بقايا جامع النوري الكبير بعد تدميره من قبل داعش
بقايا جامع النوري الكبير بعد تدميره من قبل داعش

كتب: علي عبد الأمير

تحتفل دول العالم بـ "يوم التراث العالمي" الذي يصادف 18 نيسان/ أبريل والذي حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية حسب الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الـ "يونسكو" في باريس في عام 1972.

والاتفاقية تصنف التراث البشري إلى نوعين:

ثقافي ويشمل الآثار والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضرية ذات القيمة الاستثنائية. وآخر طبيعي ويشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية.

وهناك تحديات أكدت على ضرورة هذه الاتفاقية وأبرزها:

* العبث بالمواقع الأثرية وتدميرها

* غياب التشريعات والأنظمة والسياسات العامة التي تلزم المؤسسات والأفراد بالحفاظ على المواقع التراثية والأثرية.

*قصور سياسات وأساليب التخطيط العمراني، وأنظمة البناء والهدم والإزالة التي تتجاهل التراث العمراني، بل إن البعض منها يشكل مصدر تهديد لهذا التراث.

*نقص المعلومات الخاصة بمواقع وأبعاد وتفاصيل المناطق والمباني التراثية والأثرية، فضلاً عن نقص المعلومات التاريخية عن هذه المناطق، وغياب الخطط والآليات وبرامج التنفيذ الخاصة بإعادة إحياء التراث العمراني لدى الجهات المعنية التي ينتظر منها الحفاظ على هذا التراث.

وفي سجلات منظمة اليونسكو هناك خمسة مواقع في العراق موثقة على لائحة التراث العالمي وهي:

*مدينة الحضر وتم تسجيلها لدى المنظمة الدولية عام 1985.

*آشور (القلعة الشرقية) وتم تسجيلها لدى المنظمة الدولية عام 2003.

*مدينة سامراء الأثرية 2007

*قلعة أربيل 2014

*الأهوار جنوب العراق 2016

 

ما نجا من الزمان لم ينج من داعش

في مدينتي سامراء وآشور التابعتين لمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد) أكثر من 680 موقعا آثاريا، ثلثاها تقريبا غير منقب.

وتمتد الخلفية التاريخية لمواقع المحافظة الأثرية إلى حقب زمنية متعددة، حيث تجد الثيران الآشورية المجنحة جنبا إلى جنب مع الزخارف العباسية وبقايا الدور من الزمن العثماني في العراق.

لكن الآثار التي تمكنت من النجاة خلال الأزمنة والممالك المختلفة، لم تتمكن من النجاة من داعش الذي قام بتدمير أربعة مواقع آثارية مهمة في المحافظة هي بوابة آشور الأثرية والكنيسة الخضراء وسط تكريت ومدرسة الأربعين في تكريت وضريح محمد الدري في مدينة الدور.

 

نينوى: التاريخ ضحية الوحشية

هذه أبرز المواقع التي دمرها تنظيم داعش في نينوى:

*الجامع النوري ومنارته الحدباء: أقدم تنظيم داعش الأربعاء، 21 حزيران/يونيو 2017، على تفجير منارة الحدباء في مدينة الموصل.

*نمرود: وهي مدينة أثرية آشورية تقع جنوب شرق الموصل (شمال العراق)، يعود تاريخها للقرن الثالث عشر قبل الميلاد، وعرفت حينها باسم "كلحو".

*مدينة الحضر: تقع على بعد نحو 80 كم جنوب غرب الموصل (شمال العراق)، ويعود تاريخ تشييدها لبداية القرن الثاني قبل الميلاد. وحشية التطرف الإسلامي التي مثله داعش حين دمّر مواقع مهمة فيها آذار/مارس 2015.

*بوابتا "أدد" و"المشكى" بالإضافة إلى أجزاء من الأسوار التاريخيّة القديمة في نينوى التي يعود تاريخها إلى 2000 سنة قبل الميلاد، وقام عناصر داعش بتدميرها، مستخدمين الجرافات.

