منظمة هيومن رايتس ووتش: "ضباط عراقيون مارسوا التعذيب في الموصل حتى أوائل 2019" (الصورة: هيومن رايتس ووتش).
منظمة هيومن رايتس ووتش: "ضباط عراقيون مارسوا التعذيب في الموصل حتى أوائل 2019" (الصورة: هيومن رايتس ووتش).

لم تنف لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى ما أورده تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية عن تعرض المعتقلين في سجون الموصل للتعذيب.

لكنها وصفت اللجنة الانتهاكات الواردة في التقرير بـ"تصرفات فردية غير مسؤولة صادرة عن بعض الضباط".

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، إن "ضباطا عراقيين مارسوا التعذيب في مركز احتجاز في الموصل حتى أوائل 2019 على الأقل، بعد أشهر من إبلاغ المنظمة عن الانتهاكات وتقديمها لمعلومات حول المسؤولين عنها".

وحسب المنظمة الحقوقية، فإن الحكومة العراقية "لم ترد على رسالتين لهيومن رايتس ووتش تطلب فيهما آخر المستجدات بخصوص الخطوات المتخذة للتحقيق في المزاعم".​

​​ونقل التقرير عن لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، قولها: "مع تجاهل الحكومة العراقية تقارير موثوقة عن التعذيب، ليس من المستغرب أن تستمر الانتهاكات".

ونشرت المنظمة في آب/أغسطس 2018 تقريرا يشير إلى استخدام التعذيب في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية في الموصل وجوارها.

واستند التقرير إلى شهادات معتقلَين سابقَين وأب لرجل توفي أثناء الاستجواب. وزود معتقل سابق احتـُجز في سجن الفيصلية لمدة 4 أشهر، المنظمة بأسماء 4 من الضباط في وزارة الداخلية قال إنه رآهم يعذبون سجناء.

لكن فاضل الغراوي، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، قال في تصريح لقناة "الحرة" أمس إن المفوضية لا تتفق كليا مع تقارير هيومن رايتس ووتش.

وقال فاضل "ليس بالمطلق الذي ورد في تقرير (هيومن رايتس ووتش)".

من جهته، دعا نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى هاشم بريفكاني الحكومة الاتحادية في بغداد الى التعامل بشفافية مع كافة المنظمات الدولية وفق القانون الدولي سواء في المعتقلات أو المؤسسات الأخرى.

وأردف بريفكاني لموقع (ارفع صوتك): "لا ننفي وجود تجاوزات على القانون داخل السجون. لكن هذه التجاوزات هي تصرفات فردية لا مسؤولة صادرة عن بعض الضباط ومسؤولي السجون. ونحن في مجلس المحافظة نرفض استخدام أي نوع من أنواع التعذيب ضد المعتقلين".

وشدد بريفكاني على ضرورة تقديم المعتقلين وأوراقهم فورا للقضاء ليتولى التحقيق معهم، لافتا إلى أن مجلس المحافظة "طالب مجلس الوزراء بزيادة عدد القضاة في نينوى لأن أعدادهم الحالية قليلة جدا. وهذا يؤثر على تأخير عمليات التحقيق".

ووعد السياسي العراقي بأن مجلس المحافظة سيبحث تقرير هيومن رايتس ووتش الأسبوع المقبل. وسيتحرى كافة السجون في الموصل لمعرفة ما يجري فيها.

وطالب مجلس محافظة نينوى ضمن توصياته التي رفعها مؤخرا إلى وزارة الداخلية الاتحادية بتوسيع السجون في المحافظة التي لا تمتلك اليوم سجونا رسمية بعد الدمار الذي لحق بسجن البادوش، وضعف السعة الاستيعابية لسجن تلكيف شمال الموصل.

وكشف بريفكاني أن مجلس المحافظة أجرى قبل نحو شهرين زيارة تفقدية إلى المعتقلات الموجودة في نينوى للاطلاع على أوضاعها، لكنه لم يستلم شكاوى بخصوص وجود تعذيب فيها.

