كان للإفطار في البيوت العراقية خلال نحو عقدين أو ثلاثة طعم مميز برفقة "دعاء الصائم" أو "يا إله الكون" لفرقة الإنشاد العراقية
كان للإفطار في البيوت العراقية خلال نحو عقدين أو ثلاثة طعم مميز برفقة "دعاء الصائم" أو "يا إله الكون" لفرقة الإنشاد العراقية

علي عبد الأمير

كان للإفطار في البيوت العراقية خلال نحو عقدين أو ثلاثة طعم مميز برفقة "دعاء الصائم" أو "يا إله الكون" لفرقة الإنشاد العراقية الذي صاغه شعراً هشام الحلي ولحّنه الموسيقار روحي الخماش وكان يبث من خلال التلفزيون والإذاعة بعد دقيقة من مشهد مدفع الإفطار وصوته.​​​​

​​

​​الدعاء اعتمد لحناً شجياً جعله أقرب إلى العاطفي منه إلى الابتهال الديني المتجهم الثقيل على الأسماع، واداءً من فرقة الموشحات العراقية التي أعاد الراحل الخماش الروح إليها في سبعينيات القرن الماضي.

وللفرقة العديد من الأناشيد والموشحات التي سجلتها لتلفزيون بغداد، لكنها تعرضت للتلف والسرقة، مثلما هي الحال مع كل ما يتعلق بالذاكرة الوطنية والهوية الثقافية العراقية.

ومثلما كان الأثير العراقي يتسع قبيل بدء الشهر الفضيل لأغنية "رمضان جانا" كان

​​

​​

 

صوت صاحبها المطرب القدير محمد عبد المطلب يكاد يسيطر على معظم الإذاعات والتلفزيونات العربية لما حفلت به الاغنية من طابع يجعل الأثر الديني ممزوجاً بطابع عاطفي أليف.

​​المطربة الرقيقة تحلق في سماء الخالق

وإذا كان هناك من وصف يجمع عليه المهتمون بعيون الموسيقى العربية ويتعلق بالمطربة المصرية نجاة الصغيرة، فهو كونها صاحبة الصوت الرقيق والروحية الشجية في الغناء.

تلك الجوانب الفنية كرستها المطربة الرقيقة في ابتهال "إلهي ما أعظمك" الذي كتبه الشاعر الغنائي حسين السيد ولحنه باقتدار عالٍ رياض السنباطي، وفيه كانت المطربة تحلق بجناحي الكلمات والموسيقى في سماء الخالق العظيم ضمن رحلة روحية كانت تجد صداها بين الأسماع في أمسيات رمضان المتأخرة، وفي عموم المناسبات الدينية.

​​​​

​​​"أنا من تراب"

والأسماع في رمضان بقدر ما كانت تهنأ بأغنيات مصرية خفيفة عن شهر الصيام مثل "وحوي يا وحوي" و" أهو جا يا ولاد" و"افرحوا بنات" وغيرها، إلا أنها لم تكن تفوت فرصة قضاء وقت خاص من التأمل الروحي العميق مع ابتهالات مؤثرة كما في" أنا من تراب" بصوت المطرب العاطفي الأول في العالم العربي خلال عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، عبد الحليم حافظ، اعتمادا على نص الشاعر عبد الفتاح مصطفى ولحن الموسيقار محمد الموجي.

​​

​​

​​​​​​​ذلك عمل غنائي "ثقيل" في خامته الفنية وبنيته الموسيقية لكنه من النوع الذي يرفع الروح عالياً إلى مستويات الصفاء الرباني والتأمل الوجداني العميق.

لاحقاً سنعرض للاتجاهات الحديثة في الموسيقى الرمضانية والدينية عموماً، وللغناء الديني باللغة الإنجليزية على نحو خاص.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.