*الثور المجنح عند بوابة نركال: وفي شباط/فبراير 2015، أظهر مقطع فيديو عنصرا في داعش، وهو يحمل آلة قطع كهربائية ويحاول تشويه الثور المجنح، فيما أظهرت لقطات أخرى جرافات للتنظيم تقوم بتدمير بوابة نركال.

*متحف الموصل: وهو ثاني أهم المتاحف في العراق بعد المتحف الوطني في بغداد، نشر داعش، في 26 شباط/فبراير 2015، شريطا مصورا يظهر قيام عناصره بتحطيم آثار من مقتنيات المتحف.

*هيكل نابو: جزء من قصر آشور ناصربال الثاني في مدينة النمرود (جنوب شرق الموصل). جرافات داعش ومتفجراته دمرت الموقع يوم 11 نيسان/أبريل 2016.

*قلعة باشطابيا: بقايا من قلعة أثرية تقع وسط مدينة الموصل، قام داعش بتدميرها مطلع نيسان/أبريل 2015.

*مرقد النبي يونس: من أبرز المعالم الدينية في مدينة الموصل، ويقع في وسطها، قام تنظيم داعش، في 24 تموز/يوليو 2014، بتفجيره بشكل كامل.

*مكتبة الموصل: من بين أهم المكتبات في العراق، تضم الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة، قام تنظيم داعش بحرقها، في شباط/فبراير 2015.

*قلعة تلعفر: تقع على بعد 70 كم، شمال غرب مدينة الموصل، وقام عناصر تنظيم داعش، في كانون الثاني/يناير 2015، بتدمير جدرانها.

 

وفي الموصل ثمة شبكة من الأنفاق المتقاطعة التي حفرها تنظيم داعش 2014 تحت مرقد النبي يونس المدمر في الموصل، وفيها تم العثور على ثورين مجنحين آشوريين.

 

في البصرة.. إرث إسلامي مبدد

قريبا من "جامع خطوة الإمام علي ابن أبي طالب"، بقضاء الزبير غرب محافظة البصرة، تتناثر حجارة مدينة أثرية قيل إنها مدينة البصرة القديمة في بداية العصر الإسلامي.

تمتد الشواهد التاريخية في البصرة إلى نحو ستة وثلاثين ميلا مربعا في منطقة الشعيبة، بالإضافة إلى قبر الحسن البصري بمقبرة الزبير وبعض البيوتات القديمة التي لم تثبت فيما إذا كانت قبل الميلاد معابد فارسية أم غيرها، حسب الخبير بالتاريخ والتراث هاشم العزام.

وهناك شواهد أخرى بينها مرقدا الزبير وطلحة اللذان يعودان إلى العصر الإسلامي، ومواقع تاريخية مختلطة بين العصور الإسلامية والساسانية والفرثية.

وثمة معالم تاريخية ضاعت بسبب الإنشاءات المعاصرة، كما في حال (دار أنس بن مالك) وأقيم عليها مصفى البصرة بمنطقة الشعيبة.

كثرة المواقع الأثرية في مدينة البصرة "حالت دون التنقيب فيها جميعا"، كما يوضح مفتش دائرة الآثار والتراث في البصرة قحطان عبد علي العبيد.

هناك أيضا مواقع أثرية أخرى كتلال حرير والتلال القريبة من الأهوار، وتصل إلى نحو مئة وعشرين موقعا أثريا.

طريقة تعاطي المواطن العادي بل وحتى المواطن المتعلم المثقف، مع ذلك الإرث تضعه كونه "مجرد تراث"، دون احترام ما فيه من دلالات ورقي وعلاقات اجتماعية وقانونية واقتصادية متقدمة.

 

التهريب وجهود خجولة لإنقاذ التاريخ

إذا كانت قضية تهريب الآثار العراقية قد بدأت كظاهرة واضحة للعيان منذ عقود، فأنها تواصلت على نحو واسع بعد العام 2003، حدّ أن الكثير منها وصل إلى الأسواق والمتاجر في أوروبا وأميركا، حيث وافقت سلسلة متاجر التجزئة الأميركية Hobby Lobby على دفع غرامة مالية قدرها ثلاثة ملايين دولار وتسليم الآلاف من قطع الآثار العراقية المهربة إلى السلطات في الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، يسعى بعض الخبراء إلى الحفاظ على آثار العراق من خلال مراكز بحثية في التاريخ والآثار.

