قوات عراقية تطارد داعش في الصحراء
قوات عراقية تطارد داعش في الصحراء

قال تقرير لمجلة فورن بوليسي الأميركية إن هناك مؤشرات على عودة نشاط خلايا تابعة لتنظيم داعش في العراق وخاصة في المناطق التي انطلق منها عام 2014.

وأشار التقرير إلى أن جيوبا للتنظيم الإرهابي لا تزال نشطة وتهدد المناطق النائية في العراق حيث ينتشر الكثير من عناصره حاليا في شبكات أنفاق يخزنون بها المواد الغذائية والملابس اللازمة، ويعملون في خلايا من خمسة إلى 10 أشخاص.

​​وذكرت المجلة أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي يُعتقد أنه كان في الأنبار عندما ظهر في مقطع فيديو الشهر الماضي هو الأول منذ ظهوره العلني قبل نحو خمس سنوات في الموصل.

الخوف من الظلام

واستندت المجلة في تقريرها إلى شهادات لمسؤولين وقادة عسكريين محليين في محافظة الأنبار ومنهم قائد في الحشد العشائري يدعى داخل إبراهيم من قرية أبو طيبان القريبة من قضاء هيت والتي يدب الخوف في قلوب سكانها يوميا مع حلول الظلام.

​​يقول إبراهيم إن عناصر التنظيم يهاجمون القرية في الليل عادة، ويشير بيده إلى مناطق صحراوية متاخمة ينطلقون منها.

ويضيف إبراهيم، الذي تعرض للاعتقال ثماني مرات على يد عناصر داعش إبان سيطرة التنظيم على قريته في 2014، "إنهم يمكن أن يخرجوا من أي مكان".

ويتابع: "لقد وضعنا كاميرات على المنازل وحراسا على الأسطح. وأفرادنا يحرسون حتى الصباح لأننا نحتاج إلى النوم ولا توجد قوات أمنية".

انقسام أمني

ومنذ سقوط بلدة باغوز آخر معاقل تنظيم داعش في سوريا في آذار/ مارس الماضي، يُشتبه في أن ما لا يقل عن ألف مسلح عبروا الحدود إلى العراق، وفقا للمجلة الأميركية.

وترى كاتبة التقرير أن هذه المعطيات، إلى جانب بقاء القوات الأمنية العراقية مقسمة داخليا بين عدد كبير من الفصائل المسلحة، تشبه الظروف التي سمحت لتنظيم داعش بالتجذر أصلا.

قوات عراقية في الأنبار

​​وتضيف أن تلك الانقسامات قد تكلف العراقيين كثيرا لأن كل مجموعة لها أساليبها الخاصة في محاربة تنظيم داعش و لا تنسق فيما بينها. بل إن بعضها ينظر للآخرين  بعين الريبة.

وتنقل عن الباحث بمعهد تشاتام هاوس البريطاني ريناد منصور قوله إن عناصر جهاز مكافحة الإرهاب، مثلا، لا يتحدثون مع عناصر الحشد الشعبي رغم أن على الجانبين أن يقاتلا جنبا الى جنب ضد التنظيم.

ويضيف: "إنهم حتى لا يجلسون في الغرفة نفسها، لأن أحدهم يعتقد أن الآخر عميل لأميركا أو موالٍ لإيران. بالطبع هم لن يتشاركوا المعلومات الاستخباراتية مع بعضهم البعض".

تجدد الهجمات

ويشير التقرير إلى أن مراكز المدن الرئيسية مثل بغداد وغيرها قد تكون آمنة حاليا، لكن المحافظات الأخرى قد تكون في خطر.

​​ويرى أن وحشية حكم تنظيم داعش تسببت في تقليص قاعدته من المجندين المحليين بشكل كبير وبدأ عدد كبير من أفراد القبائل والمدنيين تقديم معلومات استخباراتية لأجهزة الأمن العراقية.

ومع ذلك عادت هجمات تنظيم داعش من جديد في بعض المناطق وفقا لكاتبة التقرير.

في أحدث العمليات استهدف التنظيم قادة محليين مثل داخل إبراهيم في هيت. وفي مطلع هذا الشهر هاجمت مجموعة من تنظيم داعش منزل زعيم محلي في محافظة نينوى الشمالية، ما أدى إلى مقتله وأربعة من أقربائه.

وفي نيسان/ إبريل الماضي أدى انفجار قنبلة على جانب الطريق إلى مقتل زعيم قبلي في المحافظة نفسها.

وعلى الرغم من أن تنظيم داعش أضعف بكثير مما كان عليه قبل بضع سنوات، إلا أنه يغير نمط عملياته ويؤكد وجوده في عمليات اغتيال تهدف إلى إظهار أنه لا يزال مؤثرا، وفقا لمجلة فورن بوليسي.

​​وبالنسبة لقوات الأمن العراقية، فإن ملاحقة إرهابيي التنظيم تشبه لعبة "القط والفأر" عندما تتعقب الخلايا المتبقية داخل المناطق الصحراوية الشاسعة في غرب العراق، وجبال حمرين في محافظة ديالى، والمناطق الريفية النائية في نينوى.

ويتراوح عدد أعضاء تنظيم داعش الذين ما زالوا يعملون في العراق بين نحو ألف وثلاثة آلاف شخص، وقد انخفض كثيرا مقارنة بفترة ذروة صعود التنظيم عندما قاتل في صفوفه ما يقدر بنحو مئة ألف مقاتل.

ما الحل؟

وفي الوقت الذي لا تزال فيه مناطق مثل قرية أبو طيبان مهجورة، وأجزاء كبيرة من الموصل مهملة ومن دون خدمات أو موارد حكومية، فإن الأمر قد يكون مجرد مسألة وقت حتى تفقد الحكومة موجة الدعم التي نشأت بعد هزيمة داعش.

يقول الباحث بمعهد تشاتام هاوس البريطاني ريناد منصور إن "التحدي حينها ستصبح محاولة التعامل مع مجموعة مثل داعش كما لو كانت مشكلة عسكرية فقط. لذا، فإن الحل العسكري لا يعالج سوى الأعراض، وهي داعش، لكنه لا يستطيع أن يعالج جذور سبب ظهور هذه الجماعات".

ويختتم منصور بالقول: "التحدي الذي يواجهنا الآن هو أنه لا يوجد أحد يعالج هذه الجذور".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.