الطفلة رهف قبل وفاتها/ من صفحة مستشفى الشهيد الصدر العام في فيسبوك
الطفلة رهف قبل وفاتها/ من صفحة مستشفى الشهيد الصدر العام في فيسبوك

ماتت رهف بعد يومين من فقدانها الوعي.

محاولات فرق طبية مختصة بالعلوم العصبية وجراحة الرأس والعظام لم تجدِ نفعا في إعادة الوعي إليها.

وكانت الطفلة وعمرها سبعة أعوام قد وصلت إلى مستشفى الشهيد الصدر العام شرقي بغداد مع زوجة أبيها، مساء الأربعاء فاقدة للوعي.

بعد الكشف عليها من قبل الأطباء، تبين أنها تعرضت للضرب العنيف والحرق والكهرباء في أجزاء مختلفة من جسدها، فضلا عن ضربها بآلة حادة على رأسها.

ادّعت زوجة والدها أن الطفلة رهف فقدت الوعي بسبب ارتفاع درجة حرارة جسمها.

وقررت مفرزة الشرطة المتواجدة في المستشفى الاتصال بقاضي التحقيق الذي أصدر قراراً بتوقيف زوجة الأب على ذمة التحقيق.

ورغم الاهتمام الطبي بالطفلة، لكن حجم التعنيف الذي تعرضت له أودى بحياتها مساء الخميس.

​​

​​

الجزاء القانوني

وفق قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 الساري المفعول، فإن عقوبة الجاني في قضية الطفلة رهف تتراوح بين الإعدام أو السجن 20 عاماً.

ويوضح الخبير القانوني علي جابر التميمي أن الوصف القانوني لهذه الحادثة يحمل صورتين.

الصورة الأولى: إذا اتضح من خلال التحقيق توفر النية والإرادة والرسم للقتل من قبل الجاني، فيعاقب وفق المادة 406.

وتنص المادة 406:

1يعاقب بالإعدام من قتل نفسا عمدا في احدى الحالات التالية:

أ – إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصد.

ب – إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة أو متفجرة.

ج – إذا كان القتل لدافع دنيء أو مقابل أجر، أو إذا استعمل الجاني طرقا وحشية في ارتكاب الفعل.

د – إذا كان المقتول من أصول القاتل.

(...)

2وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد في الأحوال التالية:

أ – إذا قصد الجاني قتل شخص واحد فأدى فعله إلى قتل شخص فأكثر.

(...)

 

الصورة الثانية: إذا اتضح أن نية الجاني لا تتجه إلى القتل، بل الضرب دون قصد القتل، فتحاكم وفق المادة 410 من قانون العقوبات.

وتنص المادة 410:

من اعتدى عمدا على آخر بالضرب أو بالجرح أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون ولم يقصد من ذلك قتله ولكنه أفضى إلى موته، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة.

وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة إذا ارتكبت الجريمة مع سبق الإصرار أو كان المجني عليه من أصول الجاني (...).

​​

​​

الجاني أقرب إلى الإعدام

وفي تصريح مصوّر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمدير حماية الأسرة والطفل في وزارة الداخلية العميد الحقيقي علي محمد أمس، جاءت تفاصيل الرواية.

يقول العميد محمد "الشكوك تدور حول زوجة أب الطفلة رهف التي نقلتها إلى المستشفى مدعية ارتفاع درجة حرارة جسمها. وبعد إجراء الكشف وجد آثار تعذيب على مناطق مختلفة من جسم الطفلة إضافة إلى آثار صعق كهربائي وكي بالنار أدى إلى فقدانها الوعي بشكل تام".

تمّ اتخاذ إجراءات من قبل مركز شرطة القدس، وتمّ عرض أوراق القضية على قاضي التحقيق الذي قرر توقيف زوجة الأب على ذمة التحقيق.

فيما يصف المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر الحادثة بـ"البشعة".

ويفيد في حديث لموقع (ارفع صوتك) بإن كدمات أخرى قديمة وجدت على جسم الطفلة، وهذا يعني أن "حادثة الضرب ليست الأولى، لكن فقدانها الوعي بسبب الضرب على رأسها دفع بأهلها إلى جلبها للمستشفى".

