يعاني أطفال مقاتلي داعش من تبعات انضمام أبائهم للتنظيم
يعاني أطفال مقاتلي داعش من تبعات انضمام أبائهم للتنظيم

وحيدة محمد.. اسم تتذكره جيدا عائلات مقاتلي تنظيم داعش في قضاء الشرقاط شمال محافظة صلاح الدين.

في بداية سنة 2017 ظهرت وحيدة، أو أم هنادي كما تنادى، وهي تقود مجموعة مسلحين يُحمّلون عائلات مقاتلي داعش في شاحنات لطردهم خارج القضاء الذي أعلنت القوات العراقية تحريره في أيلول/سبتمبر 2016. 

"هذا شرف لي أن أطهر وأنظف الشرقاط"، تقول أم هنادي بفخر في شريط الفيديو. وخلفها يقف مجموعة من المسلحين برشاشاتهم.

"هذه عوائل الدواعش في السيارات.. نعاملهم بمثل ما عاملونا".

​​​​نٌقلت العائلات إلى مخيم "الشهامة" على بعد 10 كيلومترات شمال غرب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين. وما تزال محتجزة هناك إلى اليوم.

خلال السنوات الماضية، قتل تنظيم داعش -وقبله القاعدة- زوج أم هنادي الأول ثم الثاني وأباها وثلاثة من إخوتها.

ردت "ربة البيت"، كما تصف نفسها، بتشكيل قوة قتالية عشائرية تابعة للحشد الشعبي من أجل قتال داعش في الشرقاط والمناطق المحيطة: "تشكيل أم هنادي للمهمات الخاصة".

تفخر أم هنادي، ذات الـ42 ربيعا، علنا بأنها "تقطع رؤوس الدواعش" و"تطبخها" و"تحرق جثث المقاتلين". ظهرت في أكثر من مرة صورة تحمل رأسا مقطوعا أو تقف خلف جثة.​

​​​​​في لقاء مع "شبكة السي إن إن"، سنة 2016، قالت إنها تعرضت "لست محاولات اغتيال"، لكنها عازمة على مواصلة "طريقها الجهادي".

بعد تحرير الشرقاط، حولت أم هنادي نظرها إلى عائلات مقاتلي داعش وأصرت على تهجيرها.

ورد اسمهما في أحد تقارير هيومن رايتس ووتش كأحد المسؤولين عن التهجير.

وفي مناطق مختلفة من العراق، نشطت مجاميع ثأرية ضد عائلات مقاتلي داعش. تلقى بعضها رسائل تهديد تُخيِّرها بين الرحيلِ والقتل.

تلقت بعض عائلات مقاتلي داعش رسائل تهديدية: الرحيل أو الموت

​​​المعذبون في المخيم

يجلس الطفل محمد عبد الجبار، 10 سنوات، داخل خيمة صغيرة بمخيم "الشهامة" في أطراف مدينة تكريت.

أسست الحكومة المحلية المخيم لإيواء عائلات مقاتلي داعش بعد تحرير المدينة سنة 2016.

"ما ذنبي وذنب إخوتي وأمي لنأتي إلى هذا المخيم؟"، يسأل محمد.

​​

قتل والد محمد المنتمي لداعش، فيما أتي به هو وعائلته إلى مخيم الشهامة. ولم يسمح لهم بالمغادرة.

"ما ذنبي وذنب إخوتي وأمي لنأتي إلى هذا المخيم؟"، يسأل محمد.

على مسافة قريبة من مخيم "الشهامة"، يوجد مخيم ثان "للعائلات العادية". هناك توجد مدرسة.

التحق محمد بالمدرسة. لكن وصمة داعش أرغمته على المغادرة. يقول إن زملاءه كانوا يقلبونه ورفاقه من مخيم "الشهامة" بـ"أبناء داعش".

يقول محمد إن زملاءه في المدرسة كانوا يقلبونه ورفاقه من مخيم "الشهامة" بـ"أبناء داعش".

​​غير بعيد عن محمد، يقف هشام، 11 عاما، متكئا على عكازه.

بالنسبة لهشام، الحياة لا تطاق في المخيم. "اقتلونا.. أو أخرجونا من هنا"، يقول.

يضم مخيم الشهامة أكثر من 100 أسرة. حوالي 400 شخص تقريبا أغلبهم من النساء والأطفال.

لا أحد يستطيع المغادرة. الاتصالات ممنوعة أيضا.

فقدت شيماء حبيب، 45 عاما، ابنها "الداعشي" ولا تعرف شيئا عن بقية أطفالها. "لم أرهم منذ شهور.. لم أشاهدهم أو أسمع صوتهم. نحن ممنوعون من الخروج أو امتلاك جهاز للاتصال"، تقول.

