مع استمرار النزاعات والحروب في المنطقة العربية، ترتفع أعداد ذوي الإعاقة الجسدية وتتضاعف مشاكلهم يوما بعد يوم.
في سوريا وحدها، هناك ما يقارب 3 ملايين سوري يعانون إعاقات جسدية دائمة بنهاية سنة 2016. أما الآن وقد دخلت الحرب سنتها التاسعة، فيتوقع أن يتضاعف العدد.
يؤكد صحافي سوري، فضل مناداته باسم مستعار (بلال)، يقطن في محافظة الرقة شمالي شرق البلاد، بأن "أعداد المعاقين في ازدياد".
"المنظمات المدنية أحصت منذ 2011 نحو 3 آلاف معاق في مناطق شمالي شرق البلاد. هؤلاء ضحايا الأطراف المتصارعة: داعش والنظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة والتحالف الدولي. لكن للأسف تنكر لهم الجميع”، يقول بلال لموقع (ارفع صوتك).
ويؤكد أن الدعم الذي يحصل علية المعاقون نفسيا وجسديا يأتي أساسا عبر "متطوعين بجهود فردية للأسف الشديد".
وحسب الصحافي السوري، فإن مناطق شمال شرق سورية بما فيها الرقة شهدت خلال السنوات الأخيرة “ظهور حالات توحد كثيرة بين الأطفال".
ولا يبدو الوضع أفضل حالا في اليمن، حيث تدخل الحرب الدامية عامها الخامس مخلفة نحو 56 ألف معاق جسديا، كما يكشف عثمان الصلوي رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين.
لكن رجاء المصعبي، وهي رئيسة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان وناشطة يمنية فاعلة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة، تقدر عدد المعاقين في اليمن منذ بداية الحرب سنة 2015 بأكثر من 100 ألف معاق.
ينضم هؤلاء المعاقون الجدد إلى نحو ثلاثة ملايين معاق قبل الحرب، من إجمالي السكان البالغ عددهم أكثر من 27 مليون شخص.
وتشير التقديرات الدولية إلى أن نسبة الإعاقة في اليمن تتراوح بين 10 إلى 13 في المئة من إجمالي السكان الذين يتجاوز عددهم 27 مليون شخص، وهي من أعلى النسب في العالم.
أنور عبد الحق، وهو شاب يمني عشريني فقد ساقه اليسرى عام 2016 بسبب لغم أرضي في مدينة تعز جنوبي غرب البلاد، يقول إن حياته تحولت إلى “جحيم”.
"لم أكن أقاتل. كنت أحاول إنقاذ صديق عقب اشتباكات مسلحة بين الحوثيين وخصومهم المحليين، حينها انفجر لغم أرضي تحت قدمي. لم أشعر بنفسي إلا في المستشفى".
يقول عبد الحق لموقع (ارفع صوتك): "حتى الآن لم أتمكن من الحصول على ساق صناعية تساعدني على الحركة. الجهات الحكومية خذلتني. لم تف بوعودها في تسفيري للخارج من أجل الحصول على علاج أفضل".
ويضيف الشاب عبر الهاتف من مدينة تعز: "تركت تعليمي، حياتي تدهورت. لم أعد قادرا على القيام بأي عمل. مؤخرا، أحاول بيع الآيسكريم بصعوبة من أجل لقمة العيش".
ويؤكد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين عثمان الصلوي تراجع خدمات صندوق المعاقين بأكثر من 60 في المئة.
"لم يعد الصندوق قادرا على توفير خدمات طبية للمعاقين، بما فيها العمليات الجراحية أو توفير أطراف صناعية وأدوية. بالكاد، يقدم خدمات التعليم للبعض فقط"، يقول.
وحسب الصلوي أيضا، توقف نشاط كثير من الجمعيات والمراكز الخاصة بتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة على خلفية تراجع الدعم الذي كانت تتلقاه من الجهات المختصة.
وفي العراق، أيضا يوجد نحو أربعة ملايين معاق، أكثر من 25 في المئة هم ضحايا الصراعات والحروب التي شهدها البلد منذ ثمانينيات القرن الماضي، حسب موفق الخفاجي رئيس اتحاد المعاقين العراقيين.
"مخلفات الحروب من ألغام وقنابل عنقودية وغيرها تسببت في مآس كثيرة للعراقيين"، يقول الخفاجي.
ويضيف، في تصريحات لموقع (ارفع صوتك) بأن “حوالي 5 في بالمئة من الضحايا سقطوا بسبب الإرهاب والحرب على الإرهاب".
والعام الماضي فقط، قالت الأمم المتحدة إن نحو 5 آلاف مدني فقدوا أطرافهم في الموصل وحدها بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي.
ويعاني الأشخاص ذوي الإعاقة في كل من العراق وسوريا واليمن إشكالات جمة، بينها عدم الحصول على الحصة المنصوص عليها قانونا من الوظائف الحكومية، وصعوبة الولوج إلى الخدمات العامة (النقل، الصحة...).