في العراق، يوجد أكثر من ثلاثة ملايين شخص بإعاقات جسدية، أغلبها بسبب الحرب.
في العراق، يوجد أكثر من أربعة ملايين شخص بإعاقات جسدية، أغلبها بسبب الحرب.

مر أكثر من عامين على استعادة القوات العراقية لمدينة الموصل وباقي المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، لكن الألغام والمتفجرات ما تزال حاجزا أمام عودة النازحين.

بير لودهامر، وهو خبير نزع الألغام الدولي ومدير برنامج لدى دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، قال أمس الأحد في بغداد إن نحو 70 في المئة من الألغام والمخاطر المتفجرة، التي زرعها تنظيم داعش، ما تزال تحت الأنقاض.

ووصفت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام العراق بأنه من "أكثر البلدان تلوثا بالألغام في العالم".​

​​وانضم العراق إلى اتفاقية حظر الألغام (معاهدة أوتاوا) سنة 2007، أي بعد 10 سنوات من دخولها حيز التطبيق.

والعام الماضي، قال بير لودهامر إن تنظيم داعش وضع شحنات ناسفة في المنازل أو على مسافات منتظمة في "أحزمة" يصل طولها إلى 10 كيلومترات، بحيث تزرع شحنة ناسفة كل مترين، وفق نقلت وكالة عنه رويترز.

وتحتوي كل شحنة على ما بين 10 و20 كيلوجراما من المتفجرات بدائية الصنع.

وأمس شددت دائرة الأمم المتحدة على أن "حجم وكثافة وتعقيد المخاطر المتفجرة غير مسبوق".

ويحتضن العراق حوالي 10 ملايين لغم، يعود أغلبها إلى مخلفات الحروب السابقة، خاصة الحرب الإيرانية العراقية بين سنتي 1980 و1988.

وفي السنوات الأخيرة، زرع تنظيم داعش آلاف الألغام في محيط المدن لصد القوات العراقية.

وفي مستهل العام الماضي، قالت الأمم المتحدة إن مدينة الموصل وحدها تحتاج 10 سنوات لتطهيرها من الألغام والقنابل.

وكشف لودهامر حينها أن الحرب في الموصل خلفت 11 مليون طن من الحطام. وهو ما يعرض حياة مليون مدني أو أكثر للخطر.

وقال لودهامر أيضا: "نحن نرى ذخائر أسقطت من الجو. قنابل تزن 500 رطل (225 كلغ) تم إسقاطها، تخترق الأرض لمسافة 15 مترا أو أكثر. مجرد إخراج الواحدة منها يستغرق أياما وأحيانا أسابيع"، حسب رويترز.

وتجاوز عدد المواد المتفجرة التي أزالها خبراء دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في العراق 45 ألفا، بينها أكثر من 25 ألفا في غرب الموصل وحده.

واستند داعش في صنع أغلب الشحنات الناسفة البدائية إلى مكونات يسهل العثور عليها مثل الأسمدة ومسحوق الألومنيوم والديزل، حسب الخبير الأممي.​

​​ويوجد في العراق نحو أربعة ملايين معاق، ربعهم ضحايا الصراعات والحروب التي شهدها البلد منذ ثمانينات القرن الماضي، حسب موفق الخفاجي رئيس اتحاد المعاقين العراقيين في تصريحات سابقة لموقع ارفع صوتك.

وقال الخفاجي: "مخلفات الحروب من ألغام وقنابل عنقودية وغيرها تسببت في مآس كثيرة للعراقيين".

وأضاف: “حوالي 5 في بالمئة من الضحايا سقطوا بسبب الإرهاب والحرب على الإرهاب".

والعام الماضي فقط، قالت الأمم المتحدة إن نحو 5 آلاف مدني فقدوا أطرافهم في الموصل وحدها بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وتقدر إحصاءات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال إزالة الألغام أن عدد الألغام المزروعة بمختلف دول العالم يتجاوز 110 ملايين، 40 في المئة منها في دول عربية.

 

* المصدر: رويترز، الأمم المتحدة، ارفع صوتك.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.