انظروا كم هو قذر!

في وسط المخيم، ينتصب خزان ماء تتحلق حوله مجموعة من النسوة والأطفال.

الماء بالكاد يكون صالحا للشرب.

"بربكم انظروا كم هو قذر. لا نستطيع حتى استعماله في الغسيل"، تقول إحدى النسوة.

نساء وأطفال يجتمعون حول خزان الماء في مخيم الشهامة

​​على مقربة من خزان الماء، غرفة صغيرة لاستقبال المرضى. هي في الواقع "كرفان". تفتح في المساء فقط.

لكن أحمد عبد الكريم رئيس مجلس محافظة صلاح يقول إن الخدمات الأساسية متوفرة في المخيمات. ويشدد أن المنظمات الإغاثية "تصلها بين الحين والاخر، فضلا عن وزارة الهجرة".

في الأخير، "هذا هو حال المخيم!"، يقول عبد الكريم.

وينفي رئيس مجلس محافظة صلاح الدين وجود قرار رسمي ساري المفعول باحتجاز عائلات مقاتلي داعش.

قتلت التنظيمات المسلحة زوج أم هنادي الأول ثم الثاني وأباها وثلاثة من إخوتها.

​​وكان مجلس المحافظة ألغى قرارا سابقا بعزل عائلات مقاتلي داعش، إثر دعوى قضائية رفعها عضو مجلس النواب السابق عن المحافظة مشعان الجبوري.

وألغى المجلس قراره قبل صدور حكم من المحكمة الاتحادية العليا.

ونشرت وسائل الإعلام العراقية حينها، بناء على تصريحات من أعضاء مجلس المحافظة، أن مدة الترحيل كانت لا تقل عن عشر سنوات.

وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش القرار عند إعلانه.

لكن رغم إلغائه رسميا، ما تزال عمليات الاحتجاز متواصلة.

نص حكم المحكمة الاتحادية العليا بعد قرار مجلس محافظة صلاح الدين ترحيل عائلات مقاتلي داعش

​​لا يختلف حال العائلات في مخيم الشهامة في تكريت عن باقي المحافظات.

في الأنبار، اختارت الحكومة العراقية قضاء "عامرية الصمود" (110 كلم غرب العاصمة بغداد)، ليكون ساحة لمعظم مخيمات النازحين، ولعائلات مقاتلي داعش أيضا.

"عامرية الصمود" هو القضاء الوحيد في المحافظة الذي لم يسقط بأيدي داعش. كان في السابق يسمى "عامرية الفلوجة".

يقول شاكر العيساوي رئيس المجلس المحلي للقضاء إن عائلات مقاتلي داعش لا تشكل أكثر من 5 في المئة من مجموع العائلات النازحة هناك.

ويؤكد أن المجلس المحلي طالب القوات الأمنية بإعادة العائلات إلى مناطقها، على أن "تكون تحت المراقبة". لكن ذلك لم يحدث.

غرفة استقبال المرضى في مخيم الشهامة قرب تكريت

​​وفي الموصل، أصدر مجلس محافظة نينوى قرارا بترحيل كل من له علاقة بتنظيم داعش. وسريعا، عزلت عائلات مقاتلي التنظيم في مخيم السلامية في قضاء تلعفر ( 70كم غرب الموصل). استقبل المخيم نحو 1800 أسرة.

داخل المخيم، الذي لم يُسمح لنا بدخوله إلا بعد منتصف الليل، الخوف سيد المكان. لم يقبل شخص واحد الحديث.

في هذا المخيم، لا شيء يسير بشكل طبيعي: لا ماء، ولا كهرباء، ولا مدرسة.

ألم الموت أهون!

الخروج من المخيم أقصى ما تتمناه عائلات مقاتلي داعش. في مخيم النصر بـ"عامرية الصمود"، يقول فرج عبد إنه تبرأ من ابنه المنتمي لداعش، ولديه شهادة من عشيرته ومن المحكمة. ومع ذلك، لا يستطيع المغادرة.

"ما ذنبنا نحن؟! أولادنا سيئون، رفضنا أفعالهم.. ليذهبوا ويسألوا عني إذا كنت أعنته، فليحاسبوني حينها"، يقول الرجل الستيني.

يقول فرج عبد إنه يمتلك وثيقة من عشيرته ومن المحكمة ببراءته من ابنه

​​في أعين المنظمات الحقوقية، لا يوجد أساس قانوني لاحتجاز عائلات مقاتلي داعش. بلقيس ويلي كبيرة باحثي هيومن رايتس ووتش في العراق تقول في حديث هاتفي مع (ارفع صوتك) من جنيف "راقبنا لشهور كيف تعاملت السلطات العراقية مع هذه العائلات. ما يمكننا قوله هو أنه لا أحد يملك الحق في احتجازها سواء في مخيمات أو سجون".

