قبر المعمارية العراقي العالمية زها حديد إلى جانب والدها السياسي المعروف محمد حديد  بمقبرة في لندن/ أرشيف الكاتب
قبر المعمارية العراقي العالمية زها حديد إلى جانب والدها السياسي المعروف محمد حديد بمقبرة في لندن/ أرشيف الكاتب

لماذا يموت المبدعون العراقيون في أرض غريبة؟

كتب: علي عبد الأمير

بموته في لندن، الجمعة، يفتح الشاعر والناقد العراقي فوزي كريم نافذةً على بلاده، مؤطرةً بكل المعاني التي تعني وحشة الموت في الغربة، مثلما يترك سؤالا جوهرياً: لماذا يموت المبدعون العراقيون في بلدان الغربة؟

ففي الأشهر القليلة الماضية، رحل أستاذ علم الاجتماع فالح عبد الجبار في بيروت ودفن في لندن، وقبله بفترة رحل الكاتب والصحافي والزميل السابق في "الحرة" أحمد المهنا ودفن في لندن أيضاً، وفي مكان ليس بعيداً عنهما وري الثرى الروائي والناقد والمفكر علي الشوك.

قبلهما ماتت المغنية والصحافية سحر طه في مستشفى بأمريكا، وفي ألمانيا صعق الروائي والصحافي حسين الموزاني أحبته وقراءه بموته المفاجئ، وعلى الطريق الموحشة ذاتها ولكن في الدانمارك هذه المرة سار الروائي والشاعر حميد العقابي، وقبلهما بوقت قصير رحل الناقد محمد الجزائري في بلجيكا، بينما ضمت الأرض الكندية جسد القاص والروائي عبد الستار ناصر.

وليس بعيدا عن هذا المسار الجنائزي الطويل، رحلت المعمارية الفذة زها حديد اثناء تواجدها في الولايات المتحدة، بينما في الكويت مات الشاعر الغنائي والكاتب اللامع زهير الدجيلي، أما ايرلندا فقد ضمت جسد الموسيقار فريد الله ويردي،

بينما كانت لهولندا حصة من الموت العراقي الوفير في الغربة، حين ضمت جسد الممثل والمخرج العملاق خليل شوقي، دون أن ننسى الغياب المفاجئ لعالم الآثار المعروف د. بهنام أبو الصوف الذي رحل في الأردن، ثم التشكيلي الكبير رافع الناصري، والناشر والمطبعي الكبير فتح الله عزيزة في المكان ذاته.

​​

​​

هل ننسى المخرج المسرحي المجدد عوني كرومي وموته في ألمانيا حيث رحل هناك ايضاً الشاعر الكبير سركون بولص، ومن ثم على الأرض الغريبة ذاتها رحل الشاعر والصحافي مؤيد الراوي.   

انه موت تكاد أغنية " دكيت بابك يا وطن" للمطرب فؤاد سالم الذي رحل غربياً عن بلاده تلخص معناه أدق تلخيص فقد دقّ المطرب الراحل، ومعظم الراحلين في الغربة، كثيراً على باب العراق ولكنه ظلّ موصداَ أمامه.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.