وحسب تقرير هيومن رايتس ووتش، فإنه ورغم التقارير "الموثوقة" حول التعذيب أثناء الاحتجاز، لا يحقق القضاة العراقيون عادة في مزاعم التعذيب.

وأوضحت المنظمة أن مجلس القضاء الأعلى العراقي رد في الأول من نيسان/أبريل الجاري على استفساراتها بالقول إن "مجموعة من المحاكم العراقية حققت في 275 شكوى ضد محققين بحلول نهاية 2018".

وذكر المجلس أن 176 من هذه القضايا الحالات "حُلّت"، بينما لا تزال 99 قضية قيد النظر. لكن المجلس لم يوضح عدد القضايا من بين الـ176 المذكورة التي حُقّق فيها أو رُفضت.

ودعت المنظمة المفتش العام في وزارة الداخلية إلى التحقيق فورا في المزاعم المتصلة بسجن الفيصلية، بما في ذلك مع الضباط المذكورين في تقارير هيومن رايتس ووتش السابقة.

وطالبت مجلس القضاء الأعلى بإصدار مبادئ توجيهية حول الخطوات التي يجب أن يتبعها القضاة عندما يدعي متهم تعرضه للتعذيب.

وشدد تقرير هيومن رايتس ووتش على أنه "ينبغي على مجلس النواب العراقي إقرار مشروع قانون مكافحة التعذيب الذي سيفرض على القضاة الأمر بإجراء فحص طبي لكل محتجز يدعي التعرض للتعذيب في غضون 24 ساعة من علمهم بذلك".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

من عروض مسرح الدمى في الموصل
من عروض مسرح الدمى في الموصل

تسعى مؤسسة "السلام المستدام" وهي مؤسسة عراقية غير حكومية، عبر استخدام مسرح الدمى الى إعادة تأهيل الأطفال في الموصل وتخليص أذهانهم من الاثار النفسية للحرب والدمار.

وأطلقت المؤسسة في 5 سبتمبر الحالي مبادرة "مسرح الدمى" التطوعية عبر عرض مسرحي للدمى بالتعاون مع المخرج عادل العمري، بمشاركة أكثر 50 طفلاً تراوحت أعمارهم ما بين 5-12 عاما، وشملت المبادرة التي نظمت في الجانب الأيمن من الموصل تقديم مجموعة من النشاطات الفنية للأطفال المشاركين وجميعهم من وجميعهم من جانب المدينة، الذي مازال يعاني من دمار الحرب.

ويقول مدير مكتب مؤسسة "السلام المستدام" في مدينة الموصل، مهند حازم محمد، لـ"ارفع صوتك" أن فكرة المبادرة هي لـ"نشر السلم المجتمعي والتماسك المجتمعي عن طريق البذرة الأولى وهي الأطفال، لذلك هذه المبادرة تعمل على تنمية قدرات الأطفال وتوعيتهم عبر الاهتمام بالبيئة التي يعيشون فيها بشكل عام والاماكن المخصصة للعب بشكل خاص"، مشيرا الى أن المؤسسة تهدف الى صناعة مسرح ثابت للدمى داخل مقرها أو مقر مركز قليتا للتنوع الثقافي، التابع للمؤسسة الواقع في الجانب الأيمن من الموصل.

وعاش أطفال الموصل أوضاعا إنسانية صعبة في ظل الخوف والجوع  خلال أكثر من 3 سنوات من سيطرة تنظيم داعش على مدينتهم، ومازالت مخيلة الأطفال الذين عاصروا التنظيم تحتفظ بمشاهد القتل والتعذيب، الذي كان مسلحو داعش ينفذونها في الموصل ضد أهالي المدينة والمناهضين لـ"داعش"، الى جانب عمل التنظيم الإرهابي  عبر مكاتبه الإعلامية التي كانت منتشرة في احياء المدينة  على نشر فكره بين الأطفال وغسل ادمغتهم، ولم تتوقف مأساة الأطفال هنا، بل زادت عمقا وسط الدمار الذي خلفه التنظيم والمعارك التي شهدتها المدينة للتخلص منه. وكانت للموصل القديمة من اعمال التدمير حصة الأسد لأن المعارك النهائية لتحرير المدينة تركزت فيها.

