أطفال عراقيون نازحون
أطفال عراقيون نازحون

يحل اليوم العالمي للأطفال ضحايا العدوان، الذي يصادف 4 حزيران/يونيو من كل عام، وأطفال العراق وسوريا واليمن وليبيا يمرون بمزيد من المعاناة ويدفعون الثمن الأكبر للحروب الدامية في بلدانهم.

وتهدف الأمم المتحدة من هذا اليوم إلى "الاعتراف بمعاناة الأطفال من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية في جميع أنحاء العالم”.

وتقول الأمم المتحدة إن ملايين الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "سلبت منهم طفولتهم"، بسبب الحروب والنزاعات ولا يحظون بفرص التعليم.

في سوريا.. نصف أطفال البلاد لم يعرفوا غير الحرب

وصفت اليونيسف واقع الأطفال السوريين بـ"المأساوي"، فقد ولد 4 ملايين طفل منذ بدء النزاع عام 2011 ونشأ نصف أطفال البلاد وهم لا يعرفون غير الحرب، وازدادت بشكل كبير كل أشكال العنف كالتنمر والتحرش والضرب والزواج المبكر.

وقالت المنظمة الأممية إن أكثر من 5.5 ملايين طفل سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، بينهم نصف مليون طفل في أماكن يصعب الوصول إليها.

وقتل نحو 29 ألف طفل في النزاع الدامي في سوريا، بين آذار/مارس 2011 وآذار/مارس 2019، وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

أطفال سوريون نازحون هربوا مع أهاليهم من جحيم الحرب

​​

وتتحدث المنظمات الدولية عن 2.6 مليون طفل سوري مشردين داخليا، و2.5 مليون طفل آخرين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة.

وحذرت المديرة العامة لمنظمة “اليونيسف” هنريتا فور من أن "عشرات آلاف الأطفال شمال غرب سوريا يواجهون مخاطر وشيكة بالتعرض للإصابات أو الموت أو النزوح" بسبب التصعيد العسكري المستمر في إدلب ومحيطها.

وقالت في بيان صحافي الأسبوع الماضي إن 30 مستشفى هناك تعرضت للهجمات، وأن نحو 43 ألف طفل اضطروا إلى ترك مدارسهم، وأُجلت الاختبارات النهائية في بعض مناطق إدلب بما يؤثر على تعليم 400 ألف تلميذ.

وفيما يحتاج نصف أطفال البلد إلى الدعم والمساعدة، تقول اليونيسف إن ثلث الأطفال خارج المدارس.

ولا يزال مصير أطفال المقاتلين الأجانب في سوريا غير واضح.

في اليمن.. 7 ملايين طفل ينامون كل ليلة وهم جياع

تؤكد الأمم المتحدة أن النزاع في اليمن "جحيم يعيشه الأطفال"، حيث يخلد 7 ملايين طفل للنوم كل ليلة وهم جياع، فيما هناك 12 مليون طفل بحاجة إلى أحد أشكال المساعدة الانسانية للبقاء على قيد الحياة.

وتشير إحصائيات أعلنتها اليونيسيف خلال عام 2018 إلى أن 400 ألف طفل يمني يعانون من سوء تغذية حاد، ويموت طفلا واحدا كل عشر دقائق بأمراض يمكن الوقاية منها.

وهناك 6.6 مليون طفل بحاجة ماسة لخدمات الحماية التي تشمل معالجة الصدمات.

وتحققت اليونيسف من مقتل أو جرح أكثر من 6700 طفل، وتجنيد أكثر من 2700 طفل للقتال منذ تصاعد النزاع الدامي عام 2015.

وتظهر تقارير منظمة العمل الدولية أن أعلى معدلات عمل الأطفال في المنطقة العربية سجلت في اليمن بنسبة بلغت 34.8% معظمهم يعملون بمهن خطرة.

وأجبر حوالي 1.5 مليون طفل على النزوح، العديد منهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.

طفلة يمنية قُتل أهلها في الحرب تمسك بدميتها

​​

وهناك أكثر من مليوني طفل يمني في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدارس التي دمر النزاع المئات منها وتحولت أخرى إلى مخيمات للنازحين.

ورغم الاضطرابات النفسية الكبيرة التي يعانيها أطفال اليمن، فهم يفتقرون للدعم النفسي والاجتماعي.

يقول الدكتور علي وهبان، وهو استشاري علم النفس العيادي والعلاج النفسي لموقع (ارفع صوتك) إن الدعم النفسي والاجتماعي الذي يقدم للأطفال ضحايا الحرب في اليمن لا يساوي 10% مما هو مطلوب.

مأساة مستمرة

ما تزال العراق أحد أكثر بلدان العالم خطورة بالنسبة للأطفال.

وذكرت اليونيسف نهاية عام 2017 إن 5 ملايين طفل عراقي، يحتاجون إلى الدعم النفسي والمساعدة الإنسانية.

