رياديات شابات تثبتن نجاحاً/Shutterstock
رياديات شابات تثبتن نجاحاً/Shutterstock

لم يبتلع العديد من المحافظين العراقيين بعد فكرة نجاح النساء في مجال الأعمال وقيامهن بتأسيس مشاريع خاصة بهن.

ولكن تحكي نساء لموقع (ارفع صوتك) كيف استطعن من خلال مشاريعهن الصغيرة منح فرص عمل لغيرهن من النساء والرجال وسط تحديات كبرى أبرزها الحروب والعنف. 

"اكفل نخلة" والتعنيف المجتمعي

يقوم مشروع "اكفل نخلة" على مبدأ الحفاظ على شجرة النخيل الذي بات يهدد وجودها قلة المياه وتراجع المساحات الخضراء في المساحات المكتظة في بغداد. أسسته أمينة فاضل بالتشارك مع زميلين لها.

 

​​

"هل تشعرين أنك ستغيرين العالم بمشروع شجر النخيل هذا؟ من تحسبين نفسك؟ مكانك في المنزل"، هي انتقادات تسمعها آمنة باستمرار من رجال كبار في السن وغيرهم من العقليات المحافظة انتقاداً مشروعها "اكفل نخلة".

تقول آمنة لموقع (ارفع صوتك) "يولد الكلام الذي أسمعه طاقة سلبية كبرى، يتطلب مواجهتها الكثير من العزم والثبات والثقة بالنفس بالمشروع لتخطي كل هذا".

وتضيف "كفريق يمكننا أن نغير الثقافة التي لا تؤمن بقدرة المرأة. كما أثق بأنه يمكنني أن أفعل الكثير كي يتعلم الناس احترام عملي".

وبهامش ربحي بسيط يتركه المشروع الذي أطلقته من شهور عدة، توظف آمنة عمال يوميين لزراعة النخيل ورعايتها. ووصل عدد الشجرات التي حصلت على عقود لرعايتها إلى حوالي الـ300 شجرة.

 وللتغلب على التحديات المجتمعية مثل التحرش، أشركت أمينة زميلين لها في إدارة المشروع ليقوموا بـ"المهام الصعبة" من تسجيل الشركة في الدوائر الرسمية وصولاً إلى التعامل مع الفلاحين، ناهيك عن التحديات الأمنية والاقتصادية التي يتعرض لها العراق.  

مشروع "هيلي" وسطوة الرجل

يقوم المشروع الذي أطلقته نور هاشم منذ حوالي عامين على إنتاج الحلي والحقائب يدوياً، جميعها مستوحاة من الفنون العراقية.

 

وتواجه صاحبته الانتقادات "هناك من راهن على فشل المشروع وانتقدوا كيف يمكنني كامرأة أن أجمع بين الإدارة والتسويق؟ كيف يمكنني أن أستأجر متجراً ومتى أفتتحه؟ وكيف أتسوق المواد الأولية بنفسي؟".

 

​​

وتضيف نور أنها تخطت كل هذه التحديات عندما أوجدت لمشروعها متجراً في واحدة من مراكز التسوق في العاصمة بغداد، وخصصت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها. كما أنها وظفت سبع نساء للعمل اليدوي في مشروعها. كما أنها توظف المزيد حسب متطلبات العمل، تدفع لهن الأجر حسب وقتهن وإنتاجهن وسط تحدٍ آخر.

 

 

"بعض العاملات لا يمكنهن القدوم إلى العمل إلا بمرافقة الزوج أو الأخ". ولحل المشكلة أوضحت لهم أن طبيعة العمل لا تنافي العادات والتقاليد العراقية . 

تجارب أخرى والعين الحسود

تشير مدربة التنمية البشرية، سوزان جميد، إلى أن رياديات الأعمال العراقيات "قد تواجهن أيضاً مشاعر العداوة والحسد من نساء أخريات، لم تسنح لهن الفرصة لتطوير مهارات. أو حتى من رجال أخرين لم يتمكنوا من إحراز تقدم".

وتضيف لموقع (ارفع صوتك) أن هناك تحديات أخرى يفرضها الواضع العراقي منها الزواج المبكر الذي قد يحد من تطور المرأة ويجعلها تركز على العائلة والأطفال أكثر من انشغالها بتطوير نفسها، خاصة إن كانت زواجها من شخص لا يدعمها. ولكن هذا لا يعمم على الجميع.

سوزان حميد نفيسها تزوجت في سن مبكر ولكن زوجها وعائلته قدموا لها الدعم لتحصل على الشهادة المتوسطة ثم الإعدادية وبعدها الجامعة إلى أن استطاعت تأسيس مشروعها الخاص الذي يعني بالتنمية البشرية.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.