في هذا الشأن أسفرت عن استعادة 4 نساء و13 طفلاً العام الماضي فقط.

وسبق وأن اهتزَّ الرأي العام الأسترالي بأنباء معاناة عددٍ من الأطفال الأستراليين داخل المخيم، مثل الطفل يوسف ذي الـ11 عاماً الذي أصيب بالسُل ومات متأثراً به، وفي 2021 تعرضت فتاة أسترالية لمحنة مرضية صعبة بسبب سوء التغذية، وقبلها بعامٍ أصيبت طفلة في الثالثة من عُمرها بـ"قضمة صقيع" في أصابعها بسبب البرد القارص الذي اجتاح المخيم.

بسبب عملية الاستعادة الأخيرة تلك قرّرت مجموعة النساء الأستراليات رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العُليا في ملبورن، يُطالبن فيها بإصدار "أمر إحضار" للحكومة لإنقاذهن من "الظروف البائسة والمروعة" التي يعشن بها منذ سنوات.

أعادت تلك القضية تسليط الضوء على الأوضاع المزرية التي تعيشها آلاف النساء والأطفال داخل مخيمات تقع في الأراضي السورية وتفتقر لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية، إلى درجة دفعت وسائل إعلام عالمية إلى وصفه بأنه "غوانتانامو جديد في سوريا".

بداية الأزمة

نشأت مشكلة مخيم "الهول" عقب نجاح التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في إنهاء دولة داعش التي امتدّت حدودها إلى شمال شرق سوريا.

بدءاً من شهر فبراير 2019 جرت عملية اعتقال واسعة بحق زوجات وقريبات وأطفال مقاتلي "داعش" الذين ماتوا في المعارك أو فرّوا إلى جبهات قتال أخرى.

الآن يعيش في مخيميْ "روج" و"الهول" قرابة 10 آلاف مواطن أجنبي ينتمون إلى 60 دولة تقريباً وتزيد نسبة الأطفال فيهما عن 60%.

أكثر من 80% من هؤلاء الأطفال أعمارهم تقلّ عن 12 عاماً فيما تبلغ نسبة الذين بلغوا الخامسة أو أقل قرابة 30%، وهو ما يعني أن بعضهم قضى أغلب حياته -أو حياته كلها- داخل المخيمات.

تقع هذه المخيمات في منطقة الإدارة الذاتية التي يديرها الأكراد بمعزلٍ عن سيطرة الحكومة السورية. مراراً أعلنت السُلطة الكردية أنها عاجزة عن إيواء هذا العدد الضخم من قاطني المخيّم وطالبت الدول الأجنبية العمل على إعادة مواطنيها إلى بلادهم.

رحلة العودة الصعبة

منذ 2019 أعادت بعض الدول مثل الدنمارك وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة وأوزبكستان وغيرها جميع مواطنيها -أو أغلبهم على الأقل- إلى أراضيها.

في بداية العام الماضي وافقت الدنمارك على السماح للأطفال بالعودة إلى بلادهم لكن دون أمهاتهم حيث اعتبرتهن خطراً على أمنها القومي.

دولٌ أخرى تبنّت موقفاً رافضاً لإعادة مواطنيها مثل كندا والمغرب والمملكة المتحدة فيما اتخذت دول أخرى مثل أستراليا وفرنسا وهولندا موقفاً متأرجحاً بين تحفّظ أولي ثم تراجع وبدء جهود بطيئة لاستعادة مواطنيها تدريجياً.

حتى الآن لا يزال آلاف الأطفال يعيشون أوضاعاً مأساوية داخل المخيمات حُرموا فيها من الطعام والمأوى وفي بعض الأحيان ماتوا بسبب الأمراض وحوادث العنف التي يشهدها المخيم من وقتٍ إلى آخر، وسط مخاوف من أن يستغلَّ مقاتلو "داعش" هذه الأوضاع لينشروا أفكارهم المتطرفة بين الأطفال وتكون بمثابة عودة جديدة للتنظيم في المستقبل القريب.

في ختام 2022 ماتت فتاتان داخل مخيم "الهول" تحملان الجنسية المصرية بسبب الأوضاع الصعبة التي عاشتا فيها لسنواتٍ طويلة، ما دفع بعددٍ من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال إلى تكرار مناشدة الحكومات بالتدخل وإعادة جميع النازحين إلى بلادهم.

منذ عدة أشهر حاولت الإدارة الكردية للمخيّم حل مشكلة الأطفال عبر فصلهم عن أمهاتهم وإخضاعهم لبرنامج تأهيلي يشمل تعلُّم الرسم والموسيقى وبعض المهارات العملية وممارسة الرياضة إلا أن هذا البرنامج واجه انتقادات حقوقية دولية بسبب قيامه بحرمان الأطفال من أمهاتهم الامر الذي قد يعرّضهم إلى المزيد من الأضرار.

