"خسرنا زرعنا وعيشة أطفالنا، تفاجئنا بآلام ومصائب جديدة، لا تختلف عن الآلام القديمة".
هكذا يعبّر عادل محمد، فلاح من قضاء ألبو عجيل، عن ألمه بعد خسارة 400 دونماً من الأراضي المزروعة وثلاث مرشات متحركة.
يأتي حديثه بعد تعرّض مزارع الحنطة في مناطق مختلفة من محافظة صلاح الدين (شمال بغداد) إلى أكثر من 120 حادث حريق خلال الأيّام القليلة السابقة.
آثار الصدمة لا تفارق ملامح الفلاح عادل الذي لا يزال غير قادر على استيعاب خسارته، وهو يناشد الحكومتين المحلية والمركزية بالتدخل السريع للكشف عن المتسببين بتلك الحرائق وتعويض الخسائر التي تعرض لها الفلاحون.
"لقد وضعنا كل ما نملك في هذا الموسم"، يقول عادل.
حرائق يومية
انتشرت الحرائق وفقا لمديرية الدفاع المدني في أقضية الشرقاط وبيجي ومركز المحافظة وجزيرة تكريت ومكيشيفة والعوينات والدور ألبو عجيل وتل مكحول وتل كصيبة والعلم.
ويوضح مدير الدفاع المدني في محافظة صلاح الدين العميد لطيف جاسم أن ثلاث فرق إطفاء كانت تخرج بشكل يومي لإخماد الحرائق منذ بداية الشهر الحالي، مضيفا خلال مؤتمر صحفي أن "اغلب الحرائق مفتعلة، فيما كان سبب بعضها تماس كهربائي أو تطاير شرارات".
ويقدر عضو مجلس النواب عن محافظة صلاح الدين جاسم الجبارة الخسائر بـ"نحو نصف مليار دينار، شملت حرق أكثر من 1185 دونما"، فضلا عن خسائر أخرى تقدر بـ"200 مليون دينار لمنشآت وحاصدات".
فيما يضيف عضو الجمعيات الفلاحية جاسم الجبوري أن "معظم الفلاحين مطلوبين أموال عن السماد وبذور الحنطة".
حرائق مقصودة
يمتلك الجبوري أرضا زراعية في ناحية العلم، تعرضت هي الأخرى للحرائق، لا يملك معلومات عن المتسبب لكنه يرجح أن تكون "حوادث مقصودة"، موضحا في حديث لموقعنا "لم أرَ الفاعل، لكن لا يمكن أن تحترق كل هذه المزارع في وقت واحد بالصدفة".
يؤيد النائب الأول لمحافظ صلاح الدين إسماعيل هلوب رواية الجبوري بقوله "نحن نعتقد أن الأمر مدبر وبفعل فاعل"، موضحا في مؤتمر صحفي عقده في المحافظة أنه "في المناطق البعيدة هناك معلومات تفيد بأن عناصر داعش يقومون ابتزاز المواطنين من أجل الحصول على أتاوات، وفي المناطق الأخرى تقف وراءها عصابات، وهي جهات مجهولة".
ما يثير علامات استفهام أكثر هو اعتدال درجات حرارة الجو. يلفت النائب الأول لمحافظ صلاح الدين إلى أنه في الأعوام السابقة لم تحصل مثل هذه الحوادث "رغم الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، على عكس الآن، فالجو طبيعي ولا توجد درجات حرارة عالية ممكن أن تؤدي إلى حرائق".
وطالبت حكومة صلاح الدين المحلية، القيادة العامة للقوات المسلحة بوضع "إجراءات وخطط سريعة للكشف عمن يقوم بالعبث مزارع الحنطة في صلاح الدين"، وفقا للهلوب.
ويتابع "نطلب بأن يكون هناك حل جذري التي بدأت تتفاقم في المحافظة".
أضرار كبيرة
تسببت هذه الحرائق بضرر على المستوين العام للبلاد يتمثل بحاجة العراق لمادة الحنطة، وعلى المستوى الخاص بمحافظة صلاح الدين ويتمثل بتأثر المردود الاقتصادي للمحافظة، الذي يسجل "نسبة فقر عالية"، وفقا لنائب المحافظ.
ويضيف "ما يحصل أثر على خططنا في تقليل نسبة الفقر وإنعاش اقتصاد المحافظة".
تأتي هذه الحرائق في وقت سجلت محافظة صلاح الدين هذا العام تفوقا في الإنتاج الزراعي على المحافظات الأخرى، ساعدها في ذلك كثرة الأمطار.
يوضح مستشار وزارة الزراعة حسين الجميلي أن الحرائق "أدت إلى خسائر كبيرة وأضرار بالاقتصاد الوطني"، موضحا في مؤتمر صحفي مشترك مع حكومة محافظة صلاح الدين المحلية "اتفقنا على توقيع محاضر، تصادق من قبل المحافظ وتقدم إلى مجلس الوزراء لاستحصال موافقات أصولية بشأن تعويض الفلاحين".