عراقي يقف إلى جانب قارب في منطقة جافة قرب محافظة الناصرية
عراقي يقف إلى جانب قارب في منطقة جافة قرب محافظة الناصرية

شهدت أعوام 2015-2018 الارتفاع الأعلى لدرجات الحرارة في تاريخ الكرة الأرضية الحديث، حسب التقرير الأخير لوكالة إدارة الطيران والفضاء الأميركية "ناسا" والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا".

في بغداد مثلاً، كان معدل درجة الحرارة هذا العام  24.4 درجة مئوية، أعلى من المعدل بـ 1.4 درجة مئوية.

لكن الزيادة في معدلات الحرارة خلال السنوات الأخيرة والمتوقع استمرارها في المستقبل ستضيف تحدياً جديداً على حياة العراقيين إن لم يتم تصويب الممارسات والسياسات الخاطئة المتبعة حالياً من قبل المواطنين والحكوميين. هذه الممارسات على اختلاف أنواعها قد تلحق أَضراراَ كبيرة بالغذاء المنتج محلياً وتهدد وفرته في المستقبل وفق ما يشرحه خبراء في الشأن لـ(ارفع صوتك).  

الحر الشديد.. قادم!

​​

مخطط تفاعلي/صحيفة نيويورك تايمز الأميركية

​​​

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يشير مخطط تفاعلي نشرته صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى بيانات درجة الحرارة بين 1960-2060 لمدن مختلفة حول العالم، بحيث يمكنك تتبع ما يحدث لكل مدينة إن وضعت تاريخ مولدك في الخانة المحددة لذلك.

لنفرض أنك من مواليد بغداد 1980. النتيجة ستكون أن الأيام الحارة، التي وصلت إلى 90 فهرنهايت (حوالي 32 درجة مئوية)، 170 يوماً في السنة.

في 2017 ازداد عدد الأيام الحارة مع الوقت (بدرجة 32 أو أكثر) ليكون 180 يوماً. وفي 2060 يتوقع أن تفوق الـ191 يوماً في السنة.

وأوضح المدير البيئي في مركز الأنواء الجوية العراقي، محمود عبد اللطيف، لـ(ارفع صوتك) أن ارتفاع درجات الحرارة لن يقتصر على بغداد، بل على كافة المناطق العراقية، وبخاصة محافظات الوسط والجنوب، أعلاها في قضاء خانقين في محافظة ديالى ومحافظة البصرة جنوب البلاد. وسيستمر الارتفاع مع المستقبل وأثره سيكون أكبر وذلك لعدة أسباب أبرزها فقر الغطاء النباتي.

ويمثل التصحر مشكلة بيئية أخرى. حيث يقدر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في 2015 أن 90 في المئة من العراق يواجه التصحر والجفاف الشديد. ولوحظت آثار التصحر بعد عام 1990 بسبب العمليات العسكرية التي أساءت إلى الغطاء النباتي، أضيف إليها مع الوقت الزيادة السكانية والزحف الحضري.

معاناة الفلاح

في تكريت التابعة لمحافظة صلاح الدين في العراق، تغير واقع الفلاح بشكل كبير خلال السنوات الماضية. حيث المحاصيل التي كان تزرع بكثرة أًصبحت أقل. وبالتالي ساهمت في خفض مدخول الفلاحين:

 

​​

مشاكل القطاع الزراعي في العراق ليست وليدة الحاضر. فالبلد الذي كان جزءاً من الـ "الهلال الخصيب" أهمل منتجات الأرض الزراعية (أبرزها القمح والشعير والذرة الصفراء والبيضاء والكتان والسمسم والماش) منذ السبعينيات، وركز على بيع عائدات النفط الوفيرة كمصدر أساسي لعائدات الخزينة. 

وفي عهد الرئيس الأسبق صدام حسين، أي في الثمانينات، انشغل العراق بحروب طويلة وتعرض القطاع الزراعي لخسائر فادحة، من أهمها خسارة العاملين الزراعيين. حيث ألحق صدام الفلاحين بصفوف القتال، وأحرق العديد من أشجار النخيل أثناء الحرب مع إيران كي يمنع المتسللين الإيرانيين من التستر فيها. إلى جانب ذلك وظّف قسم من المعدات الزراعية لخدمة الأغراض العسكرية.

