بغداد- دعاء يوسف:
يسند صاحب جواد يده إلى مقود السيارة وهو ينتظر دخول الراكب للسيارة.
"أيام العيد"، كما يقول صاحب الـ47 عاماً وسائق سيارة الأجرة، هي فرصة لا تعوّض للعمل".
ولا يحزنه بعده عن عائلته الذي اعتاد عليه في العيد كونه يعمل منذ ساعاتٍ مبكرة وحتّى ساعات متأخرة لاستغلال ارتفاع الطلب على وسائل التنقل.
"أجور سيارات التاكسي ترتفع في العيد، وهذا يساعدني في أن أتقاضى أموالاً إضافية تعادل أضعاف ما أحصل عليه بغير الأعياد"، يقول الرجل وهو يستعدّ لإيصال زبون ركب السيارة للتو.
بينما يمضي العراقيون أيام عيد الفطر في ممارسات ومظاهر تعبر في معظمها عن الفرحة كالذهاب إلى المطاعم لتناول وجبات الطعام أو اصطحاب الأطفال إلى المتنزهات وأماكن الألعاب وربما التبضع من الأسواق والمولات التجارية، ينشغل الكثير من الأشخاص بتوفير الأجواء المناسبة لبهجتهم طيلة تلك الأيام.
شاهد:
الشعور بالأمان
آخرون يرتبط العيد لديهم بتأمين الوضع الأمني واستقراره في البلاد، فحسين كريم (٢٩عاماً) لا يقضي أيام العيد مع عائلته على غرار حراس الأمن ورجال شرطة المرور والجنود المنتسبين لوزارة الداخلية وقوات الأمن وغيرهم. "بهجتنا بالعيد عندما نرصد الناس وهم يشعرون بالسعادة".
فهذا الشعور البسيط الذي ينظر إليه حسين، وهو شرطي منتسب للقوات الأمنية، يزيد من تنظيم الفعاليات والاحتفالات خلال أيام العيد ويحافظ على أمن وسلامة المشاركين من خطر الهجمات الإرهابية والحوادث المختلفة.
"الشعور بالأمان عند الناس صار هاجساً كبيرا وخاصة في أيام الأعياد، إذ تعيد إلى ذاكرتهم الهجمات الإرهابية السابقة، والتي كانت ترتبط دوماً بهذه الأيام"، يقول الشرطي.
شاهد:
أماكن الألعاب والمطاعم
ويحاول وليد أحمد (٢٥عاماً) أن يقنع عروسه التي تزوجها قبل شهر الصيام بأسابيع قليلة بعدم قدرته على ترك عمله في مدينة للألعاب ببغداد خلال أيام العيد. ويقول "طبيعة عملي في الإشراف على تشغيل ألعاب الأطفال صعبة التحمل خصوصاً لزوجتي التي تريد الاحتفال بالعيد معي كما حال البقية".
وتكرر زوجة وليد على مسامعه عبارة "الله يرضىِ ما أعيد بالعيد مثل الناس؟".
وتفتح المنتزهات وأماكن الألعاب أبوابها خلال أيام العيد في الصباح ولا تغلقها إلاّ في ساعات متأخرة من الليل، وعادة ما تكون الإجازات ممنوعة. "هذا يضطرني للاعتماد على أمي لتوصيل زوجتي لبيت أهلها لتأدية مراسم العيد"، يسرد وليد.
حال وليد لا يختلف عن غيره من أشخاص يعملون في مطاعم وأسواق ومراكز للتبضع ومولات تجارية تستقطب خلال أيام العيد زبائنها وفق ما يتناسب مع الذائقة والتكلفة المالية. يقول وعد ناظم (٢٣عاماً) إن عمله كمحاسب في مطعم يمنعه من قضاء وقتاً ممتعاً في العيد.
ورغم أن هذا الأمر قد يؤثر على مزاج وعد أحياناً، لكنه يرى أن لقمة العيش أهم بكثير من التفكير في الاستمتاع بالعيد. "أشعر بالحرج كثيرا عندما يفرغ جيبي من المال بسبب إجازة ليوم أو يومين عن العمل، وأضطر للاستدانة من الأصدقاء لحين استلام أجوري الشهرية".
التجميل والحلاقة
ويحدث أن تكون النساء جالسات على كراسي تصفيف الشعر وتزيين الوجه استعدادا لتلبية دعوات أيام العيد ومناسباته، فيما تنشغل مي حميد، صاحبة صالون تجميل، بتجهيزهن وترتيبهن واحدة بعد الأخرى.
تبقى مي في الصالون حتى ساعات متأخرة، وحين تعود إلى منزلها، تكون متعبة كثيراً. "لا أشعر بالعيد"، تؤكد.
ومن بائع الشاي إلى الحلاق وإلى العاملين في المستشفيات من ممرضين وأطباء وغيرهم، العيد يرتبط بخدمة الآخرين. تقول الممرضة كافي عباس (٤٩عاماً) "العمل داخل المستشفيات لا يتوقف ابداً لأن الأمر يتعلق بحياة الناس وصحتهم".
وتضيف "صحيح أن هناك من العاملين من تكون دوريات عملهم في العيد أو بعده، لكن في الحقيقة، مهمتنا إنسانية وغير مرتبطة بوقت أو مناسبة، وتساهم في إظهار الابتسامة على الوجوه خلال العيد بعيدا عن الألم والحزن".