فريق مسرح الدمى في مؤسسة "السلام المستدام"

ويوضح محمد أسباب تركيز المبادرة على الموصل القديمة، "استهدفت المبادرة المدينة القديمة وتحديدا حي سوق الشعارين المحاذي لجامع النبي جرجيس لان هذه المنطقة عانت ما عانته من دمار ولا توجد فيها ساحات أو مناطق مخصصة للعب الأطفال. تحتوي فقط شوارع، وغالبا أطفال هذه المنطقة يلعبون في الشوارع، لذلك ركزنا على موضوع لعب الأطفال في الأماكن الآمنة".

وتستعد المؤسسة حاليا لتنظيم 3 عروض مسرحية أخرى ضمن مبادرة مسرح الدمى، يشمل الأول التوعية بالنظافة الشخصية، والثاني موضوع القلم والممحاة الذي يحتوي على رسائل حول اهمية الكتابة والقراءة بالنسبة للطفل، واما الثالث سيكون عن النزوح وتأثيره على تنشئة الأطفال وفهم أهمية الاهتمام بالآخرين والاهتمام بالعائلة والقيم وبر الوالدين.

 وتعمل المؤسسة على ترسيخ ثقافة السلم المجتمعي من خلال عرض مسرحيات دمى، التي تهتم مواضيعها بالتعايش السلمي والسلم المجتمعي ونبذ خطاب الكراهية والعنف.

ويضيف محمد "نخطط لمسرح ثابت بأدوات ثابتة وبالتعاون مع أكاديميين متخصصين في مجال مسرح الدمى لتوعية هذا الجيل كي نبدأ بداية صحيحة للنهوض بواقع المدينة وحماياتها من أي فكر يؤذيها ويدمرها".

ويؤكد محمد على أن مشروع المسرح الثابت سيتضمن تصوير مسرحيات الدمى التي تعرض، ومن ثم نشرها على الانترنت ليشاهدها الأطفال في كافة أنحاء العالم وليس فقط الموصل، و"يرى العالم أن هذه المدينة التي كانت منكوبة قادرة على الرجوع لدورها الأساسي".

وفي منتصف يوليو عام 2017 عندما كانت معارك تحرير مدينة الموصل تقترب من الانتهاء، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسف" في بيان أن "جراح الأطفال الجسدية والنفسية العميقة سوف تستغرق وقتاً أطول لتلتئم. وقد تكبد نحو 650,000 طفل من الصبيان والبنات الذين عاشوا كابوس العنف في الموصل، ثمناً باهضاً وعانوا الكثير من الأهوال على مدى 3 سنوات".

وتؤكد المتخصصة في علم النفس هاجر العبدالله الزبيدي، على أن مبادرة مسرح الدمى ولعب الأطفال يعززان من قدرة الطفل على فهم البيئة المحيطة به.

وتضيف الزبيدي لـ"ارفع صوتك": "لهذه النشاطات تأثير كبير جدا يُسهم في تقوية ثقة الطفل بنفسه وبقدرته على حلّ المشاكل التي يمكن أن تعترض سبيله لوحده من خلال مساعدة دميته والتفاعل مع البيئة التي يعيش فيها".

وتشير الزبيدي الى حاجة أطفال الموصل للدعم والمساعدة من أجل التخلص من الصدمات التي تعرضوا لها والتخلص من الماضي واثاره وهذا يكون "عبر إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع عبر مجموعة من الوسائل كممارسة الألعاب ومنها الدمى ومشاهدة المسرحيات وغيرها من الوسائل الترفيهية".