تلا هذا الفصل من حياة المزارعين جفاف الموارد من كل حدب وصوب. من قلة منسوب المياه في كل من دجلة والفرات بسبب سدود تركيا التي يقدر عددها بـ600، إلى عدم القدرة على استخراج المياه الجوفية بسبب قلة ساعات الكهرباء اللازمة لمعدات الضخ، وصولاً إلى تنظيم داعش التي استغل فقر حال الفلاح فألحق بعضهم بصفوفه. وخسر العراق 40 في المئة من إنتاجه الزراعي بسبب داعش، حسب تقرير لمنظمة الأغذية العالمية "فاو". حالياً وفي موسم 2018-2019 الشتوي انخفضت رقعة الأراضي المزروعة بمحصول القمح والذي يعتمد على الري بنسبة النصف.

بالتالي لم يعد القطاع الزراعي في بلد زراعي بامتياز يشكل الثقل المفترض في صادرات البلاد. "يعتمد العراق في صادراته على المنتجات النفطية بحوالي 99 بالمئة، ما يعبّر عن مشكلة هيكلية في الاقتصاد العراقي (خاصة بعد خفض أسعار النفط)". قال معاون كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة ذي قار، صادق زوير لـ(ارفع صوتك). 

من أخطاء المواطنين: عندما أصبحت مصادر المياه مكباً للأوساخ!

السدود التي بنتها دول منبع نهري دجلة والفرات، إيران وتركيا أمر لا يمكن تجاهله ويصعب التغلب عليه أيضا دون تسوية سياسيةً. فقد بنت الأخيرة حوالي 22 سداً، أخطرها إليسو. استمرار إقامة السدود يؤدي إلى زيادة الملوحة في مجرى الأنهار.

​​

ولكن الأخطر من ذلك هو ما يقوم به العراقيون.  يشرح الصحافي المتخصص في قضايا المناخ، بيتر شوارستين، لـ(ارفع صوتك) ومن خلال معاينته الميدانية لمناطق مختلفة في العراق أن "جزءاً من مشكلة المياه النظيفة في العراق تعود إلى سلوك الناس. على مدى سنوات كانت الأنهار والمناطق المحيطة بها مكباً للنفايات من قبل المواطنين. كما قامت بلديات في محافظات بتفريغ مياه المجاري في الأنهار أيضاً".

وبسبب مشكلات مياه الأنهار، حفر فلاحون المزيد من الآبار لري أراضيهم، ما أدى إلى تجفاف مستودعات المياه الجوفية الذي يعود تاريخ وجودها في العراق إلى قرون عدة. وسبّب استخراج المياه الجوفية عبر الضخ أيضاً انخفاض منسوب حوضي دجلة والفرات بمعدل 144 كم3 من المياه النظيفة بين 2003-2010 لتعويض قلة الأمطار، حسب دراسة اعتمدت أقمار صناعية تابعة لناسا. ويتوقع أن يستمر انخفاض منسوب المياه في النهرين بمعدل 50 في المئة في نهر الفرات و25 في المئة في دجلة في 2025.

 وأثّر ذلك على الغذاء. يقول بيتر "رأيت في الأسواق مواداً مستوردة بشكل مستمر وأكثر من المنتج المحلي وبالتالي سعرها أعلى".

قوانين معتمدة ولكن..  

في العراق يوجد قوانين لمحاسبة من يضر بالغطاء النباتي ويلوث مصادر المياه، حسب توضيح حكيم عبد الزهرة المسؤول الإعلامي في أمانة بغداد لـ(ارفع صوتك).

قال حكيم "المشكلة في فاعلية هذه القوانين. لأن العراق تعرض إلى حروب وظروف أمنية واقتصادية منحت الفرصة لأشخاص عدة بالتحايل على القانون".

هذه التجاوزات تخص أصحاب البساتين والأراضي الزراعية على حد سواء. يتحايلون على القانون ويبيعون أراضيهم لتتحول إلى أراضٍ سكنية.    

ويضيف "لا يمكنني أن أقدر مساحة الأراضي الزراعية التي تحولت إلى سكنية". لكن وسائل إعلامية تفيد أن العراق حالياً لم يعد يزرع سوى 25 في المئة من أراضيه  الصالحة للزراعة.

إلى جانب ذلك يعقّد الفساد والفوضى في مؤسسات الدولة هذا المشهد. ويعلق شوارستين على أن اعتماد الفلاحين على الحكومة للحصول البذار والسماد والتي غالباً ما تكون بسعر أعلى دهور واقع الزراعة وحد من قدراتهم.