الروايات تدفع بالخبير القانوني التميمي إلى ترجيح عقوبة تتراوح بين "الإعدام والسجن لعشرين عاما".

ويتابع "حكم القضاء سيكون وفق المعطيات التي تثبتها مجريات التحقيق وإفادات الشهود، والأهم هو تقرير الطب العدلي الذي سيقدم نتائج دقيقة بطبيعة الضرب الذي تعرضت له المجني عليها".

 

الخلل في مجلس النواب

وقدّم مجلس البرلمان العراقي مسودة لقانون العنف الأسري في عام 2015، إلا أن بعض الكتل السياسية العراقية اعترضت على عدد من فقرات القانون أجل التصويت عليه وطالبت بإدخال تعديلات جوهرية قبل تبني القانون وتمريره.

وفي تصريحات سابقة لموقع (ارفع صوتك)، أكّدت النائبة السابقة ومقررة لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب بدورته السابقة، ريزان الشيخ، ضعف الجانب التشريعي في موضوع حماية الأسرة من العنف.

وقالت إنّ المسؤول الأول عن واقع ملف العنف الأسري هي السلطة التشريعية وخاصة لجنة المرأة والأسرة والطفولة. "لدينا محكمة العنف الأسري وجهاز الشرطة المجتمعية لكنها لا تمتلك قوانين تعمل على أساسها".

واتهمت "كتلا سياسية دينية بعرقلة مسودة مسوّدة القانون لتشريعه".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

A woman walks on a road dug up by workers as part of rehabilitation public works on the outskirts of Baghdad on September 15,…
أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات العمل على مشاريع إنمائية في بغداد

تنعم بغداد باستقرار نسبي، بعد نزاعات مدمّرة استمرت عقوداً، أتاحت أشغال تجديد في المدينة من طرقات معبّدة ونظم صرف صحي جديدة إلى فنادق فارهة ومطاعم، وهي مشاريع تسمح للسلطات أيضاً بالدفع ببرنامج عملها أمام الرأي العام. 

فقد جعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من إعادة تأهيل البنية التحتية أولوية لحكومته.

في بغداد البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، تكثر المشاريع الكبيرة لوصل الأحياء العشوائية بشبكات الكهرباء والماء وترميم الطرقات والأرصفة وبناء جسور.

وفي بلد تصدّر عناوين الصحف ووسائل الإعلام على مدى عقود جراء الحروب  والتوترات الأمنية والانفجارات، أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات تقريباً وإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، افتتاح مراكز تجارية ومقاه ومطاعم فاخرة. 

على ضفاف نهر دجلة، يمكن لرواد مجمع "ألف ليلة وليلة" الاختيار بين 12 مطعماً فضلاً عن سلسلة من المقاهي وصالات الاحتفالات ومتاجر وقاعة للعبة البولينغ. خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتردد العشرات إلى المكان برفقة العائلة أو الأصدقاء لتناول الطعام أو تدخين النرجيلة وممارسة لعبة البولينغ.

وفتح المجمّع الذي بني في حديقة أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين أبوابه أواخر العام 2022، على أرضٍ هي الآن بيد نقابة الصحافيين التي استأجرت الموقع. وأطلق المشروع "عدد من المستثمرين الشباب المختصين بالشأن السياحي"، وفق المدير التنفيذي للمشروع فلاح حسن.

ويرى حسن أن "العراق أرض خصبة للاستثمار بشكل لا يمكن تخيله" لكنه في الوقت نفسه يشير إلى وجود "معوقات" مثل "الوضع الأمني والروتين الحكومي العقيم" حيث ينبغي المرور "بألف نافذة لتتمكن من أن تأخذ ورقة موافقة واحدة".

 "مناخ الاستثمار ضعيف"

اعتبر البنك الدولي في تقرير نشر أواخر يوليو أن "مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفاً"، مشيراً إلى "غياب تشريعات مؤاتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج" في إشارة إلى الرشوة.

وتسعى السلطات إلى تغيير ذلك الواقع. ويعمل رئيس الوزراء الذي أعرب مراراً عن عزمه على مكافحة الفساد، وجذب المستثمرين الكبار، لا سيما من دول الخليج.

