قوات أمن عراقية تنتشر في أحد شوارع البصرة خلال تظاهرات سابقة
قوات أمن عراقية تنتشر في أحد شوارع البصرة خلال تظاهرات سابقة

أثارت منشورات منسوبة لداعش تدعم تظاهرات يستعد ناشطون للخروج بها وتهدّد القوات الأمنية ألقيت في شوارع بعض مناطق المحافظة بلبلة وردود فعل متفاوتة حول صحة أن يكون داعش وراءها.

المنشورات وزعت بواسطة دراجة نارية وتمّ العثور عليها في ثلاث مناطق من المحافظة هي قضاء الزبير وقضاء أبي الخصيب ومنطقة العشار، حسب ما يقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي.

هل يدعم داعش الديمقراطية؟

بعض الناشطين اعتبروا أن هذه المنشورات تهدف إلى الحد من المظاهرات المرتقبة، ويعلق الأستاذ الجامعي والناشط البصراوي نائل الزامل "هذه لعبة مكشوفة من قبل بعض الأحزاب، وهذا يشير إلى إفلاسها".

ومع ارتفاع درجات حرارة الجو في العراق وانقطاع الكهرباء وقلة الخدمات الحكومية، يحشد عدد كبير من ناشطي المحافظة الواقعة جنوبي البلاد إلى تظاهرة كبيرة يوم 20 من الشهر الجاري.

وينتقد الزامل في حديث لموقع (ارفع صوتك) المنشورات بقوله "هل أصبح داعش ديموقراطيا ويدعم المتظاهرين السلميين، إنها صياغات عجيبة غريبة على الخطاب الداعشي وعلاقته مع المدنيين".

ويتابع "هذا يشير إلى إفلاس الأحزاب السياسية ومحاولتها تشويه الحراك المدني في المحافظة".

تأكيد حكومي

يأتي ذلك في وقت دعا فيه النائب عن محافظة البصرة فالح الخزعلي القوات الأمنية للتعامل بحذر مع المنشورات التي يرجح صلتها بداعش، فيما عبر النائب عدي التميمي عن ثقته بقدرة القوات الأمنية على إفشال ما وصفه بمخططات داعش، مؤكدا في تصريح للحرة أن تلك المنشورات تقف خلفها جهات تحاول الاصطياد بما وصفه الماء العكر.

في المقابل، أوضحت قيادة عمليات البصرة أنها تمتلك تفاصيل كاملة عن المنشورات، نافية دخول القوات الأمنية بحالة إنذار بسبب هذا الموضوع، كما أشيع.

وفي بيان رسمي ذكرت القيادة أنها "تنفي وبشكل قاطع دخول قواتها الأمنية بحالة إنذار ضمن قاطع المسؤولية بعد وجود منشورات في قضاء أبو الخصيب"، مضيفة "الآن المنشور لا يشكل أي تهديد أمني على محافظة البصرة خصوصا وأن القيادة لديها المعلومات الكاملة عن المنشور والجهات التي تعمل على انتشاره وسط الشارع البصري".

وتابع البيان أن "ما يثار من خلال بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول دخول القوات الأمنية بحالة إنذار غير صحيح".

شرعية للقتل والاعتقال

ويتهم الناشط والصحفي البصراوي أزهر الربيعي وقوف "ميليشيات وأحزاب مدعومة من إيران وراء هذه المنشورات من أجل زعزعة الأمن وإرباك الوضع السياسي في البصرة".

ويتابع الربيعي المقيم في الولايات المتحدة أن الهدف "منع المتظاهرين من الخروج في التظاهرات الضخمة التي يستعدون لها في العشرين من الشهر الجاري".

ويلفت الناشط الربيعي إلى أن "ثمة أخطاء لغوية وتعبيرية موجودة في تلك المنشورات، تؤكد عدم وقوف التنظيم ورائها".

بدلات السجن الصفراء تنتظرنا

من جهته، يعتبر الأستاذ الجامعي والناشط نائل الزامل أن موضوع المنشورات الهدف منه إرباك الشارع "وقد نجح هذا الهدف إلى حد ما رغم كشف الموضوع من قبل جميع أهالي المحافظة"، على حد وصفه.

ويعتبر الناشطان الربيعي والزامل أن موضوع المنشورات يراد منه "نسب أي عملية قتل أو اعتقال للناشطين أو المتظاهرين إلى داعش"، أو "إعطاء الشرعية أمام الرأي العام للقوات الأمنية لزيادة الاعتقالات للناشطين والمتظاهرين بحجة أنهم مدسوسين من التنظيم".

ويضيف الزامل أن "بعض المناطق المحسوبة على مكون طائفي معين اعتذر أهاليها عن المشاركة في التظاهرات، لأن بدلات السجن الصفراء وتهمة الإرهاب تنتظرهم".

لكن ذلك لا يعني توقف إلغاء التظاهرات، "فموعدها قائم رغم البلبلة التي حدثت في الشارع البصري"، بحسب الزامل.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.