بصيص أمل

تحصيل الأمن الغذائي مسؤولية تشاركية بين الحكومة والمواطنين لتفادي أثر المشكلات التراكمية والسياسيات الخاطئة التي من شأنها تخفيض عدد المنتج المحلي ورفع سعره.

يشرح مهدي ضمد قيسي وكيل وزارة الزراعة السابق لـ(ارفع صوتك) أن الوزارة استقدمت بذوراً مقاومة للجفاف وتجري الأبحاث اللازمة لتطويرها إلى ما يناسب البيئة العراقية. لا سيما الحنطة "العمل على هذه البذور هو جارٍ فعلاً في مراكز البحوث".  

إلى حانب ذلك، هناك نشطاء ومشاريع ناشئة ومؤسسات غير حكومية محلية تركز على موضوع المياه والزراعة والأمن البيئي لكن تأثيرها محدود.

ويوضح الناشط البيئي قاسم المشاط لـ(ارفع صوتك) أنه يعمل ومجموعة من المتطوعين "على إعادة بعض الأنواع المنقرضة من البيئة العراقية بسبب الحروب مثل شجرة اللوز الهندي". ومن المشاريع الصغيرة أيضاً مشروع "اكفل نخلة" الذي يهتم بزراعة شجرة النخيل وأن تبقى جزءاً لا يتجزأ من البيئة العراقية.   

 ويشير المشاط إلى حاجة العراق الماسة لتوفير الدعم الدولي لضمان أمن الغذاء في المستقبل. لكن برأيه أن "الأمور لن تتغير إلا بقوانين رادعة تحد من تجاوزات المواطنين والحكوميين. "فعندما يرى المواطن أن المعامل الأهلية والحكومية تلقي بنفاياتها في موارد المياه، فهو أيضاً لن يبالي".

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Polish soldiers take part in trial drills prior to annual artillery show ‘Autumn Fire 23’ at a military range in Bemowo Piskie near Orzysz
من مناورات عسكرية للجيش البولندي- تعبيرية

في مثل هذا اليوم من كل عالم يحتفل العالم  بيوم السلام العالمي الذي تُوجّه في الدعوة لإحياء السلام وترسيخ ثقافة اللاعنف والتوقف عن القتال في جميع الجبهات المشتعلة ولو لفترة مؤقتة.

للأسف فإن العالم اليوم أبعد ما يكون عن الأحلام الوردية التي تروّج لها هذه الذكرى، فما أكثر الحروب والنزاعات العسكرية التي يشهدها العالم هذه الأيام.

حرب أوكرانيا

منذ 2014 اشتعل غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوكرانيا بعد تنصيب حكومة موالية للغرب فأمر بضمِّ شبه جزيرة القرم إلى بلاده ودعّم الحركات الانفصالية في منطقة دونباس. خفتت هذه الأزمة جزئياً بعد توقيع اتفاقية سلام "ميسنك" بين البلدين والتي أذعنَ فيها الأوكرانيون كثيراً للشروط الروسية.

في 2019 وصل فولوديمير زيلينسكي إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا ووعد بإحلال السلام في المنطقة لكنه أثار غضب بوتين بسبب سعيه الحثيث نحو التعاون العسكري مع أوروبا علاوة على رغبته في الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما اعتبره بوتين خطاً أحمر لن يسمح للغرب بتجاوزه فأمر بشنِّ حربٍ على أوكرانيا في نهاية العام الماضي.

رغم أن الجيش الأوكراني أثبت كفاءة أكبر من التي توقّعها بوتين في التصدّي للغزو فإن روسيا حتى الآن نجحت في احتلال مساحات شاسعة من الأراضي شرق أوكرانيا ودمّرت قاعدة ضخمة من البنى التحتية الأوكرانية الأمر الذي أدّى لانقطاع الكهرباء والماء عن أماكن كثيرة في البلاد.

في غياب الأرقام الرسمية يصعب تحديد الخسائر بشكل دقيق لكن وفقاً لأغلب الإحصائيات فإن هذا الصراع أدى إلى هجرة 8 ملايين أوكراني إلى أوروبا ونزوح 6 ملايين آخرين داخلياً فضلاً عن مقتل آلاف الأشخاص.

اليمن

على الرغم من توقيع اتفاق هدنة بين الأطراف المتصارعة في أكتوبر من العام الماضي فإن مسبّبات الحرب الرئيسية لا تزال تسيطر على الساحة اليمنية وتُنذر بالتفجير في أي وقت.

