نقرأ عن عودة الأيزيديات المختطفات لأحضان ذويهم، عن البحث المضني والانتظار الحارق لأهالي المخطوفين والمخطوفات من قبل تنظيم داعش، وعن الحياة القاسية والاستعباد الجنسي في معاقل التنظيم.
ما لم نقرأه كثيراً، عن صعوبة الاندماج بعد العودة، لقاصرات وقاصرين، عاشوا سنوات في بيوت مقاتلين، أو نساء التنظيم، واعتبروها بيوتهم، واعتبروهم أهلهم، رغم أن الأطفال مخطوفين وما يظنونه "العائلة" هم في الحقيقة، الخاطفون.
وتم تجريد هؤلاء الأطفال من دينهم وثقافتهم ولغتهم الأم، وأحلّت مكانها أفكار وثقافة وديانة أتباع التنظيم.
شاهد/ي هذا الفيديو للطفل الأيزيدي هونر، الذي هرب من داعش مشياً:
كما أخفيت عن الأطفال حقائق تتعلق بحياتهم السابقة وأهلهم سواء الذين قتلوا على يد التنظيم أو الملّوعين على مفقوديهم عدا عن الفتيات والنساء اللواتي اغتُصبن أو قُتلن. فيكبرون على الوهم، الذي يتفشّى أثره بعد تحريرهم وعودتهم لأهاليهم.
أيزيدي: الخوف من أن أقتل دفعني لإخفاء هويتي
هربت منى... لكن نصف الأيزيديين المخطوفين ما زالوا بقبضة داعش
من هذه القصص، ما نشرته وكالة "ان بي آر"، وصحيفة "واشنطن بوست" الأميركيتين، عن أربعة أطفال، تم تحريرهم خلال حزيران/يونيو الجاري، ويقيمون في منزل عائلة الناشط الأيزيدي وهو محمود راشو، قرب مدينة الحسكة السورية.
طفلتان إحداهما (11 عماما) والثانية (10 أعوام)، تم تحريرهما من امرأة داعشية تُدعى "أم علي"، عاشتا معها مدّة عامين، قبل أن يعثر عليهما راشو في مخيم الهول معها، وفتيان، أحدهما (15 عاماً) والثاني (12 عاماً).
اختطفت الطفلتان في سن 6 و5 أعوام، وكانت أم علي أخذتهما للعيش معها من أحد "بيوت الضيافة" التابعة للتنظيم.
وجدهما راشو في المخيم الذي يضم أكثر من 80 ألف سوري وعراقي وأجنبي، غالبيتهم عائلات مقاتلي داعش، مستنداً إلى معلومات من فتاة أيزيدية كان أنقذها هناك قبل أسبوع.
يقول راشو عن أم علي "كانت تبيع الفتيات وتزوجهن لمقاتلي التنظيم وهن في سن أكبر بعامين أو ثلاثة فقط من جيلان ووطفة".
ومع التحفظ على ذكر أسماء الأطفال، هذا ما جاء على ألسنتهم وفق ما نشر في وسيلتي الإعلام الأميركيتين:
الطفلة الأولى (11 عاماً): "أريد العودة إلى أم علي.. أم علي عائلتي. الحياة كانت أسهل مع عائلتي (الدواعش)، كانت حياة طبيعية. أنا لا أفهم هؤلاء الأيزيديين حولي الذين يقولون إنهم أهلي. أنا أحب ارتداء النقاب، لقد أمر الله بذلك، وبهذه الملابس التي أرتديها الآن مع كشف شعري، أشعر أنني عارية".
الثانية (10 أعوام): "لا أريد شيئاً، فقط العودة لأم علي، كانت لطيفة معنا. رعتني وعلمتني الخطأ والصواب والخير والشر والقراءة والكتابة.
"هل تتذكرين سنجار في العراق، هل تريدين رؤية عائلتك وأبيك وأخيك وأختك الذين ينتظرونك في بلدك؟" يسأل راشو الطفلة جيلان، فتجيبه "لا".
أرسل راشو صورتيهما إلى سنجار، وخلال 10 دقائق فقط تم التعرف على عائلتيهما.
الفتى الأول (15 عاماً) كان داعش جندّه مع أطفال آخرين وأعدّهم للقتال: كنت أسيراً مع مقاتلي داعش وجريحاً، لكني رأيت من الأفضل إخبارهم (الجهات الأمنية الكردية) أنني أيزيدي، ونلت حريتي. لكني نادم. أشتاق كثيراً لميدان المعركة، ولرفاق الميدان، ومن أصعب الأمور علي رؤية النساء مكشوفات الرأس والوجه.
الثاني (12 عاماً): كنت كلما جلست وحدي أذكّر نفسي بهويتي (من أنا) وأهلي الأيزيديين وقريتي، وأحياناً أتحدث مع نفسي عن سنجار، حريصاً ألا يسمعني أحد منهم (الدواعش).
الجدير ذكره، أن راشو فتح وعائلته منزلهم لحوالي 150 امرأة وطفل أيزيدي تم إنقاذهم من داعش، بعضهم جرحى، وجميعهم مصابون بصدمات نفسيّة. يقوم هو وزوجته ووالدته برعايتهم حتى تحصل النساء والأطفال المفرج عنهم على موافقة السلطات الكردية لعبور الحدود إلى العراق.