ظاهرة "الجيوش الالكترونية" في العراق باتت شائعة وتأكد أمرها.
لكن التطور الخطير، هو أن بعض وسائل الإعلام بدأت تنخرط في هذه الجيوش أو تتأثر بما تنشره، لتساهم في التأثير على الرأي العام باتجاه آراء لا تخلو من الكراهية والعنف، ولا تقتصر على الميدان السياسي.
ووفقا لرصد مختصين، فإن عشرات الصفحات بدأت تستخدم أسماء صحفيين معروفين أو قنوات فضائية.
يقول عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد هاشم حسن إن سبب انجرار الإعلاميين ووسائل الإعلام إلى الجيوش الإلكترونية هو "كثرة العاملين في الصحافة وغياب الجهات الرقابية التي تحاسب"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "قبل 2003 كان في العراق أقل من 4 آلاف صحفي، اليوم عدد من يحمل الهوية الصحفية يتجاوز الثلاثين ألف".
وكان منح الامتياز للمؤسسة الصحفية حصرا على وزارة الثقافة والإعلام، وألغي هذا الأمر وتحول لنقابة الصحفيين التي "تمنح الامتياز دون قانون أو شروط"، وفقا لحسن.
"اتهام الصحفيين تجني عليهم"
بدوره، ينفي نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي تلك الأرقام الواردة، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن عدد الصحفيين قبل 2003 كان "نحو 7 آلاف، والآن من يزاول المهنة 12 ألف، أما عدد المسجلين في النقابة منذ تأسيسها في عام 1959 فيصل إلى 16 ألف مسجل بينهم المتوفين وتاركي العمل والمسافرين إلى خارج البلد وبعض الصحفيين العرب".
ويعتبر اللامي "اتهام الصحفيين فيه تجني عليهم، موضحا "فعلا هناك جيوش إلكترونية لكنها بالغالب تعود إلى "جهات لديها كيانات سياسية تحاول أن تؤثر على وسائل الإعلام".
وبدأت نقابة الصحفيين العراقيين بحكم التعديل الذي أقره مجلس النواب بتسجيل هذه المواقع والوكالات وهناك مقترح بتشكيل لجنة مع جهات رسمية لمعرفة أماكن عمل تلك المواقع والعاملين فيها، بحسب اللامي.
"مرتزقة الإعلام!"
وتعتمد بعض الصفحات التي تعود لمؤسسات صحفية أو لشخصيات إعلامية نشر أخبار مفبركة، وتستخدم أحيانا صورا ومقاطع فيديو قديمة معتمدة على خبراء في المونتاج لغرض كسب ثقة المتلقي لأخبارها.
هذا إضافة إلى تمويل منشوراتها لعدة أيام بهدف إيصالها إلى أكبر عدد من الجمهور مواقع التواصل الاجتماعي.
ويوضح عميد كلية الإعلام أن "هناك حاليا 7 آلاف جهة" حصلت على اعتماد من نقابة الصحفيين، وبإمكان كل جهة منها منح اعتماد العمل الصحفي لـ"مئة أو مئة وخمسين شخص".
ويتابع "هذه العمليات لم تحصل بالصدفة، بل هناك معلومات مؤكدة أن كبار السياسيين وبعض الأجهزة الحكومية الخاصة لديها مواقع وصفحات تستفيد مما ينشر فيها".
ويتقن أصحاب تلك الصفحات إدارتها والفئات المستهدفة وأوقات النشر ولغته، لتلعب دورا سلبيا في السلم والأمن المجتمعيين في البلاد بما يخدم مصالح القوى السياسية التابعون لها.
ووفقا لعميد كلية الاعلام هاشم حسن، فإن تلك الصفحات نجحت وساهمت في اقحام الجمهور في أزمات سياسية، متسائلا "من يحمي المجتمع من مرتزقة الصحافة؟".
المخالف يعاقب
لكن النقيب اللامي يلفت إلى أي منشور أو خبر فيه مخالفة قانونية أو خلقية يحاسب ناشره من قبل "القضاء ولجنة الانضباط في النقابة".
ويوضح "هاتان الجهتان بتنسيق عالي تقومان بمتابعة أي شكوى ترفع في هذا الموضوع ضد الصحفي للتأكد من وجود مخالفة من عدمه ومحاسبة المخالف".
وبالعادة يطلب القضاء من النقابة لجنة خبراء صحفيين للنظر فيما إذا كانت هناك مخالفة للمعايير المهنية في الموضوع محل الشكوى، وفقا لللامي، الذي يشير إلى أن هناك أسماء وهمية وأخرى متغيرة يستخدمها أصحاب تلك الصفحات وهو ما يزيد من صعوبة كشف من يقف وراءها، مضيفا "لذلك سنعلن عن المواقع الرسمية والمعروفة ونكشف عن الصفحات والمواقع الوهمية وسنتبع معها طرق تقنية بالتنسيق مع الجهات الرسمية لغلقها".