لقطة من فيديو أغنية برنامج "هوى بغداد"
لقطة من فيديو أغنية برنامج "هوى بغداد"

علي عبد الأمير

دراما جادة، برامج غير شكل، وقدرات إنتاجية واخراجية لافتة تميز شاشات رمضان العراقية هذا العام بعد غلبة لعروض الكوميديا تواصلت نحو أربع سنوات.

هذا التنوع سجلته شاشتان، "الشرقية" و"أم بي سي العراق" أكثر من غيرهما، مع غلبة واضحة للأولى لا في عدد الأعمال المعروضة بل في نوعيتها أيضا.

ومع الأيام الأولى للشهر الفضيل، أمكن للمتابع أن يتوقف عند بعض الملامح الفنية لأعمال مثل:

 

"الفندق"

*مسلسل درامي كتبه حامد المالكي وأخرجه حسن حسني، وفيه نتعرف على ألوان من السلوك والتحولات التي عرفها العراق في سنواته الأخيرة، من خلال فندق قديم وسط مدينة بغداد، يمثل ساكنوه شرائح اجتماعية مختلفة.

​​

​​

وإذا كان النص موفقا في الحلقات الأولى من المسلسل، إلا ان الاخراج بدا فقيرا ومرتبكا مع انه لحسن حسني صاحب عدد من الأعمال المميزة. التمثيل هو الآخر تميز بالتكلف والمشاعر المفتعلة وغلب عليه كالعادة الأداء المسرحي المبالغ فيه، ذلك التمثيل المتكلف الذي صار سمة مدمرة في الدراما العراقية.

 

*"باكو- بغداد"

وإلى جانب "الفندق" ثمة مسلسل نقدي ساخر هو "باكو-بغداد" الذي يصور اثنين من رموز العملية السياسية في العراق، وكل منهما يمثل توجها سياسيا واجتماعيا، فالأول (يؤدي شخصيته الممثل جواد الشكرجي) يحاول وضع قناع الورع والتقوى على وجهه فيعلن انه ذاهب الى الديار المقدسة لأداء العمرة، والثاني (يؤدي دوره محسن العلي) يحاول استثمار معاناة شريحة واسعة من مواطنيه، فيعلن أنه ذاهب إلى سويسرا لعرض قضية اللاجئين. الاثنان يسافران ولكن إلى وجهة واحدة، هي العاصمة الأذربيجانية باكو، حيث غسيل الأموال والمكائد والعلاقات الشائنة. هناك تبدأ سلسلة مفارقات من نوع المضحك المبكي.

​​

​​

وتظهر الحلقات الأولى من المسلسل الذي كتبه محمد خمّاس وأخرجه علي عباس، لا شخصيتي السياسيين وحسب، بل تلك المجموعات الطفيلية التي تحيط بالقادة والزعماء وتصبح مؤثرة مع كونها فارغة ولا تعرف غير الشراهة للطعام والمال والجنس والتوحش الذوقي والسلوكي، وبالطبع ضمن سياق تهكمي ساخر يعتمد المبالغة.

المؤلف كان ذكيا هنا في إيجاد معادلات موضوعية (على الرغم من كون عمله ساخراً) تجسد تأثير الفساد في جانب كبير من مؤسسات السياسة في العراق وهياكلها، عبر استغلال الدين والمعاناة الإنسانية.

 

*"هوى بغداد"

هذا عمل جديد على الشاشات العراقية، بل مبتكر في روحيته الشفافة، بدءاً من مقدمته الغنائية الجميلة التي تصور العاصمة العراقية بطريقة أنيقة باذخة.

العمل قائم على الاحتفاء بقصص حب عاشتها مدينة العراقيين الأولى ضمن مراحل مختلفة من تاريخها، وعلى الرغم من كون بطليه نجم تركي من أصول عراقية (أسر ويست) ونجمة تونسية من أصول عراقية (زهراء حبيب بن ميم)، غير أنهما كانا في مباراة أداء من نوع لطيف لا يتوقف عند اجادة الحديث باللهجة المحلية الدارجة.

المخرج مهند أبو خمرة تمكن من صوغ حكايات حب بغداد تقدم المدينة وأهلها بطريقة جميلة بدت غريبة عليها حين عانت من الحروب والقسوة والفساد سنوات طويلة.

​​

​​

*"لخّة"

ويفترض فيه أن يكون مسلسلاً قام بإخراجه مقدم العروض السياسية الساخرة أحمد البشير، ويتناول فيه بالنقد طبيعة العروض الفنية العراقية والتمثيل على وجه الخصوص لجهة النمطية والافتعال وغياب التلقائية

الغريب أن المسلسل الذي أدى أدواره ممثلو برنامج "البشير شو" ذاتهم سقطوا في المرض ذاته الذي تعاني منه الدراما العراقية، فكان الأداء مبالغا فيه ومتكلفا ومثيرا للملل.

 

*"شنو فلمك"

هو برنامج يستعير شكلاً مختلفا عبر استعارة لغة الفيلم السينمائي وبنائه ومصطلحاته في حوار مع شخصيات عامة. الشكل المبهرج والضخم للبرنامج لم يخف هشاشة أداء المقدمة حنين غانم التي تعتمد نبرة الألقاء البلاستيكية الخالية من أي روحية وانفعال صادق منسجم مع مضامين الأسئلة، حتى لو اختلفت الشخصيات ما بين كاتب (حامد المالكي في الحلقة الأولى) وسياسية (النائبة عالية نصيف في الحلقة الثالثة).

 

*"شلع قلع"

تدور أحداث المسلسل، في سياق كوميدي لا يبتعد عن النمط السائد منذ سنوات، حيث التهريج (الممثل اياد راضي) والسخرية من الصفات الجسدية البشرية (قصر قامة الممثل سعد خليفة)، لكن الممثل المقتدر زهير محمد رشيد حاول ان ينأى بنفسه فحاول تقديم الكوميديا بلا تهريج والعودة بها إلى أصلها: كوميديا الموقف لا الألفاظ السوقية.

المسلسل الذي يعرض في كل حلقة منه مشكلة أو قضية اجتماعية، أخرجه سامر حكمت وكتبه حسين النجار وحامد المالكي.

 

مراجعة أخرى لشاشات رمضان العراقية في الأيام المقبلة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.