ملفات الجهاديين الفرنسيين في قاعة محكمة الاستئناف ببغداد حيث تتم محاكمتهم بتهمة الانتماء لداعش
ملفات الجهاديين الفرنسيين في قاعة محكمة الاستئناف ببغداد حيث تتم محاكمتهم بتهمة الانتماء لداعش

نفى مجلس القضاء الأعلى العراقي الثلاثاء 11 حزيران/ يونيو، وجود صفقة بين الحكومتين العراقية والفرنسية حول تخفيض عقوبة الإعدام بحق عناصر من تنظيم داعش أدينوا في بغداد بعد نقلهم من سوريا.

وقال بيان للمتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار إن "العقوبات التي تفرضها المحاكم العراقية تخضع لتدقيق محكمة التمييز فقط، وهي صاحبة الصلاحية بموجب القانون في الموافقة على تلك العقوبة أو تغييرها الى عقوبة أخرى حسب ظروف كل جريمة، وليس بصفقات بين الحكومات".

وكان القضاء العراقي قد أصدر أحكاماً بالإعدام بحق 11 فرنسيا نقلوا من سوريا إلى العراق للمحاكمة، بعد جلسات محاكمة امتدت لأسبوع.

ويأتي البيان رداً على تقارير إعلامية تحدثت عن إتفاق بين بغداد وباريس لتخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق الجهاديين الفرنسيين، مقابل حصول بغداد على مبلغ من المال.

الأحكام غير نهائية

ولا تزال الأحكام التي صدرت بحق هؤلاء الجهاديين غير نهائية، وتنتظر قرار محكمة التمييز.

ووفقا لمصدر في وزارة العدل، وهي الجهة المسؤولة عن تنفيذ أحكام الإعدام "لا يمكن تغيير الحكم، ولا توجد حالة سابقة موجودة أن تم التراجع عن الحكم، ولا يوجد أي مخرج قانوني للتراجع عن الحكم".

ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه وهو بدرجة مدير عام، "قضايا الإرهاب ليست مشمولة بالعفو العام أو العفو الخاص، حالات التخفيف التي حصلت كما في أحكام الألمانيين كانت لتغير الأدلة"، مشيرا في حديث لموقع (ارفع صوتك) إلى أنه حتى وإن صدر حكم الاعدام من "محكمة الموضوع"، فإن هناك ضمانات قانونية كثيرة تسبق عملية تنفيذ الحكم.

ويوضح المصدر أن "موضوع تنفيذ الإعدام بعيد الأجل لأنه بعد صدور الحكم هناك التمييز الوجوبي، وهو أن تراجع القضية من قبل هيئة محكمة التمييز بشقيها الادعاء العام والتمييز، ولأكثر من مرحلة".

ويتابع "إذا كانت هناك أدلة جديدة تعاد المحكمة، بغير ذلك لا يمكن تغيير الحكم".

مبنى محكمة الاستئناف في بغداد حيث تتم محاكمة الجهاديين الفرنسيين المتهمين بالانتماء إلى داعش

​​

من جانبه، قال المحامي مظفر جريان، وهو وكيل أحد المتهمين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "المحكمة ملزمة تلقائيا بتمييز الحكم، حيث ينظر 12 قاضيا في إضبارة كل متهم".

وأضاف المحامي أن "صلاحيات محكمة التمييز هي المصادقة على الحكم أو تخفيض العقوبة، أو إعادة المحاكمة اذا وجدت الأدلة غير كافية".

ووفقا للقانون العراقي، لدى المدانين مهلة 30 يوما للطعن بالحكم.

ومنذ 2018، حكم القضاء العراقي على أكثر من 500 رجل وامرأة أجانب دينوا بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وحكم الأحد على ألمانية بالسجن 15 عاماً بالتهمة ذاتها.

ولم ينفذ حتى الآن أي من أحكام الإعدام الصادرة بحق أي أجنبي.

ووافق العراق على محاكمة جهاديين أجانب ألقت القبض عليهم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.