فمنذ تمرد الحوثيين على رئيس البلاد عبدربه منصور في منتصف 2014 ونجاحهم في الاستيلاء على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي شمال غرب اليمن ردّت السعودية بإطلاق العملية العسكرية "عاصفة الحزم"، والتي لم تنجح في حسم الصراع اليمني بل ساهمت في تعقيده وامتدَّ الصراع إلى الأراضي السعودية ذاتها عقب قصف منشآت "أرامكو" النفطية. أملاً في حلحلة الأزمة اضطر الرئيس منصور إلى الاستقالة والتنازل عن صلاحياته لمجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي.

ورغم جمود الوضع الحالي واستمرار معاناة اليمنيين من "الألغام" السياسية في بلادهم فإن السعودية سارت شوطاً بعيداً في سعيها لإنهاء حالة الحرب الدائرة منذ 8 سنوات تقريباً حتى أقامت في الفترة القريبة الماضية مفاوضات مباشرة بينها وبين الحوثيين لحلِّ جميع النقاط الخلافية بين الطرفين وصفتها بـ"الإيجابية والبنّاءة" ما يبشر بقُرب انتهاء تلك الحرب.

أرمينيا وأذربيجان

تعيش أذربيجان وأرمينيا صراعاً منذ 3 عقود بسبب رغبة كل منهما السيطرة على اقليم "ناغورني كراباخ"، واندلع آخر قتال بين البلدين في 2020 ودام قرابة 6 أسابيع.

تعود جذور هذا الصراع إلى عشرات السنوات الماضية بسبب التنافس القديم على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والأذريين المسلمين منذ أن كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي وعقب سقوطه اشتعلت أعمال عنف وحشية بين الطرفين.

السودان

منذ أبريل الماضي اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) متسببين في مقتل 7500 فردٍ ونزوح 7.1 مليون فرد من بينهم 3.3 مليون طفل بحسب تقديرات أممية.

هجومٌ فشلت في إنهائه جميع الوساطات الدولية التي تدخّلت لحل الأزمة وظلَّ مستمراً حتى أيامٍ قريبة مسفراً عن احتراق واحدٍ من أكبر أبراج العاصمة الخرطوم وأكثرها شهرة.

وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات عن التصعيد العسكري أعلنت السُلطات الصحية خروج جميع المستشفيات الرئيسية في الخرطوم ودارفور عن الخدمة.

ووفقاً للإحصائيات فإن 72% من سكان الخرطوم نزحوا عنها بسبب استمرار الأعمال العسكرية داخلها.

أوضاعٌ مأساوية تغيب الإرادة الدولية عن حلّها إذ لم يتم تمويل إلا 26.4% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية المطلوبة لمساعدة ضحايا الحرب.

وفي كلمةٍ لها هذا الشهر حذّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو من أن 6 ملايين سوداني باتوا "على بُعد خطوة واحدة من المجاعة" وأن استمرار هذه الحرب يهدد بـ"إغراق المنطقة في صراعٍ أوسع نطاقاً".

جمهورية أفريقيا الوسطى

تعاني هذه الدولة الأفريقية من حروبٍ أهلية ضارية وانقلاباتٍ عسكرية متتالية مزّقتها لعقودٍ منذ استقلالها عن فرنسا قي 1960، تسببت في حرمان أغلب سكانها من جميع الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والرعاية الصحية حتى وُصفت بأنها أحد "أكثر دول العالم اضطراباً".

ومنذ شهرين أجرى فوستين أرشانج تواديرا رئيس البلاد تعديلاً دستورياً لإطالة مُدة فترته الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات وإلغاء عدد الولايات الأقصى، تعديلات دستورية لم يتورّع أنصار الرئيس الحالي عن استخدام أقصى درجات الترهيب لضمان نسبة موافقة كاسحة عليها.

في 2013 فقد تواديرا منصبه كرئيسٍ للوزراء بسبب انقلابٍ عسكري انتهى خلالٍ عامٍ بتدخل عسكري مباشر من فرنسا لتولّى الحُكم في بلدٍ يموج بالاقتتال الأهلي والعرقي.