وأظهرت نتائج المسح الشامل لوضع الأطفال في العراق (نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2018) الذي يعد أول دراسة شاملة منذ سبع سنوات أن الصراع واللامساواة لا يزالان يحددان ملامح الطفولة في البلاد.

ورغم تراجع الأعمال القتالية، يتعرض 80% من أطفال العراق للعنف سواء في المنزل أو المدرسة.

ومن بين المشمولين بالمسح 92% ملتحقون بالتعليم الابتدائي، “لكن لا يتمكن سوى نصف الأطفال الذين ينحدرون من أسر فقيرة إكمال المرحلة الابتدائية من التعليم، ولا يتخرج سوى أقل من ربع الأطفال الفقراء في التعليم الثانوي"، بحسب الدراسة التي أجرتها منظمة اليونيسف.

وتحتاج نصف المدارس الحكومية العراقية إلى إعادة تأهيل، وتعمل نحو ثلث المدارس هناك بأكثر من دوام مدرسي واحد "مما يقلل فترة تعليم الأطفال".

وتقدر وزارة التربية العراقية حاجة البلاد إلى نحو 20 ألف مدرسة بحلول عام 2022.

وأجبرت الحرب 975 ألف طفلة دون سن 15 عاما على الزواج المبكر منذ العام 2014.

ومن بين 2.6 مليون شخص نزحوا بسبب الحرب التي استمرت 3 أعوام على تنظيم داعش الإرهابي يشكل الأطفال النازحون نصف هذا العدد.

ويتعرض الأطفال النازحون لـ "انتهاكات خطيرة بينها: فقدان فرص التعليم والاضطرار للعمل ساعات طويلة وفي أعمال شاقة، والاستغلال الجنسي. وهم بحاجة ماسة للدعم النفسي والمعنوي"، وفقا لمفوضية حقوق الإنسان العراقية.

زيادة المخاطر

أثر النزاع المسلح بشكل مدمر على أطفال ليبيا. وقالت اليونيسف نهاية أيلول/سبتمبر الماضي إن "نصف مليون طفل بطرابلس في خطر مباشر" مع تصاعد القتال وأن "أكثر من 2.6 مليون طفل بحاجة للمساعدة".

وفي نيسان/أبريل 2019 أكدت المنظمة الدولية أن عشرات آلاف الأطفال غرب ليبيا يتعرضون للخطر المباشر نتيجة اشتداد القتال بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم في المعارك.

وقدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين الليبيين داخل البلاد بحوالي 200 ألف شخص حتى تشرين الأول/أكتوبر 2018، يشكل الأطفال أكثر من نصفهم.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

A woman walks on a road dug up by workers as part of rehabilitation public works on the outskirts of Baghdad on September 15,…
أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات العمل على مشاريع إنمائية في بغداد

تنعم بغداد باستقرار نسبي، بعد نزاعات مدمّرة استمرت عقوداً، أتاحت أشغال تجديد في المدينة من طرقات معبّدة ونظم صرف صحي جديدة إلى فنادق فارهة ومطاعم، وهي مشاريع تسمح للسلطات أيضاً بالدفع ببرنامج عملها أمام الرأي العام. 

فقد جعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من إعادة تأهيل البنية التحتية أولوية لحكومته.

في بغداد البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، تكثر المشاريع الكبيرة لوصل الأحياء العشوائية بشبكات الكهرباء والماء وترميم الطرقات والأرصفة وبناء جسور.

وفي بلد تصدّر عناوين الصحف ووسائل الإعلام على مدى عقود جراء الحروب  والتوترات الأمنية والانفجارات، أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات تقريباً وإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، افتتاح مراكز تجارية ومقاه ومطاعم فاخرة. 

على ضفاف نهر دجلة، يمكن لرواد مجمع "ألف ليلة وليلة" الاختيار بين 12 مطعماً فضلاً عن سلسلة من المقاهي وصالات الاحتفالات ومتاجر وقاعة للعبة البولينغ. خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتردد العشرات إلى المكان برفقة العائلة أو الأصدقاء لتناول الطعام أو تدخين النرجيلة وممارسة لعبة البولينغ.

وفتح المجمّع الذي بني في حديقة أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين أبوابه أواخر العام 2022، على أرضٍ هي الآن بيد نقابة الصحافيين التي استأجرت الموقع. وأطلق المشروع "عدد من المستثمرين الشباب المختصين بالشأن السياحي"، وفق المدير التنفيذي للمشروع فلاح حسن.

ويرى حسن أن "العراق أرض خصبة للاستثمار بشكل لا يمكن تخيله" لكنه في الوقت نفسه يشير إلى وجود "معوقات" مثل "الوضع الأمني والروتين الحكومي العقيم" حيث ينبغي المرور "بألف نافذة لتتمكن من أن تأخذ ورقة موافقة واحدة".