بالنسبة لويلي، هذه العائلات غير مدانة بأية جريمة وفق النظام القضائي العراقي لذا لا مبرر لاستمرار احتجازها.

"جريمتهم الوحيدة أنهم أبناء لمقاتلين من داعش أو زوجات لهم"، تقول كبيرة الباحثين في هيومن رايتس ووتش.

لكن الحكومة العراقية تنظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة: هذه المخيمات تحمي العائلات.

يقول سعد معن الناطق باسم وزارة الداخلية إن "هدف الحكومة الأول هو الحفاظ على أرواحهم".

ويوضح "لا ننسى أن هناك الكثير من النزاعات والمشاكل وعمليات الثأر في الكثير من المناطق المحررة، بل إن الكثير من العشائر لا تتقبل عودة هذه العوائل الى مناطقها".

هذه المخيمات تحمي العائلات، تقول الحكومة العراقية

​​

ما يقوله سعد معن يختزن جزءا من الحقيقة أيضا. فغير بعيد من مخيم النصر في الأنبار، يظهر الحنق تجاه عائلات مقاتلي داعش واضحا.

في إحدى النقاط العسكرية القريبة، يقف الشيخ إسماعيل العيساوي أحد قادة الحشد العشائري في "عامرية الصمود".

لا يطيق الشيخ الحديث عن "عوائل الدواعش". "ألم الموت أهون عندي من رؤية مقاتلي داعش وأهاليهم داخل المدينة أو المشي معهم في الطرقات"، يقول.

التطرف يخلق التطرف

يوجد مئات الأطفال والنساء بين العائلات المحتجزة.

يعتقد سعد الخالدي، رئيس المركز العراقي لمهارات التفاوض وفن النزاع، أن استمرار عمليات الاحتجاز سيؤدي حتما إلى خلق المزيد من المتطرفين.

ما يحدث الآن ليس جديدا. يستعيد الخالدي ما وقع في سجني بوكا وأبو غريب، "حيث زج بالكثير من المواطنين العاديين إلى جانب متطرفين، فتم تجنيدهم بسهولة.. عزل هؤلاء الناس بمخيم سوف يساعد على نشوء تنظيمات أخرى متطرفة مستقبلا".

بدورها، تطالب ندى الجبوري رئيسة منظمة المرأة والمستقبل الحكومة العراقية "بتحمل مسؤوليتها في النظر لمعاناة الكثير من هذه العائلات بدلا من تحمليها وزر أحد أفرادها".

بالنسبة للجبوري، وحده الاهتمام بهذه العائلات وأطفالها يشكل "استثمارا جيدا لمستقبل أكثر سلاما" في العراق.

الخبير القانوني المعروف طارق حرب يقول إن "القوانين التي أصدرتها الحكومات المحلية (بحجز عائلات معتقلي داعش) ليس لها سند تشريعي أو إنساني".

ويؤكد حرب: "احتجاز عائلة إرهابي، بحجة أنها قد تكون إرهابية بالمستقبل، يلحق الظلم بمواطن عراقي بريء".

مخيم الشهامة في تكريت

​​لكن الأمر مختلف في أعين النائبة البرلمانية وعضوة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب أشواق الجاف. "نحن كلجنة لحقوق الإنسان داخل البرلمان، عوائل الشهداء هي من يحظى بالأولوية لدينا. وليس عوائل المجرمين".

وتقلل الجاف من حجم سوء الأوضاع داخل المخيمات: "لن نبني أحكامنا وفقا لما رأيتموه أنتم كوسيلة صحفية وإعلامية. ولا يمكن أن نصدر قرارانا بناء على مشاهداتكم".

"نحن مؤمنون بإنصاف الشهيد قبل المجرم"، تشدد.

"اقتلونا.. أو أخرجونا من هنا"، يقول هشام.

​​

في المقابل، يقر جاسم العطية وكيل وزير الهجرة والمهجرين بوجود تقصير في التعامل مع ملف عائلات مقاتلي داعش. لكنه يؤكد سعي وزارته لتحسين الوضع.

"شخصيا لست مع احتجاز هذه العائلات"، يقول.

ويوضح "بصراحة، هناك تقصير في باب التأهيل. أرسل بشكل شخصي رجال دين يصفون لهم الإسلام الحقيقي، فهو ليس القتل والحروب. وهذا غير كافٍ، إذ علينا أن نوجههم لنسيان الماضي وجعلهم فاعلين في المستقبل، لا عزلهم".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.