الرئيس العراقي برهم صالح يجتمع مع نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي ببغداد
الرئيس العراقي برهم صالح يجتمع مع نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي ببغداد

استقبال بروتوكولي مختلف رافق وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى بغداد.

كان في استقباله في مطار بغداد الدولي وزير التجارة العراقي محمد هاشم العاني وسفير إيران لدى العراق إيراج مسجدي.

الاستقبال لم يكن مثل مراسيم الزيارات الرئاسية المعتادة.

توجه الرئيس الروحاني بعد نزوله في المطار إلى مدينة الكاظمية شمال العاصمة لزيارة مرقد الإمام الكاظم، ليتوجه عقبها إلى قصر السلام، مقر إقامة الرئيس العراقي برهم صالح، حيث أقيم الاستقبال الرسمي بعد انتهاء زيارته الدينية.

​​

​​

رسائل مقصودة

ورغم أن تفاصيل الزيارة سبق أن تمّ الترتيب لها من قبل وزير الخارجية الإيراني الذي التقى بنظيره العراقي محمد الحكيم في بغداد قبل يوم من وصول روحاني، إلا أن مدونين على مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبين اعتبروها رسالة إيرانية مقصودة.

يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة أياد العنبر إلى أنها "مفارقة أن تسبق الزيارة الدينية مراسيم الاستقبال الرسمية"، ويقول العنبر في حديث لموقع (ارفع صوتك) إن "الحكومة الإيرانية تتعامل بالرسائل، رسالتها سياسية فيها علوية في التعامل الإيراني مع العراق لكسب الجمهور الإيراني".

ويتابع أن فيها "دلالات ورمزية دينية على اعتبار أن المشتركات الدينية أكثر من المشتركات السياسية".

لكن الرئيس العراقي برهم صالح وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظريه الإيراني حسن روحاني عقب انتهاء مراسيم الاستقبال، أكد أن الزيارة جاءت "للتأكيد على أهمية العلاقات بين بلدينا وشعبينا، والتأسيس لبنى تحتية اقتصادية مترابطة بين بلدينا وتمتد إلى المنطقة على العموم".

​​

​​

إيران تلعب على العامل الديني

على مواقع التواصل الاجتماعي يربط بعض المدونين بين استقبال وزير التجارة العراقي محمد هاشم العاني وبين موضوع العقوبات الأميركية على طهران.

"الإيرانيون يلعبون على العامل الديني بشكل أكثر وأكبر من العلاقات السياسية والدبلوماسية، يؤكدون على العامل الديني"، حسب عنبر.

فيما يعلق الصحفي منتظر ناصر على صفحته في فيسبوك بقوله "زيارة روحاني لمقام الامام الكاظم (ع) قبل استقباله الرسمي استعراض معروف الغايات والأهداف.. لكن ما يهمنا هو معرفة ما يحمله من أجندة بالنسبة لشط العرب؟".

ويقول أستاذ العلوم السياسية العنبر "هذه الرسالة تضر الحكومة العراقية أكثر من تأكيدها على المصالح بين البلدين".

ويوضح "الحكومة لن تركز على هذا الجانب لأنه سيضعف شعبيتها ويؤكد تبعية العراق لإيران وعدم احترام ايران للبروتوكولات الرسيمة العراقية المتعلقة بمراسيم الزيارات".

​​

​​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.