أيزيدي يجري مكالمة هاتفية فور وصوله جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبوره مع آخرين بحر إيجه في تركيا
أيزيدي يجري مكالمة هاتفية فور وصوله جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبوره مع آخرين بحر إيجه في تركيا

يحمل ملف لجوء الأيزيديين صورة مختلفة عن ملفات الهجرة وطلبات اللجوء الشائعة والمنتشرة في معظم أنحاء العالم.

عالميا، يتعلق موضوع اللجوء بأعداد محدودة لأشخاص يرحلون قسريا نتيجة تعرضهم لتهديد أو بسبب الخطر على حياتهم.

أما فيما يتعلق بالأيزيديين، فهو موضوع هجرة ولجوء جماعي لمكون ديني كامل.

تعلق عضوة مجلس النواب العراقي السابقة عن المكون الأيزيدي فيان دخيل بقولها " في دول الشرق الأوسط الرغبة موجودة لدى أفراد للجوء إلى الدول أخرى، لكن ما حصل للأيزيديين بعد دخول داعش، هو أن مكونا دينيا هاجر بالكامل بعد فقدانه الأمان".

الحكومة العراقية أحد أسباب الهجرة

وشهد الأيزيديون هجرتين، الأولى كانت داخلية من قضاء سنجار والقرى المحيطة بمحافظة نينوى، خصوصا الجانب الشرقي منها والمعروف بسهل نينوى، إلى إقليم كردستان.

أما الثانية فكانت إلى خارج العراق، بعد أن "يئس الأيزيديون من وضعهم في العراق".

تقول الدخيل "منذ أربع سنوات سنجار محررة ولحد الآن لا يوجد فيها بنى تحتية، بل لم يباشر بإعمارها أو يسلط الضوء على حجم الكارثة التي مرّت بها"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لذلك لا أحد يستطيع أن يلومهم على اللجوء".

​​

​​

وتوضح الدخيل وجود صنفين من المهاجرين إلى خارج العراق:

الصنف الأول: يشمل الناجين، وهؤلاء يدخلون في برامج إعادة تأهيل بالتعاون مع حكومات دول أوروبية وحكومة كندا.

يستمر البرنامج لمدة سنتين أو ثلاثة، ويمنح الأشخاص بعد اكتمال البرنامج حق تقرير العودة إلى العراق أو البقاء في تلك الدول.

وتشير الدخيل إلى أن "حالات قليلة جدا التي ترجع للعراق".

الصنف الثاني: الهجرة الطبيعية عبر الطرق الغير شرعية، أو طلبات إعادة التوطين من خلال المنظمات الإنسانية.

ووفقا للنائبة الأيزيدية السابقة، فإن ما يقارب 100 ألف شخص أيزيدي هاجروا إلى خارج العراق من أصل 550 ألف أيزيدي، 85% منهم ما زالوا مهجرين في إقليم كردستان وهذه النسبة بالمعظم لديها نية الهجرة إلى خارج البلاد.

وتتابع "الحكومة المركزية لو راعت قليلا الظرف الخاص الذي يمر به الأيزيديين واهتمت بملفهم ربما كان الوضع مختلفا".

ملفات مهملة

ومن بين ملفات الأيزيديين المطروحة امام الحكومة المركزية هي إعادة إعمار مناطق الأيزيديين، وعودة النازحين وتعويض المتضررين ماديا ونفسيا وصحيا وإدخالهم في برامج إعادة تأهيل، إضافة إلى موضوع البحث عن المفقودين.

تقول الدخيل "حتى موضوع المخطوفين لم تسلط حكومة بغداد الاهتمام به، وهذه كلها عوامل تشجع الناس على الهجرة بعد أن فقدت ثقتها بالحكومة".

وبالإضافة إلى العلاقة شبه المقطوعة بين الحكومة والأيزيديين فإن هناك فقدان "ثقة اجتماعية أيضا"، بحسب الدخيل التي تشير إلى أن "ما حصل في 2014 من قتل وسبي وتهجير ممكن أن يحصل مرة أخرى، لذلك فالجميع يفكر بالهجرة بحثا عن الأمان، وهذا من حقهم".

​​

​​

إحصائية حديثة

وتكشف آخر احصائية لمكتب إنقاذ المختطفين الأيزيديين في إقليم كردستان، والصادرة مطلع شهر حزيران/يونيو الجاري عن بعض الأرقام المتعلقة بالأيزيديين أبرزها:

- عدد المختطفين من الأيزيديين يقدر حاليا بـ(6417) شخص.

عدد الإناث (3548)، والذكور (2869).

- عدد الناجين من داعش الكلي (3476) شخص.

بينهم من النساء (1184)، والرجال (337)، والأطفال الإناث (1020)، والأطفال الذكور (935).

- عدد الأيزيديين الذين ما ازالوا مختطفين لدى داعش (2941) شخص.

عدد الإناث بينهم (1344)، والذكور (1597).

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.