لقطة من حلقة برنامج "التجربة" الخاصة بالمعلومات الجغرافية
لقطة من حلقة برنامج "التجربة" الخاصة بالمعلومات الجغرافية

علي عبد الأمير

تكشف حلقات من برنامج "التجربة" الذي يعرض على قناة "أم بي سي العراق" ضمن حزمة عروض شهر رمضان عن مستويات ضعيفة للتربية والتعليم في أربعة بلدان هي: العراق، لبنان، السعودية ومصر.

 

حين لا تعرف موقع بلادك!

ففي الحلقة الثانية المتعلقة بأسئلة في الجغرافيا لمواطنين من تلك البلدان، يتعجب المراقب البسيط كيف ان نساءً ورجالاً في عمر النضوج لا يعرفون معلومات أساسية عن المواقع الجغرافية لبلدان عدة، لا بل أن بعضهم لا يعرف حتى موقع بلاده على الخارطة فيؤشر مصري إلى السعودية على انها موقع بلاده، وإلى إيران على انها مصر كما تفعل امرأة شابة!


اللافت في تلك الحلقة أن "فقر المعلومات الجغرافية" لا يتعلق بالمواطنين وحسب، بل يشكل مقدمي البرنامج (واحد من كل بلد)، الذين يتبارون بسخرية في اظهار عدم معرفتهم بمعلومات تبدو بديهية.

وبالانتقال إلى لبنان لا يبدو الوضع مختلفاً عن مصر في هشاشة المعلومات الجغرافية الأساسية، فكثير ممن سألهم البرنامج لم يعرفوا موقع بلادهم على الخارطة.

وفي بغداد يؤشر مواطن على أفغانستان بكونها بلاده العراق، ومواطنة تؤشر إلى السودان على انها البصرة ثاني أكبر مدينة في بلادها.

وهو ما لم ينج منه سعوديون حين فشلوا في تحديد مواقع بلدان مجاورة لبلادهم فذهب أحدهم إلى منغوليا على انها دولة الامارات العربية!

 

قوم لا يعرفون لغتهم

وفي سياق متصل بحال التربية والتعليم في غير بلد عربي، لم يتمكن كثيرون من الحديث بلغة عربية سليمة حتى لأقل من دقيقة.

ضعف اللغة العربية في بلدان مثل مصر، السعودية، لبنان ومصر، يكشف صعود الهويات الفرعية ممثلة باللهجات ضمن كل بلد، بل اللكنات المختلفة ضمن البلد الواحد!

وفي الحلقة الخامسة من البرنامج كان هناك طلب من الذين تم استفتاؤهم من الجمهور عبر سؤال: "ارتجل مقطعاً باللغة العربية الفصحى". وللمفارقة فقد كتب البرنامج تلك الجملة بطريقة خاطئة "ارتجل مقطع"!

في مصر تعجب كيف ان أبناء بلد قدّم للغة العربية في القرن الماضي روائع في أدبها وفكرها يعجزون عن الحديث لدقيقة واحدة بالعربية الفصيحة؟

وفي السعودية التي يفترض انها تتصل بلغة كتب فيها القرآن الكريم، عجز كثيرون عن الحديث بالعربية الفصيحة حتى لأقل من دقيقة، وذريعة العاجزين كانت "الطلب اليوم هو على اللغة الإنجليزية" و "لا أحد يستخدم العربية في سوق العمل".

وفي بلد عرف بعلو ثقافته الأدبية وفنون اللغة العربية مثل لبنان، عجز كثيرون عن قراءة جملة قصيرة بعربية سليمة.

بينما في العراق الذي عرف بأبرز مدرستين في اللغة العربية هما: البصرة والكوفة، فقد فشل معظم الذي التقاهم البرنامج ومن مختلف الأعمار في الحديث بالعربية الفصيحة وبما يكشف عن هوة عميقة بين مثقفي البلاد الذي يعدون بالمئات ممن يكتبون بلغة رفيعة وجمهور يجهل أبسط مقومات تلك اللغة.

قيمة برنامج كـ "التجربة" تأتي في الكشف عن أسباب جوهرية للتراجع الفكري والثقافي عند أجيال عربية عدة، وبما يعني فشلاً ضمنياً لأنظمة التربية والتعليم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.