نشرت منظمة "هيومن راتيس ووتش" تقريراً تفصيلياً للمقابلات التي أجرتها مع 29 طفلاً (18-14) عاماً، اعتقلتهم السلطات الكردية بتهم الانتماء لتنظيم داعش، 24 منهم ما زالوا محتجزين لدى منظمة النساء والأطفال الإصلاحية في أربيل، فيما البقية أفرج عنهم.
22 طفلاً أعمارهم (17-14)، واثنان يبلغان 18 عاماً، ومن بين 24 أدين 8، بينما الآخرون بانتظار المحاكمة، علماً بأن جميع هؤلاء الأطفال ذكور.
جاء التقرير نتيجة جهد باحثين في المنظمة بين عامي 2016 و2018، تحت عنوان "الجميع بحاجة للاعتراف".
وكانت المنظمة نشرت جزءاً منه في كانون ثاني/يناير الماضي حول التعذيب الذي تعرض له الأطفال من أجل انتزاع اعترافات هي بمثابة إملاءات من المحققين، اضطر العديد من الأطفال لقاءها تقديم الاعتراف من أجل وقف التعذيب.
ونفت حكومة كردستان في حينه ما جاء في التقرير، قائلة على لسان منسق التوصيات الدولية في حكومة الإقليم ديندار زيباري، إن "الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة ويشتبه بانتمائهم سابقاً إلى داعش، يجري التعامل معهم بصفتهم ضحايا لداعش وليس كمذنبين، ويجري التعامل معهم كأي طفل مهجّر بصورة طبيعية ومن منطلق إنساني".
لكن منظمة هيومن رايتس ووتش نشرت صباح اليوم فيديو لمقابلات مع الأطفال الذين تقول إنهم تعرضوا للتعذيب.
ووفق "هيومن رايتس"، تعرض 19 طفلاً من بين الـ29 إلى الضرب من قبل قوّات "الأسايش" الكردية.
قال الأطفال إنهم ضربوا بأنابيب بلاستيكية وأسلاك كهربائية وقضبان حديدية. والعديد منهم أكد تعرضه للضرب في أنحاء مختلفة من جسمه وأحياناً من قبل أشخاص عدة في نفس الوقت.
ثلاثة أطفال قالوا إنهم تعرّضوا للتعذيب بالصعقات الكهربائية وآخرون تم تقييدهم في وضعية جلوس ضاغطة ومُجهدة تدعى "العقرب".
نقص في الأدوية
وفقاً لزيباري "يتمتع المعتقلون بإمكانية الوصول المستمر للعاملين الطبيين في مرافق الاحتجاز والوصول للمستشفيات إذا لزم الأمر".
لكن عديد الأطفال قالوا إن الرعاية الطبية "لم تكن كافية وتم حرمانهم من العلاج".
قال أحدهم إن عائلته أحضرت له الدواء ثلاث مرات لحالة مرضية مزمنة لديه، لكن لم يتم السماح بإدخال الأدوية له.
كما أكد آخر أنه كان في حالة انتحار وظهرت علامات إيذاء نفسه عليه، كما عانى آخر من مشاكل نفسيّة، لكن أياً منهما لم يتلق مساعدة نفسية خاصّة.
وقال عدد من الأطفال إنهم رأوا طبيباً في منظمة النساء والأطفال الإصلاحية، لكن كلما سألوه العلاج أو رووا أوجاعهم يتم اتهامهم بالكذب وأنهم ليسوا مرضى، بالتالي لم يتلقوا العلاج.
نوار يعاني من مشاكل نفسية مذ كان عمره 6 سنوات، قال لـ"هيومن رايتس" إنه طلب المساعدة ووعدوه بالنقل للمستشفى لكن لم يحدث ذلك، والسبب وفق ما أخبروه "الطبيب غير متاح".
ممنوعون من الزيارات
جميع الأطفال نفوا السماح لهم بزيارة عائلاتهم لهم أثناء احتجازهم في سجن قوات الأسايش.
ولكن سمح لعائلاتهم بالزيارة أثناء وجودهم في إصلاحية أربيل قبل محاكماتهم، لكن معظمهم قال لـ "هيومن رايتس" إنهم "حُرموا من الاتصالات الهاتفية مع العائلة بعد صدور الأحكام".
أحد الفتية أكد للمنظمة أنه وخلال عامين كاملين من احتجازه لم يقم باتصال مع عائلته.
وأضاف التقرير "وفقاً لموظفي الإصلاحية، فإن قوات الأسايش هي من يُحدد إذا ما يُسمح أو يمنع أطفال بعينهم من الاتصال أو زيارة الأهل".
بدوره، أكد زيباري أنه يتم "إخطار عائلات المعتقلين فور احتجاز أحد أفرادها، كما يتم إبلاغهم سبب الاحتجاز".
مضيفاً لـ"هيومن رايتس" أنه "يُسمح بزيارات الأقارب وإن لزم الأمر تجري مكالمات هاتفية بين الطرفين بحضور ضابط أمن".
من جانبهم، قال أغلب الأطفال الذين قابلوا "هيومن رايتس" إنه وحين سمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم، كانت مكالمتان أسبوعياً ومقابل رسوم مالية، وتكلفتها شيء ليس بمقدور جميع المحتجزين.
العواقب
تقول "هيومن رايتس" في تقريرها، إن عواقب كل ما تعرض له الأطفال في معتقلات السلطات الكردية "سلبية".
فالأطفال سيوصمون طيلة حياتهم بانتمائهم لداعش، وسيعانون على المدى الطويل من الانفصال عن العائلة والتهجير وصعوبات من أجل إعادة الاندماج في المجتمع.
جميع الأولاد تقريباً، يعتقدون أنه بغض النظر عن كونهم نشطاء أم لا مع داعش، فإن خياراتهم المستقبلية قليلة بعد قضاء الأحكام بالسجن، فهذا سيصمهم أتوماتيكياً بأنهم داعش، وسيجعل عودتهم لمجتمعاتهم "خطرة".
ويخاف هؤلاء الأطفال الذين قضوا فترات عقوبتهم في كردستان، من أنهم إذا عادوا إلى مناطق سيطرة حكومة بغداد، قد يتم القبض عليهم مجدداً، بسبب "عدم التنسيق بين النظامين القضائيين في بغداد وأربيل"، وفق ما نقلت "هيومن رايتس"، علماً بأن الأطفال الذين يتم الإفراج عنهم لا يتم تزويدهم تلقائياً بوثائق المحكمة الخاصة بهم، إنما عليهم المبادرة لطلبها من المحكمة.
يقول بدر الذي أطلق سراحه من الإصلاحية حزيران/يونيو 2018، إنه ذهب للعيش في مخيم للنازحين، إذ لا خيار آخر لديه، إذ يعتقد أنه "سيتعرض للقتل إذا ما عاد لقريته، إما من قبل قوات الحشد الشعبي أو من مسلّحين في مجتمعه المحلي".
حسين أيضاً يرى أنه وبعد إطلاق سراحه "لن يكون أمامه إلا المخيم ليعيش فيه".
يقول إن كل أقاربه كانوا مع داعش، لذا لم يعد إلى بيته" مضيفاً أنه سمع من معتقلين عن فتى عاد إلى الحويجة (بلدته) بعد الإفراج عنه إلا أنه اعتُقل من قبل قوات الحشد الشعبي.