شعار فيسبوك
شعار فيسبوك

ظاهرة "الجيوش الالكترونية" في العراق باتت شائعة وتأكد أمرها.

لكن التطور الخطير، هو أن بعض وسائل الإعلام بدأت تنخرط في هذه الجيوش أو تتأثر بما تنشره، لتساهم في التأثير على الرأي العام باتجاه آراء لا تخلو من الكراهية والعنف، ولا تقتصر على الميدان السياسي.

ووفقا لرصد مختصين، فإن عشرات الصفحات بدأت تستخدم أسماء صحفيين معروفين أو قنوات فضائية.

يقول عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد هاشم حسن إن سبب انجرار الإعلاميين ووسائل الإعلام إلى الجيوش الإلكترونية هو "كثرة العاملين في الصحافة وغياب الجهات الرقابية التي تحاسب"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "قبل 2003 كان في العراق أقل من 4 آلاف صحفي، اليوم عدد من يحمل الهوية الصحفية يتجاوز الثلاثين ألف".

وكان منح الامتياز للمؤسسة الصحفية حصرا على وزارة الثقافة والإعلام، وألغي هذا الأمر وتحول لنقابة الصحفيين التي "تمنح الامتياز دون قانون أو شروط"، وفقا لحسن.

​​

​​

"اتهام الصحفيين تجني عليهم"

بدوره، ينفي نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي تلك الأرقام الواردة، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن عدد الصحفيين قبل 2003 كان "نحو 7 آلاف، والآن من يزاول المهنة 12 ألف، أما عدد المسجلين في النقابة منذ تأسيسها في عام 1959 فيصل إلى 16 ألف مسجل بينهم المتوفين وتاركي العمل والمسافرين إلى خارج البلد وبعض الصحفيين العرب".

ويعتبر اللامي "اتهام الصحفيين فيه تجني عليهم، موضحا "فعلا هناك جيوش إلكترونية لكنها بالغالب تعود إلى "جهات لديها كيانات سياسية تحاول أن تؤثر على وسائل الإعلام".

وبدأت نقابة الصحفيين العراقيين بحكم التعديل الذي أقره مجلس النواب بتسجيل هذه المواقع والوكالات وهناك مقترح بتشكيل لجنة مع جهات رسمية لمعرفة أماكن عمل تلك المواقع والعاملين فيها، بحسب اللامي.

​​

​​

"مرتزقة الإعلام!"

وتعتمد بعض الصفحات التي تعود لمؤسسات صحفية أو لشخصيات إعلامية نشر أخبار مفبركة، وتستخدم أحيانا صورا ومقاطع فيديو قديمة معتمدة على خبراء في المونتاج لغرض كسب ثقة المتلقي لأخبارها.

هذا إضافة إلى تمويل منشوراتها لعدة أيام بهدف إيصالها إلى أكبر عدد من الجمهور مواقع التواصل الاجتماعي.

ويوضح عميد كلية الإعلام أن "هناك حاليا 7 آلاف جهة" حصلت على اعتماد من نقابة الصحفيين، وبإمكان كل جهة منها منح اعتماد العمل الصحفي لـ"مئة أو مئة وخمسين شخص".

ويتابع "هذه العمليات لم تحصل بالصدفة، بل هناك معلومات مؤكدة أن كبار السياسيين وبعض الأجهزة الحكومية الخاصة لديها مواقع وصفحات تستفيد مما ينشر فيها".

ويتقن أصحاب تلك الصفحات إدارتها والفئات المستهدفة وأوقات النشر ولغته، لتلعب دورا سلبيا في السلم والأمن المجتمعيين في البلاد بما يخدم مصالح القوى السياسية التابعون لها.

ووفقا لعميد كلية الاعلام هاشم حسن، فإن تلك الصفحات نجحت وساهمت في اقحام الجمهور في أزمات سياسية، متسائلا "من يحمي المجتمع من مرتزقة الصحافة؟".

​​

​​

المخالف يعاقب

لكن النقيب اللامي يلفت إلى أي منشور أو خبر فيه مخالفة قانونية أو خلقية يحاسب ناشره من قبل "القضاء ولجنة الانضباط في النقابة".

ويوضح "هاتان الجهتان بتنسيق عالي تقومان بمتابعة أي شكوى ترفع في هذا الموضوع ضد الصحفي للتأكد من وجود مخالفة من عدمه ومحاسبة المخالف".

وبالعادة يطلب القضاء من النقابة لجنة خبراء صحفيين للنظر فيما إذا كانت هناك مخالفة للمعايير المهنية في الموضوع محل الشكوى، وفقا لللامي، الذي يشير إلى أن هناك أسماء وهمية وأخرى متغيرة يستخدمها أصحاب تلك الصفحات وهو ما يزيد من صعوبة كشف من يقف وراءها، مضيفا "لذلك سنعلن عن المواقع الرسمية والمعروفة ونكشف عن الصفحات والمواقع الوهمية وسنتبع معها طرق تقنية بالتنسيق مع الجهات الرسمية لغلقها".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.