أضرار جراء سقوط صاروخ كاتيوشا على شركة حفر الآبار النفطية في منطقة البرجسية
أضرار جراء سقوط صاروخ كاتيوشا على شركة حفر الآبار النفطية في منطقة البرجسية

تعرضت مواقع عسكرية ونفطية في العراق يتواجد فيها أميركيون الأربعاء 19 حزيران/يونيو، إلى هجمات صاروخية في أماكن متفرقة في البلاد.

تأتي تلك الهجمات بالتزامن مع استمرار التوتر في المنطقة بين واشنطن وطهران، وهما الحليفان الرئيسيان لبغداد.

ولم تتبن أي جهة مسؤولية إطلاق الصواريخ، لكن العراق أعرب في مناسبات عدة عن خشيته من أن ينعكس التوتر بين طهران وواشنطن على أراضيه.

شركات نفط ومعسكرات

وكانت آخر تلك الهجمات سقوط صاروخ كاتيوشا قرب شركة "أويل سيرف" العراقية لخدمات التكنولوجيا في منطقة الرميلة بمحافظة البصرة جنوبي العراق.

كما شهدت المحافظة فجرا سقوط صاروخ كاتيوشا على شركة حفر الآبار النفطية في منطقة البرجسية ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح.

وأكد المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد أن الجرحى عراقيون وقد عولجوا من إصابات طفيفة، موضحا لوكالة الصحافة الفرنسية أن "البرجسية تقع على بعد عدة كيلومترات عن مواقع الأعمال النفطية حيث تعمل شركات محلية وأجنبية".

وقبل ساعات من وقوع حادث البرجسية، أعلنت قيادة العمليات المشتركة "سقوط صاروخ كاتيوشا على مقر قيادة عمليات محافظة نينوى (شمالي العراق)"، فيما أكدت عمليات نينوى لاحقا أن "الصاروخ محلي الصنع".

وروى شاهد عيان من الموصل لموقع (ارفع صوتك) أن الصاروخ "أطلق من المنطقة الصناعة القديمة في الجانب الأيمن من الموصل".

إلى ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مسؤول قوله إن "صاروخا سقط قرب مدرج مطار عسكري في بغداد دون الكشف عن مزيد من التفاصيل".

في هجوم آخر وقع الاثنين، "سقطت ثلاثة صواريخ كاتيوشا على معسكر التاجي" الواقع شمال العاصمة، حيث تتواجد قوات أجنبية بينها أميركية.

كما استهدف هجوم آخر الجمعة قاعدة بلد الجوية بثلاث قذائف هاون "ما أدى إلى نشوب حريق في حشائش، دون وقوع ضحايا" وفقا لخلية الإعلام الامني.

وبعد وقوع هذه الهجمات المتكررة، أصدر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي "تعليمات مشددة الى كافة القيادات العسكرية لملاحقة هذه الأعمال والكشف عنها والقيام بكل الإجراءات القانونية لإيقافها وتقديم المسؤولين عنها للمحاسبة".

تدهور أمني متوقع

تتزامن هذه الهجمات، مع تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن التي نشرت مطلع أيار/مايو حاملة طائرات وقاذفات بي-52 في الخليج بحجة "تهديدات" مصدرها إيران وأعلنت الإثنين عن إرسال تعزيزات جديدة إلى الشرق الأوسط.

ويرى مراقبون أن تدهورا أمنيا من هذا النوع غير مستبعد في بلد يتبادل فيه القادة السياسيون وجماعات مسلحة الاتهامات بالولاء لدول مختلفة بينها إيران وتركيا والسعودية والولايات المتحدة.

ويرجحون تنفيذها من قبل جماعات مسلحة موالية لإيران، رغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات.

‏ويتوقع الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي بأن من أسماها بـ"خلية الصواريخ" هي مجموعة خاصة لديها فرط حماسة، وهم من الموالين لمحور المقاومة عقيدة ومنهاجا، مضيفا في منشور على صفحته في فيسبوك أن هذه الخلية تعتقد أنها "بهذه الأفعال الفردية منهم، وغير المنسقة مع قيادات الفصائل الشيعية العراقية سوف يستطيعون يقدمون شيئا لإيران في ميزان تصعيد الخصومة مع امريكا".

ويتابع "هذا فعل الأحمق إذا أراد نفعك أضر بك، هم أعطوا دليلا آخر وورقة ضغط لأميركا بالضد من إيران، وكسروا قرارات عادل عبد المهدي المتعاطف معهم".

ويضيف الهاشمي أن هذه الهجمات أوقعت قيادات هيئة الحشد الشعبي والقيادة المشتركة العراقية بـ"حرج شديد"، موضحا "قدموا تبريرا لأميركا باستهداف معسكرات وقيادات معادية تعتبر أهدافا لها في العمق العراقي، وأفشلوا خطاب الحكومة حول الاستقرار النسبي ودعوة الشركات الكبيرة للاستثمار في العراق".

​​

​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.