ففي المركز العراقي الإيطالي لعلوم الآثار الذي تم افتتاحه في نيسان/أبريل 2016 في بغداد يسعى خبراء إلى تأهيل الكوادر الموجودة لتعنى بالآثار بعد انتهاء عمليات التحرير من داعش.

لكن الجهود الحالية لا تكفي كون "العراق بحاجة إلى جهود حقيقية ومساندة دولية لإنقاذ المواقع الأثرية وتاريخها من تبعات التطرف".

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مئات القتلى والجرحى في حريق بحفل زفاف شمالي العراق
مئات القتلى والجرحى في حريق بحفل زفاف شمالي العراق

"بغضون ثوان قليلة اشتعلت الصالة"، حفل زفاف تحول إلى مأتم شعبي ونشر الحزن في كافة أرجاء العراق، بعدما اندلع حريق ضخم أسفر عن مقتل وإصابة المئات في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، نتيجة اشتعال النار في قاعة حفلات كان يقام فيها الحفل بمنطقة الحمدانية.

ويقول العضو السابق في مجلس محافظة نينوى، سعد طانيوس، والذي كان حاضرا لحظة وقوع الكارثة: "العريسان كانا يرقصان وسط الصالة، ومن ثم أطلقت المفرقعات النارية التي وصلت شرارتها إلى السقف، لينشب حريق ضخم بثوان".

التسابق نحو المخرج

وأضاف طانيوس، في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "القاعة اشتعلت بشكل سريع ومرعب، والسقف وقع على رؤوس الحاضرين"، مشيرا إلى أن "الأمر ازداد سوءا بعدما انقطعت الكهرباء في وقت كان الجميع يتزاحم للوصول لباب المخرج وهو واحد مع الأسف (..) هناك ناس تحت الركام".

ونقل مراسل "الحرة" عن شهود عيان قولهم إن الحريق اندلع بعد استخدام بعض المدعوين ألعابا نارية داخل قاعة الزفاف.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في نينوى في وقت سابق إطفاء الحريق بشكل كامل وإخراج كافة الضحايا من القاعة، لكن الناشط الذي يشارك في تنسيق عمليات الإغاثة في المدينة، صقر آل زكريا، رجح في حديثه لموقع "الحرة" تواجد ضحايا تحت الركام.

وقال زكريا إن "جميع سكان مدينة بغديدا خسروا أقارب في الحريق".

ومدينة بغديدا التي تقع في قضاء الحمدانية في محافظة نينوى هي مدينة تعيش فيها أغلبية مسيحية، وأغلب عائلاتها تربطها صلات قرابة وثيقة ببعضها البعض.

وأوضح طانيوس أن "من كان قريبا على باب المخرج تمكن من الهرب حيّا، أما من كان على الطاولات الخلفية فتوفي نتيجة الاختناق أو اشتعال الجسد"، صامتا لثوان: "الألم كبير جدا، نينوى والعراق في حالة صدمة كبيرة".

وبحسب المتحدث باسم الدفاع المدني جودت عبد الرحمن فإن ما تسبب بهذا العدد الكبير من الضحايا هو أن "مخارج الطوارئ كانت مغلقة، والمتبقي باب واحد هو الباب الرئيسي لدخول وخروج الضيوف".

وأضاف لوكالة فرانس برس أن "معدات السلامة غير ملائمة وغير كافية للمبنى" ما فاقم أيضاً من حدة الأعداد.

ومن بين الجرحى رانيا وعد (17 عاما) التي أصيبت بحرق في يدها ونقلت إلى مستشفى الحمدانية مع شقيقتها المصابة أيضاً لتلقّي العلاج. 

وقالت الشابة لوكالة فرانس برس: "(..) اختنقنا ولم نعد نعرف كيف نخرج"، مشيرة إلى أنّ عدد المدعوين إلى حفل الزفاف "كان كبيراً جداً".

التحقيقات جارية لمعرفة الأسباب 

وعن السبب الذي أدى إلى هذه الشرارة، يقول طانيوس: "السقف يتكون من مواد سريعة الاشتعال، لأن الشرارة التي وصلت إلى السقف أدت إلى كل هذا الضرر الكبير". 