هذه الخطوة وصفتها ليتا تايلر المديرة المساعدة لقسم النزاعات في "هيومن رايتس ووتش"، بأن هذا الإجراء "احتجاز لأجلٍ غير مسمى دون تهمة للأطفال" معتبرة أن إبعاد المراهقين عن أُسرُهم يسبّب المزيد من الصدمات لهم.

خلال زيارة بعض صحفيي وكالة "أسوشييتد برس" أظهر بعض الصبية عداءً مفرطاً لهم فألقوا الحجارة عليهم وأشار أحدهم بحركة قطع الرأس.

وفي سبتمبر 2022 زار مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة مخيم الهول واطلع على أوضاعه عن كثب ووصفه بأنه "بؤرة للمعاناة الإنسانية" مهددة بالانفجار في أي وقت لصالح "داعش".

تحديات العودة

تستشعر العديد من الدول قلقاً من أن تؤدي استضافة عائلات مقاتلي "داعش" إلى متاعب أمنية داخل بلادهم لذا فإنها لا تمنحهم موافقتها إلا بعد تدبير إجراءات أمنية صارمة قد تصل إلى حدّ حرمان الأمهات العائدات من أبنائهن.

تمتلك هذه الدول بعض المخاوف الأمنية "المنطقية" من أن هؤلاء الأطفال يحملون أفكار آبائهم المتطرفة والدموية، وقد يجعلونها محلَّ التنفيذ يوماً ما أو على الأقل يعملون على نشرها في المحيط الخاص بهم. كل هذه الهواجس تعطّل كثيراً من جهود إعادة أبناء المخيم إلى بلادهم.

دولة مثل بريطانيا قرّرت إغلاق باب العودة تماماً فجردت بعض مواطنيها المنتمين إلى "داعش" من جنسياتهم الإنجليزية لتحوّلهم إلى "عديمي الجنسية" لا يحقُّ لهم المطالبة بالرجوع إلى بريطانيا ولا يقع أي التزام على الحكومة في هذا الصدد، وهو ما جرى مع الطالبة البريطانية شاميما بيجوم التي انضمت إلى تنظيم داعش وهي في الـ15 من عُمرها وانتقلت للعيش في مخيم لاجئين بعد سقوط التنظيم، والآن تُطالب بالعودة بعدما أصبحت حبيسة في المخيم، طلبٌ لم تلتفت له لندن بدعوى أن بيجوم لم تعد مواطنة بريطانية.

في ألمانيا تخضع الأمهات العائدات إلى محاكمات فورية بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وقد يحكم عليهن بالسجن عشرات السنوات مثلما جرى مع جنيفر دبليو التي هربت من ألمانيا إلى العراق حيث انضمّت إلى تنظيم "داعش" وهناك تسبّبت في مقتل فتاة إيزيدية بالاشتراك مع زوجها.

أما في السويد فلقد فُصلتْ الأمهات العائدات عن أبنائهن فور وصولهن إلى الأراضي السويدية ووضعوا في عُهدة وحدة متخصصة في رعاية الأطفال، وهو إجراء قابله الأطفال بالصراخ والبكاء وفي بعض الحالات ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب والقلق.

خضعت الأمهات لاستجوابٍ مكثّف استغرق من 24 إلى 48 ساعة بعدها حُرمن من الاتصال بأطفالهن لعدة أسابيع حتى سًمح لهن أخيراً برعايتهم، وفي بعض الحالات النادرة رفضت الحكومة السويدية السماح للأمهات باستعادة أطفالهن بدعوى أنهن ليسن مؤهلات لتربيتهن.

بعض الأبحاث اهتمّت بتأثير هذه التجارب القاسية على نفسية الأطفال الذين تربّوا في أجواء حرب ثم عاشوا بعدها أوضاعاً صعبة داخل المخيمات وهو ما شكّل صدمات متعددة في نفسية هؤلاء الصغار تجعل عملية إعادة دمجهم في المجتمعات الغربية أمراً بالغ الصعوبة.

هذه الصدمات قد تجعل الأطفال عُرضة لارتكاب سلوكيات خطرة في المستقبل مثل تعاطي المخدرات والكحوليات فضلاً عن الإصابة بأمراضٍ نفسية كالقلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، كذلك تزداد بينهم احتمالية الإصابة بأمراضٍ مزمنة كالقلب والسكري والسرطان.

تقول ليليان موانري أستاذة الصحة العامة في جامعة تورينس الأسترالية، إنه إذا كان الوقت الذي قضاه الأطفال في المخيمات مؤلماً فإن عملية إعادتهم إلى وطنهم ستكون أيضاً مزعجة، مضيفة أن عملية إعادة توطينهم في بلادهم غالباً ستكون مصحوبة بالوصم والتمييز وهي سلوكيات ستخلّف آثاراً مدمرة على نفسياتهم.

لذا اعتبر قادة عسكريون أميركيون أن هذه العيوب التي تشوب عمليات إخلاء المخيم هي "أكبر عائق أمام ضمان هزيمة كاملة ونهائية لداعش".