تمثل عائدات النفط 99 في المئة من عائدات العراق المالية
تمثل عائدات النفط 99 في المئة من عائدات العراق المالية

ينتج العراق نحو أربعة ملايين ونصف مليون برميل من النفط الخام يومياً. ويعتزم رابع منتج للنفط في العالم رفع إنتاجه إلى خمسة ملايين برميل هذا العام (2019).

ويضع العراق نصب أعينه الوصول إلى 7.5 مليون برميل بحلول سنة 2025.

سيحقق رفع الإنتاج عائدات أكبر للخزينة العراقية، وسيمنح البلد نفوذا أوسع ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، يجعله يزاحم أكبر مصدر للنفط في العالم: المملكة العربية السعودية بـ12.5 مليون برميل يوميا.

توزيع الثروات النفطية في العراق

​​لكن رغبة العراق في زيادة إنتاج النفط قد تصادف عقبات صلبة في طريقها، كما أن العراق قد لا يستفيد فعليا من زيادة عائداته النفطية. تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية المتخصصة في الشأن الاقتصادي رصد أهم هذه العقبات.

- تحكم أوبك بالإنتاج: يجبر تكفل أوبك بضبط كمية الإنتاج العالمي الدول الأعضاء على إنتاج النفط وفقا لحصص معينة. خلال الفترة الماضية، كان مسموحا للعراق تصدير كل ما يمكنه إنتاجه. لكن استمرار هذا الوضع غير ممكن مستقبلا، ما يعني أن العراق سيكون ملزما بالتقيد بالحصص التي تحددها أوبك. يأتي هذا في وقت تحتاج فيه الحكومة العراقية إلى زيادة عائدات النفط لإعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية التي تعرضت للدمار.

- في حالة ألزمت أوبك العراق بحصة محددة، يتوقع أن تضطر الحكومة العراقية إلى إلزام الشركات الوطنية العراقية بخفض إنتاجها، تفاديا للإخلال بعقودها مع الشركات الأجنبية وما يعنيه ذلك من غرامات وصعوبة الولوج إلى الاستثمارات الأجنبية مستقبلا. وتستحوذ الشركات الأجنبية على ثلثي إنتاج النفط في البلاد.

-ضعف الاستثمارات في العراق: تشير بلومبيرغ إلى أن أموال العراق التي خرجت من البلاد تفوق حجم الاستثمارات التي جذبها هذا البلد بحوالي 32 مليار دولار أميركي خلال السنوات الخمس الأخيرة.

- ضعف تنوع مصادر الاقتصاد: يصدّر العراق حوالي 4.5 مليون برميل يوميا. ويبلغ سعر البرميل الواحد نحو 66 مليون دولار أميركي، ما يعني أن العراق يحصد سنويا أزيد من 95 مليون دولار.

لكن عائدات النفط تمثل 99 بالمئة من عائدات العراق المالية، وهي أساس تمويل أغلب القطاعات (الدفاع، ورواتب الموظفين، ومشاريع البنية التحتية). لكن بسبب الفساد المستشري في القطاع، لن يكون بقدرة الأموال المتبقية أن تفعل شيئا، تقول مجلة ذا أتلانتيك الأميركية.

- محدودية الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط: منذ عام 2016، حيث كانت البلاد ترزح تحت وطأة المعارك ضد تنظيم داعش، ارتفعت أسعار النفط إلى ما بين 60 و70 دولاراً أميركيا للبرميل الواحد. ولكن ذلك لم يدعم اقتصاد البلاد كما يفترض. مؤشر سوق الأوراق المالية في العراق شهد انخفاضاً بنسبة 35 في المئة خلال الفترة عينها.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.