ومنذ 2018 نشرت شركة "فاجنر" الروسية ألفي مقاتل تابعين لها بدعوى المساهمة في تهدئة الاقتتال الأهلي وفي المقابل سيطرت على بعض مناجم الذهب ومناطق مليئة بالأخشاب النادرة. بل وإن آخر صور التُقطت ليفغيني بريغوجين كانت خلال زيارة له إلى أفريفيا الوسطى لتفقد أعمال شركته بها ومنها رحل إلى موسكو حيث استقلَّ طائرة كان مفترضاً أن تتجه به إلى بطرسبورج لكنها تحطّمت في منتصف الطريق وأودت بحياته.

هذا البقاء الطويل في السُلطة لم يجلب الاستقرار إلى أفريقيا الوسطى ولم تتوقف فيها أوضاع العنف، هذا العام استهدفت الأمم المتحدة مساعدة 2.4 مليون متضرر لكنها لم تتحصّل إلا على 36% فقط من تمويل نفقاتها.

ميانمار

في فبراير 2021 شهدت ميانمار انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكومة المدنية وكان بداية لسلسلة من أعمال العنف والاقتتال الأهلي لم تنقطع حتى اليوم قُتل فيها قرابة 4 آلاف فرد وسُجن 20 الفاً بسبب معارضتهم للسُلطة العسكرية الحاكمة.

في بداية هذا الشهر ألقى نيكولاس كومجيان رئيس فريق التحقيق الأممي في انتهاكات حقوق الإنسان كلمةً أكد فيها أن جيش البلاد ارتكب فظائع ضد المدنيين في البلاد شملت القصف العشوائي للمظاهرات وحرق المنازل وإعدام المعارضين.

شكّل معارضو هذا الانقلاب حكومة موازية عُرفت بِاسم حكومة الوحدة الوطنية المدنية، التي لم تكتفِ بالاحتجاجات السلمية وإنما شكّلت قوات عسكرية أعلنت "الحرب الدفاعية الشعبية" ضد المجلس العسكري للبلاد، ومنذ عام أعلن القائم بأعمال الحكومة أن القوات التابعة له سيطرت على نصف مساحة ميانمار.

أعادت هذه الممارسات التذكير بالتكتيكات الوحشية التي اّبعها جيش البلاد تجاه الأقلية المسلمة من الروهينجا والتي يُعتقد أنها تسببت في مقتل 10 آلاف فرد وإحراق 300 قرية وإجبار 70 ألف نازحٍ على الفرار إلى بنجلاديش.

الصومال

رغم الإطاحة بحركة الشباب الإسلامية من الحُكم منذ 15 عاماً تقريباً إلا أنها لم تتوقف قطُّ عن تنفيذ هجمات إرهابية بحق جنود الجيش الصومالي كما نجحت في فرض سيطرتها على مساحات شاسعة من الريف.

وتتلقّى الحكومة المحلية دعماً أمريكياً كبيراً في هذه الحرب المستعرة منذ سنوات آخرها إدراج وزارة الخارجية الأمريكية 5 من قيادات الحركة على لوائح الإرهاب الدولية.

شهد هذا العام موجات من الكر والفر في الصراع الأهلي الدائر بين الجيش الحكومي والميليشيات الإسلامية المتطرفة؛ في مايو هاجم مسلحو الحركة قاعدة يسيطر عليها جنود أوغنديون تابعون لقوة الاتحاد الأفريقي متسببين في مقتل 54 جندياً على الأقل، بعدها بشهر تبنّت الحركة هجوماً على فندقٍ في قلب العاصمة انتهى بمقتل 3 من رجال الأمن و6 مدنيين، وفي 20 أغسطس الماضي ردَّ الجيش الصومالي على هذه الهجمات عبر تنفيذ عمليتين عسكريتين أسفرتا عن مقتل 50 عنصراً من حركة الشباب لتستمرُّ المعركة بين الطرفين دون حسم.

سوريا والعراق

بالإضافة إلى الصراع الفلسلطيني- الإسرائيلي المستمر منذ ما يقرب من 75 عاماً، لا تزال العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات أمنية، وحروباً مستمرة منذ أعوام، كما هي الحال مع سوريا التي تعيش حرباً داخلية منذ العام 2011 بعد اندلاع ثورة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد انحدرت إلى عنف دموي بعد ان حاول الأسد قمعها بالقوة. كما يعيش العراق توترات تتعلق بالحدود في اقليم كردستان، التي تشهد اعمالاً أمنية يرتكبها الجيش التركي في حق مناطق يشغلها حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، وأخرى يرتكبها الحرس الثوري الإيراني الذي يقصف مواقع يقول إنها تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية في الإقليم.