في أواخر أغسطس، شارك السوداني في وضع حجر الأساس لفندق ريكسوس الفاخر ومجمّع سكني، وهو الاستثمار القطري الأوّل في العراق.

وقال السوداني حينها "بدءاً من رئيس الحكومة وانتهاءً بآخر موظف، سوف نكون مع المستثمر ومع الشراكة ومع القطاع الخاص الجاد في تنفيذ مشاريع الاستثمار في بغداد والمحافظات وإقليم كردستان". 

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، أكّد السوداني على أن حكومته جعلت محاربة الفساد "في أولوياتنا".

لكن ما الذي يقف خلف هذه "الطفرة" التنموية في بغداد؟ في مقال له نشر على موقع معهد "الدراسات الإقليمية والدولية"، التابع للجامعة الأميركية في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، يرى الباحث حيدر الشاكري أن "الطبقة السياسية العراقية وشركائها في مجال الأعمال قرروا استثمار ثرواتهم في مشاريع محلية هي بمثابة ملجأ للأرباح التي اكتسبت بطرق غير شرعية".

ويشير الشاكري في هذا الإطار خصوصاً إلى "مجمعات سكنية فخمة ومراكز تجارية وجامعات خاصة".

لكن السلطات تعتمد سياسة تحديث البنى التحتية. وتبلغ قيمة الاستثمارات في موازنات السنوات 2023 حتى 2025، 37 مليار دولار سنوياً، وهي تقدّر بثلاثة أضعاف القيمة الفعلية للاستثمارات في العام 2022 وفق البنك الدولي.

وقد أتاحت الاحتياطات المالية الكبرى بالعملة الصعبة التي تفوق 100 مليار دولار والمكتسبة من أسعار النفط المرتفعة، إمكانية طرح تلك المبالغ في الموازنة.

"إلى متى؟"

وأنشأت الحكومة فريق الجهد الخدمي والهندسي، الذي يضمّ جهوداً وفرقاً من وزارات وشركات عامة ومهندسي الجيش والحشد الشعبي، مهمته إعادة تأهيل الأحياء العشوائية "المحرومة منذ أكثر من عشرين عاماً" من الخدمات وفق رئيس الجهد الخدمي في بغداد المهندس عبد الرزاق عبد محيسن. 

تنكّب فرق الجهد الخدمي على العمل في الأزقة الترابية في حيّ الكوفة الواقع على أطراف العاصمة. تحفر جرارات الشوارع من أجل توصيل أنابيب جديدة، فيما تقوم شاحنة بنقل الحطام.

ويقول عبد محيسن الذي يشرف على الأعمال في حي الكوفة إن "هناك أكثر من 1093 عشوائية في محافظة بغداد أعدّت الخطط لها على أن تكون الأعمال بشكل تدريجي".

وأضاف "هناك أكثر من 200 مليار دينار مخصصة لأعمال البنى التحتية من ضمنها المياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الشوارع".

يرحب بعض سكان تلك المنطقة بهذه التغييرات، لكن آخرين ما زالوا يشتكون من نواقص عدة في الخدمات تؤثر على حياتهم اليومية. 

ويشعر أبو علي البهادلي وهو عامل يومي في مجال البناء بفرحة غامرة إزاء هذه التحسينات في حيّه. 

ويقول "مناطقنا كانت محرومة من الخدمات بشكل تام"، مضيفاً أن الوضع في السابق كان مختلفاً، "لا نستطيع أن نخرج إلى الشارع بسبب الوحول التي تسببها الأمطار". 

إلا أن جاره أحمد راضي البالغ من العمر 45 عاماً، لا ينظر إلى الأمور بالإيجابية نفسها ويشتكي من قلة الخدمات والماء والكهرباء.

ويقول راضي وهو موظف حكومي "أعطيني مسؤولا يبقى بلا ماء ساعة واحدة. يريدون أن يعبدوا الشارع قبل إنجاز الماء. لقد تعبنا".

ويتساءل الرجل "متى يكملون الرصيف؟ متى يقومون بوضع نظام تصريف للأمطار؟"، مضيفاً "تأتي من عملك متعباً، لا كهرباء ولا ماء، المجاري منتشرة، أريد أن أعرف إلى متى؟".