فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن العراقي
فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن العراقي

جدد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض رفضه المطلق لحل الهيئة المسلحة التي يقودها.

وتأتي تصريحات الفياض، الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن الوطني العراقي، ردا على دعاوى متكررة لحل الحشد الشعبي صدرت عن أطراف عراقية مختلفة، في مقدمتها مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.

وقال الفياض، خلال كلمة ألقاها اليوم في احتفالية بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس الحشد: "حشدنا مرجعي الوجود ومرجعي البقاء".

ووصف الحديث عن مستقبل الحشد بـ"السؤال المزيف"، مشددا على أن "الحشد باق برعاية المرجعية".

وأمس، نقل إعلام الحشد الشعبي تصريحات مشابهة للفياض قال فيها إن "حل الحشد خارج الحسابات الواقعية".

ويقع الحشد الشعبي، الذي مر على تأسيسه أكثر من خمس سنوات، في صلب الصراع بين تيارين رئيسيين في العراق.

"يسعى التيار الأول جاهدا لقولبة الحشد على شاكلة الحرس الثوري الإسلامي، وجعله بديلا عن الجيش العراقي. تطغى على هذا التيار شخصيات، على غرار أبو مهدي المهندس، تابعة للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وتحصل على الدعم المادّي منه"، يقول الصحافي والكاتب حمدي مالك في مقاله على موقع معهد كارنيجي.

وأمس قال الفياض: "نحن في الحشد مطيعون للحكومة ونأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة"، لكن "سنكون مع أي حكومة تحترم وتصون قيم هذا الشعب. وسنكون ذروعا لها".

"أما التيار الثاني فيعارض هذا النهج، ويحبذ الاندماج الكامل للحشد الشعبي في القوات المسلّحة"، يضيف المقال.

ويقود التيار الثاني مقتدى الصدر الذي طالب أكثر من مرة بحل الحشد عقب استعادة مدينة الموصل من يد تنظيم داعش.

وفي حوار مع جريدة الشرق الأوسط، سنة 2017، قال الصدر إنه من المهم وصول العراق إلى مرحلة الدمج بين القوات الحكومية ومقاتلي الحشد.

ورفض ما أسماه وجود جيشين في البلاد، لأن وجود الحشد خارج نطاق الدولة يسبب "مشاكل كثيرة".

لكن رئيس الوزراء حينها حيدر العبادي، وهو من حلفاء الصدر، رفض هذا المطلب. وقال إن "قوات الحشد لن تُحل وستبقى تحت قيادة الدولة والمرجعية الدينية".

وشدد أيضا: "البعض يقول إن الحشد يحل، أنا أقول الحشد لن يحل واسمعوها مني".

وأثرت الخلافات بين مقتدى الصدر وفالح الفياض، رئيس الحشد الشعبي، على مشاورات تشكيل الحكومة الأخيرة، حيث اعترض التيار الصدري على تولي الفياض لوزارة الداخلية.

وما تزال الحكومة العراقية بدون وزير داخلية إلى الآن.

ولم يفوت الفياض الفرصة أمس لتوجيه انتقاد مبطن لخصمه الصدر، قائلا إن "الشعب العراقي يئس وتعب من الانفعالات الفارغة" و"استنفار مشاعر الجمهور من أجل التعبئة الانتخابية"، في إشارة إلى الاحتجاجات العامة التي تعود أنصار الصدر تنفيذها أكثر من مرة.

وخلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تحالفت فصائل الحشد الشعبي ضمن قائمة الفتح لتشكيل تشكيل كتلة سياسية ضاغطة.

واعتبر فالح الفياض، في حديثه أمس للموقع الرسمي لهيئته، أن مرحلة الحديث عن حل الحشد الشعبي "تم تجاوزها"، مؤكد أنه سيتم الإعلان عن الهيكلة النهائية للحشد خلال الأيام المقبلة.

وصوت مجلس النواب العراقي أمس أيضا على اعتبار ذكرى تأسيس الحشد الشعبي وفتوى الجهاد الكفائي يوما وطنيا.

وانضم الآلاف إلى الحشد الشعبي عقب فتوى للمرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني، في 13 حزيران/يونيو 2014، دعا فيها العراقيين إلى "التطوع للانخراط في القوات الأمنية" لقتال تنظيم داعش عقب احتلال داعش لمدينة الموصل.

وفي الذكرى الخامسة للفتوى، أشاد ممثل المرجعية أحمد الصافي بعمليات تحرير الموصل، خلال خطبة صلاة الجمعة في محافظة كربلاء.

لكنه عاد وانتقد "تفاقم الصراع بين قوى تريد الحفاظ على مواقعها السابقة وقوى أخرى برزت خلال الحرب مع داعش تسعى لتكريس حضورها والحصول على مكتسبات".

وفي كلمته أمس، وصف فالح الفياض المرجعية الدينية بـ"حامي هذا الشعب" و"الضمير والصوت المعبر والقائد لهذا الشعب".

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.