من منّا لم يجلس في منزله أو يخرج إلى الشرفة بانتظار سماع صوت المدفع ليعرف أنّ أوان الإفطار قد حلّ؟
مدفع إفطار رمضان تقليد اعتادت دول إسلامية عديدة ممارسته منذ عقود طويلة، فمن أين جاء هذا التقليد؟
بدأت قصة المدفع من القاهرة في مطلع القرن التاسع عشر، عندما كانت مصر تخضع للدولة العثمانية تحت ولاية محمد علي الباشا، كما يروي المؤرخ العراقي علي النشمي.
ويروي النشمي أن أفراد الجيش المصري كانوا يتدربون على استخدام المدفعية، وبعد انتهاء التدريب كان من المفترض إجراء إطلاق مدفعي تجريبي.
تأخرت عملية الإطلاق لتتزامن مع موعد الإفطار في مغرب اليوم الأول من رمضان.
انطلق المدفع مع أذان المغرب وكانت العملية خارج مدينة القاهرة وتوقع المصريون بأن الإطلاق كان إشارة من الدولة بموعد الإفطار.
وفي المساء، حضر عدد من وجهاء تلك المنطقة (التي حصل فيها إطلاق المدفع) ليشكروا الباشا محمد علي، الذي لم يكن يعلم ما تفاصيل الموضوع واكتفى بالابتسامة.
وبعد توضيح مستشاريه له تفاصيل الموضوع، أمر علي بإطلاق قذيفة مدفع عند موعد أذان المغرب في كل أيام رمضان، كنوع من الإعلان، حيث لم تكن توجد في تلك الفترة مكبرات صوت في الجوامع.
وأمر علي بتوسيع عملية إطلاق مدفع إفطار رمضان في المدن المصرية.
وانتشر بعدها مدفع رمضان في معظم الدول الإسلامية، خصوصا التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية.
مدفع رمضان العراقي
في المنطقة الواقعة بين جسري السنك والجمهورية، كانت تطل فوهة مدفع الإفطار المنتصب في جانب الرصافة على نهر دجلة حتى عام 2003.
كانت وزارة الدفاع تكلف رعيلا من فصيل المدفعية بموجب كتاب من رئاسة الجمهورية بتنفيذ إطلاقة الفطور، التي تستخدم فيها قذيفة خلب (صوتية).
وكان الرعيل المدفعي ينصب خيمة على مدى أيام رمضان ليبقى مقيما إلى جانب المدفع بشكل مستمر على مدى أيام الشهر.
يقول المؤرخ النشمي إنه في نهاية القرن التاسع عشر، وصل تقليد مدفع رمضان إلى العراق.
لكنه توقف بعد عام 2003، "بسبب الوضع الأمني في البلاد وتواجد القوات الأميركية، ما جعل الحكومة العراقية تمتنع عن ممارسة هذا التقليد"، وفقا للنشمي.
ويضيف "كما أن لوجود عدد كبير من الفضائيات ومكبرات صوت في الجوامع، لم يعد وجود المدفع ضروري للإعلان عن موعد الفطور".
دول حافظت على التقليد
مدفع الإفطار انقرض في عدة دول وليس فقط بالعراق، فيما لا تزال دول أخرى تحتفظ بهذا التقليد، من بينها:
الامارات
مصر
البحرين
الكويت
اليمن
الأردن
لبنان
السعودية
عُمان
فلسطين
تونس
المغرب
تركيا
البوسنة