وقال الدفاع المدني العراقي إن "قاعة الأعراس مغلفة بألواح الكوبوند سريع الاشتعال والمخالفة لتعليمات السلامة والمحالة إلى القضاء حسب قانون الدفاع المدني المرقم 44 لسنة 2013 لافتقارها إلى متطلبات السلامة من منظومات الإنذار والإطفاء الرطبة في منطقة الحمدانية بمحافظة نينوى".

وأضاف أن "الحريق أدى إلى انهيار أجزاء من القاعة نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران".

ووفقا لمصدر تحدث للحرة في تقرير سابق، فإن "ما ساهم في الحريق هو كون الجدران مصنوعة من مادة سندوتش بنل (...) والسقوف والجدران مغطاة بستائر قماشية للزينة، وقد أسهمت أيضا بانتشار الحريق بسرعة".

بدوره، دعا الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، الأربعاء، إلى فتح تحقيق بحادثة حريق الحمدانية التي خلفت مئات القتلى والجرحى.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية إصدار أوامر قبض بحق 4 من أصحاب قاعة الأعراس في الحمدانية.

في المقابل، حاول موقع "الحرة" التواصل مع محافظ نينوى،نجم الجبوري، لمعرفة التهم الموجهة إلى هؤلاء الأربع أشخاص وعمّا إذا كان سبب الحريق هو مواد البناء المستخدمة أم خطأ في تجهيز وتنظيم الحفل، إلا أنه لم يجيب.

لكن المتحدث باسم الداخلية العراقية، خالد المحنا، قال في حديث لقناة "الحرة" إن "الحادث يتعلق بالإهمال وعدم اتباع إجراءات السلامة"، مشيرا إلى أنه "تم التحفظ على عدد من الأشخاص على خلفية الحريق". 

بدوره، يشدد سعد منصور، وهو صحفي من نينوى، على أن "أهالي المنطقة يحمّلون المسؤولية لصاحب القاعة التي تخالف السلامة العامة، وغير المجهزة بمواد بناء تقاوم الحرائق، وحتى أن اشتعال النيران أدى إلى ما يشبه الانفجار داخل القاعة". 

وكان قائد عمليات نينوى قد أعلن أنه لم يتم إلقاء القبض على صاحب القاعة بسبب فراره بعد وقوع الحادثة، بحسب مراسل الحرة. 

من جانبه،  أعلن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني "الحداد العام في جميع أنحاء العراق 3 أيام".

كما أعلن محافظ نينوى الحداد وتأجيل الاحتفالات الخاصة بمناسبة مولد الرسول حتى إشعار آخر.

وأعلنت دائرة صحة محافظة نينوى، تسجيل مئة حالة وفاة وأكثر من 150 مصابا كحصيلة أولية جراء حادثة حريق قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، فيما لفت المحنا إلى أن هناك " 93 قتيلا". 

حالة الجرحى 

وعن حالة الجرحى في المستشفيات، يقول  طانيوس إن "الحالات حرجة والكوادر الطبية تحاول خدمة الجميع".

وأعلنت وزارة الصحة بدورها عن "استنفار دوائر الوزارة في محافظة نينوى والدوائر المجاورة لها لإسعاف وعلاج المصابين" و"إرسال شحنات تعزيزات طبية من بغداد والمحافظات الأخرى".  

وقال النائب عن محافظة الموصل، أحمد الجبوري، في تصريح لقناة "الحرة"، إن مستشفيات الموصل الحكومية والاهلية والقطاع الخاص قاموا بواجبهم على أكمل وجه تجاه حريق الحمدانية، والعلاجات الآن متوفرة في مستشفى الحروق الذي يضم حالات حرجة ومتوسطة.

وأضاف: "مستشفيات المحافظة استقبلت حالات حرجة عدة، تم نقل جزء منها الى إقليم كردستان لإستكمال العلاج"، مشددا على أن "هناك لجنة تحقيقية شكلها رئيس الوزراء للوقوف على الحقائق ننتظر نتائجها وتشخيص المقصر ومحاسبته".