على حسابه في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كتب مصطفى مصعب العويمر في نيسان/أبريل العام الماضي إنه يتمنى أن يموت موتة لا غسل ولا دفن فيها.
لفتت العبارة انتباه مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي، وقادت المحققين إلى وقف مخطط لتنفيذ هجوم على إحدى كنائس مدينة بيتسبيرغ في ولاية بنسلفانيا.
كان العويمر، اللاجئ السوري البالغ من العمر 20 حينها، يلمح إلى رغبته أن يموت "شهيدا"، إذ لا يغسل "الشهداء" في الإسلام. أحد لغويي مكتب التحقيقات الفيدرالي أشار يومها إلى أن العويمر ربما يريد أن يفجر نفسه، ما يجعل عملية الدفن "غير ضرورية" أو حتى "مستحيلة"، كما تشير وثائق مقدمة إلى المحكمة.
قبل ثلاث سنوات، وصل الشاب السوري، المولود في مدينة درعا (جنوب غرب سوريا)، إلى الولايات المتحدة كلاجئ. واستقر في ولاية بنسلفانيا، منذ آب/أغسطس 2016،
كشفت التحقيقات أنه تواصل في نيسان/أبريل 2018 مع سيدة من ولاية ويسكنسون، اعترفت بداية هذا العام بتقديم المساعدة في التخطيط لهجمات داعش.
خاتم داعش
شرع مصطفى العويمر، بدءا من آذار/مارس 2019، بالتواصل عبر تطبيقات الرسائل القصيرة ومواقع التواصل الاجتماعي مع أحد مخبري مكتب التحقيق الفيدرالي ظنا منه أنه أحد مؤيدي تنظيم داعش خارج الولايات المتحددة.
عبر العويمر للمخبر عن رغبته في "النفير" إلى مناطق نشاط داعش. في منتصف آذار/مارس، كتب إليه قائلا: أخي، قلت إنك ستتحدث إلى الإخوة هناك حول انضمامي؟ أستحلفك بالله، أنا أحترق مما حدث للمسلمين في نيوزيلندا.
كان متحمسا. قال أيضا إنه عاش في الأردن ويعرف أردنيين التحقوا بداعش وآخرين قبض عليهم، وإنه اعتقل ثلاث مرات لتأييده "الجهاد".
اقترح العويمر تسجيل شريط يعلن فيه بيعة زعيم داعش أبي بكر البغدادي، الذي كان يصفه بـ"خليفة المسلمين".
"هل يمكن أن أعلن البيعة وأنا أرتدي قناعا"، قال في رسالة إلى المخبر في 10 نيسان/أبريل.
بعد شهر من التواصل تقريبا، قدم المُخبر، الذي كان العويمر يظن أنه يعيش خارج الولايات المتحدة، اللاجئ السوري إلى موظفين آخرين في مكتب التحقيقات الفيدرالي يعيشان داخل أميركا.
تبادل العويمر مع المخبرين الأميركين الجديدين، أبي حفصة وأبي شيماء كما وردا في وثيقة بخط يده، الرسائل بوثيرة شبه يومية حتى اعتقاله الأسبوع الماضي. التقوا أيضا أربع مرات.
جدد الشاب السوري في هذه اللقاءات تأييده لداعش، واقترح تقديم معلومات تسهل استهداف المسيحيين والمسلمين الشيعة والجالية الأيزيدية المستقرة في بيتسبيرغ انتقاما لما حدث "لإخوتنا في الباغوز".
كان بعض اللقاءات يدوم لساعات. في اللقاء الثالث فاجأ عميل مكتب التحقيق الفيدرالي بخاتمين يحملان شعار داعش. قال إنهما هدية منه.
كنيسة ومسجد
اقترح مصطفى العويمر في أول لقاء مع المخبرين استهداف مسجد للشيعة، وكان يعتبرهم كفارا.
"حسنا، يمكن أن نضع قنابل في حقيبة. يمكن أذهب إلى هناك وأترك الحقيبة في الداخل.. نحتاج فقط إلى التحكم فيها من بعد"، قال مبديا حماسته لأن "يقلتهم (شيعة المسجد) جميعا".
تراجع عن هذا المقترح في لقائه الثاني مع المخبرين، بعدما ظهر أن "الهدف غير ملائم"، بسبب كاميرات المراقبة وقرب المسجد من محطة للشرطة. أكد العويمر أيضا أنه اكتشف أن الكثير من المسلمين السنة يصلون في هذا المسجد.
في اللقاء الثالث، كشف عن مخطط جديد: الهجوم على إحدى الكنائس باستخدام المتفجرات. كان يرى أن تنفيذ مثل هذا الهجوم سيدفع مؤيدين آخرين لداعش لتنفيذ هجمات مماثلة على الأراضي الأميركية.
حسب العويمر، كانت الخطة تقضي أن يضع هو حقيبة ظهر مملوءة بالمتفجرات في موقع الكنيسة. تنفجر الحقيبة بعد 10 دقائق، يكون هو حينها في طريقه إلى مسجد قريب للصلاة رفقة المخبرين. سيمكن هذا الثلاثة من تأمين شهود حول مكان وجودهم وقت الانفجار.
كتب العويمر خطة من 10 نقاط حول طريقة التنفيذ وحول تأثيرات العملية، قال فيها إنه فضل تأجيل الهجوم إلى ما بعد شهر رمضان خوفا من أن "نوجه الخطر إلى إخواننا المسلمين، لأنه في هذا الشهر المبارك سوف تكون المساجد ممتلئة".
رسم أيضا طريق الوصول إلى الكنيسة التي تقع شمال بيتسبيرغ معتمدا خرائط غوغل. وقاد المخبرين في جولة حول المدينة لاستكشاف المكان.
"تظهر وثائق المحكمة أن مصطفى العويمر كان يعتزم مهاجمة كنيسة باسم داعش، مما قد يؤدي إلى مقتل أو إصابة العديد من الأشخاص. لحسن الحظ، تم إحباط خططه من قبل فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي بيتسبيرغ"، قال مايكل ماكجريتي المدير المساعد في قسم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان وزعته وزارة العدل الأميركية.
قام مصطفى العويمر أيضا بتسليم المخبرين وثائق حول صناعة المتفجرات. واقتنى العديد من المواد من أجل صنع القنبلة التي ستستخدم في الهجوم على الكنيسة.
بعد اللقاء الرابع، اقترح لقاء خامسا يكون الأخير قبل تنفيذ العملية التي حدد لها شهر تموز/يوليو. لكن مكتب التحقيق الفيدرالي ألقى عليه القبض يوم الأربعاء الماضي.
حاليا، يواجه مصطفى العويمر تهمة تهمة واحدة بالسعي لتقديم الدعم المادي لداعش، وتهمتين بتوزيع معلومات حول صناعة المتفجرات.