ميتانية 2
ميتانية 2

اكتشف علماء آثار  ألمان وعراقيون قصراً بني في العصر البرونزي، يصل عمره لـ3400 عام، على الضفة الشرقية لنهر دجلة في إقليم كردستان.

وتمكن الفريق العلمي الدولي من الكشف عن بعض معالم وسيرة هذا الموقع الأثري التاريخية خلال وقت قصير، أتاحه انحسار ماء سد الموصل بسبب الجفاف، إلا أن ارتفاع منسوب الماء مجدداً غطى القصر.

ففي الخريف الماضي، أدت المياه المنحسرة في خزان سد الموصل إلى ظهور آثار غير متوقعة لمدينة قديمة، ما استدعى إطلاق علماء الآثار فريقاً علمياً للتنقيب عن الآثار المنكشفة. ترأسه الدكتور حسن  قاسم ممثلاً عن منظمة الآثار الكردستانية، والدكتورة إيفانا بوليز من معهد "توبنغن لدراسات الشرق الأدنى القديم" الملحق بجامعة "توبنغن" الألمانية. 

​يقول دكتور قاسم "هذا أحد أهم الاكتشافات الأثرية في المنطقة خلال العقود الأخيرة"، وفق ما نشر الموقع الرسمي للجامعة.

و​​في تقرير الدكتورة بوليز، قالت إن القصر "مصمم بعناية مع جدران طينية داخلية ضخمة من الطوب يصل سمكها إلى مترين. ويصل ارتفاع بعض الجدران لأكثر من مترين".

وتضيف "لقد وجدنا أيضا بقايا لوحات جدارية بألوان زاهية باللونين الأحمر والأزرق، تعود للألفية الثانية قبل الميلاد. ربما كانت الجداريات سمة نموذجية للقصور في الشرق الأدنى القديم، ولكن نادراً ما نجدها محفوظة".

ومن خلال الكتابات المسمارية التي عثر عليها على أحد الجدران، توضح أن اسم هذا الموقع "كيمون"، ويعود للحضارة الميتانية، التي تعتبر إحدى الحضارات البشرية الغامضة بسبب قلّة الدراسات حولها والآثار المتبقيّة منها.

​​

لكن ما الحقائق التي تم تأكيدها حول الحضارة الميتانية؟ هذه 10 معلومات عنها، وفق مواقع بحثية ودراسات تاريخية:

1- عُرفت المملكة الميتانية لدى السكان المحليين والآشوريين بالهانيجالبات وميتاني بالنسبة للمصريين، وامتدت حدودها من شمال العراق وصولا إلى سوريا وتركيا كدولة عظيمة الشأن.

2- بين الآثار المتبقية منها، عُثر على أقدم كتيّب لتدريب الخيل في العالم، يعود تاريخه لعام 1345 ق.م. كتب عليه "هكذا تكلم كيكولي سيد مدربي الخيل في أرض ميتاني".

3- حكم الميتانيون المنطقة بين شمال نهري دجلة والفرات بين عامي 1475 و1275 قبل الميلاد.

4- ملوك الميتانيين كانوا في البداية هندوأوروبيين إلا أنهم استخدموا اللغة الحورية. كتبت المؤرخة غواندلن لييك "كان سكان مملكة ميتاني في الغالب حوريين لكن ملوكهم هندوأوروبين، عبدوا آلهة بأسماء فيدية مثل إندرا وأروانا.

5- كانت عاصمة الميتانيين تُدعى "واشوكاني" تقع على منابع الخابور وهو أحد روافد نهر الفرات.

6- شارك الميتانيون في معركة مجدّو الشهيرة، وناصروا الملك قادش الذي هزم على يد المصريين بقيادة تحتمس الثالث. 

7- مكنت طبيعة الأراضي الخصبة والهطولات المطرية العالية، سكان المنطقة من إنتاج زراعي جيد وكذلك تربية للأبقار الخراف والماعز. كما مارس السكان التجارة.

8- تُعد المملكة الميتانية (في زمنها) إحدى أقوى أربع ممالك في المنطقة، إلى جانب مصر ومملكة الحيثيين وكاردونياش.

9- دلّت الآثار المتبقيّة على ازدهار المملكة بين الأعوام (1500 و1240) قبل الميلاد.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.