في مطلع الثمانينات، كانت أشجار النخيل في العراق تقارب 30 مليون شجرة. وكان العراق ينتج أكثر من 500 ألف طن من التمور سنويا، تتوزع على أكثر من 624 صنفا بعضها من الأجود عالميا.
اليوم، يختلف الوضع تماما. انخفض نخيل العراق إلى النصف، نتيجة الحروب المتواصلة وضعف الاهتمام الحكومي وتوالي سنوات الجفاف والتوسع العمراني على حساب المناطق المزروعة.
بسبب حرب الخليج مثلا، انخفضت صادرت العراق من التمور إلى 20 ألف طن فقط سنة 1991 بعدما كانت تقدر بـ248 ألف طن سنة 1989.
الآن وبعد أن القضاء على داعش ونهاية الانفاق الواسع على العمليات الحربية، تسعى وزارة الزراعة العراقية إلى دعم إنتاج النخيل من جديد.
في مهب الحروب
في الماضي، كان العراق ينتج ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي من التمر. لكنه اليوم لا يتجاوز نحو 5 في المئة، في ظل توجه الدولة إلى الاعتماد على النفط.
آلام النخيل بدأت مع الحرب الإيرانية العراقية سنة 1980، خاصة في البصرة حاضنة النخيل الأولى في العراق.
ولجأ الجيش العراقي إلى اجتتاث مساحات واسعة من مزارع النخيل في المنطقة الحدودية مع إيران، حتى لا تصبح غطاء للقوات الإيرانية. أوقفت الحكومة آنذأك عمليات الري وغادر أغلب المزارعين مناطقهم. وتسببت الدبابات أيضا في القضاء على مساحات واسعة من الأراضي المزروعة في البصرة والمناطق المجاورة.
تقول صحيفة لوس انجلوس تايمز الأميركية إن عدد الأشجار في البصرة وما حولها في 1979 كان نحو 7 ملايين، وبعد عقد من الزمن انخفض إلى 3 ملايين فقط.
في 2011، وفي مسعى لدعم القطاع الزراعي خصصت الحكومة العراقية مبلغ 150 مليون دولار لرفع الإنتاج العراقي من التمور بثلاثة أضعاف بحلول في 2021.
لكن جميع هذه الخطط صفت جانبا عقب ظهور تنظيم داعش. قام التنظيم نفسه بتحويل شبكات المياه، وقطع الطرق. ورافق ذلك هجرة مئات الفلاحين لمزارعهم هربا.
من يهتم بالنخيل العراقي؟
أعلنت الحكومة العام الماضي زراعة 70 ألف شجرة جنوب بغداد، لضخ الحياة مجددا في قطاع النخيل في البلاد.
لكن جملة من التحديات تعترض إعادة إحياء هذا القطاع.
مستشار اللجنة الزراعية في البرلمان العراقي عادل المختار يؤكد لـ(ارفع صوتك) أن السبب الرئيسي يتمثل في ضعف الاهتمام الحكومي، إضافة إلى انخفاض أسعار التمور.
"طن التمورلا يتجاوز ثمنه 120 ألف دينار عراقي وهذا سعر منخفض. والتسويق عامل مهم في تشجيع الفلاح على الاهتمام بهذا القطاع"، يقول عادل المختار.
وفي السياق نفسه، يقول فلاح من صلاح الدين إن الدولة كانت تكافئ سابقا على زراعة النخيل. أما الآن، فالتجريف يهدد بساتين النخيل لتحويلها إلى مناطق سكنية.
يعلق عاد المختار قائلاً "هناك مقترح لدى البرلمان أن تشتري الحكومة من الفلاح التمر بأسعار أعلى بسعر 450ألف دينار للطن الواحد" وبرأيه هذا قد يشجع الفلاح على الاهتمام بهذا القطاع ".
وإلى جانب التمر المحلي، تمتلئ متاجر العراق بتمور مستوردة من دول أخرى، لا سيما من إيران وغالباً ما تباع بسعر أغلى من سعر التمر المنتج محلياً.
يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية لموقع (ارفع صوتك)، حميد النايف "استيراد التمر ممنوع من قبل الحكومة لحماية المنتح المحلي لكن لا يمكن السيطرة على الثغرات في الحدود".