 "مناخ الاستثمار ضعيف"

اعتبر البنك الدولي في تقرير نشر أواخر يوليو أن "مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفاً"، مشيراً إلى "غياب تشريعات مؤاتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج" في إشارة إلى الرشوة.

وتسعى السلطات إلى تغيير ذلك الواقع. ويعمل رئيس الوزراء الذي أعرب مراراً عن عزمه على مكافحة الفساد، وجذب المستثمرين الكبار، لا سيما من دول الخليج.

في أواخر أغسطس، شارك السوداني في وضع حجر الأساس لفندق ريكسوس الفاخر ومجمّع سكني، وهو الاستثمار القطري الأوّل في العراق.

وقال السوداني حينها "بدءاً من رئيس الحكومة وانتهاءً بآخر موظف، سوف نكون مع المستثمر ومع الشراكة ومع القطاع الخاص الجاد في تنفيذ مشاريع الاستثمار في بغداد والمحافظات وإقليم كردستان". 

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، أكّد السوداني على أن حكومته جعلت محاربة الفساد "في أولوياتنا".

لكن ما الذي يقف خلف هذه "الطفرة" التنموية في بغداد؟ في مقال له نشر على موقع معهد "الدراسات الإقليمية والدولية"، التابع للجامعة الأميركية في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، يرى الباحث حيدر الشاكري أن "الطبقة السياسية العراقية وشركائها في مجال الأعمال قرروا استثمار ثرواتهم في مشاريع محلية هي بمثابة ملجأ للأرباح التي اكتسبت بطرق غير شرعية".

ويشير الشاكري في هذا الإطار خصوصاً إلى "مجمعات سكنية فخمة ومراكز تجارية وجامعات خاصة".

لكن السلطات تعتمد سياسة تحديث البنى التحتية. وتبلغ قيمة الاستثمارات في موازنات السنوات 2023 حتى 2025، 37 مليار دولار سنوياً، وهي تقدّر بثلاثة أضعاف القيمة الفعلية للاستثمارات في العام 2022 وفق البنك الدولي.

وقد أتاحت الاحتياطات المالية الكبرى بالعملة الصعبة التي تفوق 100 مليار دولار والمكتسبة من أسعار النفط المرتفعة، إمكانية طرح تلك المبالغ في الموازنة.

"إلى متى؟"

وأنشأت الحكومة فريق الجهد الخدمي والهندسي، الذي يضمّ جهوداً وفرقاً من وزارات وشركات عامة ومهندسي الجيش والحشد الشعبي، مهمته إعادة تأهيل الأحياء العشوائية "المحرومة منذ أكثر من عشرين عاماً" من الخدمات وفق رئيس الجهد الخدمي في بغداد المهندس عبد الرزاق عبد محيسن. 

تنكّب فرق الجهد الخدمي على العمل في الأزقة الترابية في حيّ الكوفة الواقع على أطراف العاصمة. تحفر جرارات الشوارع من أجل توصيل أنابيب جديدة، فيما تقوم شاحنة بنقل الحطام.

ويقول عبد محيسن الذي يشرف على الأعمال في حي الكوفة إن "هناك أكثر من 1093 عشوائية في محافظة بغداد أعدّت الخطط لها على أن تكون الأعمال بشكل تدريجي".

وأضاف "هناك أكثر من 200 مليار دينار مخصصة لأعمال البنى التحتية من ضمنها المياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الشوارع".

يرحب بعض سكان تلك المنطقة بهذه التغييرات، لكن آخرين ما زالوا يشتكون من نواقص عدة في الخدمات تؤثر على حياتهم اليومية. 

ويشعر أبو علي البهادلي وهو عامل يومي في مجال البناء بفرحة غامرة إزاء هذه التحسينات في حيّه. 

ويقول "مناطقنا كانت محرومة من الخدمات بشكل تام"، مضيفاً أن الوضع في السابق كان مختلفاً، "لا نستطيع أن نخرج إلى الشارع بسبب الوحول التي تسببها الأمطار". 

إلا أن جاره أحمد راضي البالغ من العمر 45 عاماً، لا ينظر إلى الأمور بالإيجابية نفسها ويشتكي من قلة الخدمات والماء والكهرباء.

ويقول راضي وهو موظف حكومي "أعطيني مسؤولا يبقى بلا ماء ساعة واحدة. يريدون أن يعبدوا الشارع قبل إنجاز الماء. لقد تعبنا".

ويتساءل الرجل "متى يكملون الرصيف؟ متى يقومون بوضع نظام تصريف للأمطار؟"، مضيفاً "تأتي من عملك متعباً، لا كهرباء ولا ماء، المجاري منتشرة، أريد أن أعرف إلى متى؟".