طفل مصاب بالسرطان يرتدي كمامة في مستشفى أمراض سرطان الأطفال بالبصرة
طفل مصاب بالسرطان يرتدي كمامة في مستشفى أمراض سرطان الأطفال بالبصرة

"تطفو البصرة على بحر من النفط"، هذا ما يعرف عن هذه المحافظة الواقعة أقصى جنوب العراق، أو على الأقل كما يقال شعبيا.

لكن أبرز ما حصدته هذه المحافظة الغنية من تلك الثروة، هو الإهمال والصراعات السياسية على ثرواتها، ومؤخرا تسببها في زيادة نسب الإصابة بأمراض السرطان، وفقا للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق.

تسجّل محافظة البصرة نحو 800 حالة إصابة بالسرطان شهريّاً، بحسب المفوضيّة، التي عزت السبب إلى "حالات متعدّدة، منها الملوّثات البيئيّة سواء في الهواء كتلك المتمثّلة باحتراق النفط، وكذلك في الماء والتربة، وغيرها من آثار الحروب".

يقول عضو المفوضية فاضل الغراوي إن النسبة الأكبر للإصابات سجلت "لدى الأطفال"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "قلة الاهتمام بالجوانب الصحية في البنى الصناعية ساعد في زيادة نسب الإصابات".

​​

​​

أرقام مبالغ فيها

لكن دائرة صحة البصرة تنفي تلك الأرقام وتصفها بـ"المبالغة".

يقول مدير إعلام دائرة صحة البصرة عباس التميمي إن الاحصائيات تكون مسجلة بالكامل لدى وزارة الصحة حصرا وهي مقاربة للمعدلات العالمية"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لا توجد في الإحصائيات الرسمية تسجيل لـ800 حالة في شهر واحد".

ويتابع "الزيادة طفيفة وسجلت في معظم دول العالم".

لكن الغراوي يلفت إلى أن الأرقام المسجلة هي وفقا "للمؤشرات التي ترصدها منظمات المجتمع المدني والمفوضية، وتلك المؤشرات سجلت زيادة كبيرة عن الأرقام التي أشرتها المؤسسات الصحية الحكومية الرسمية".

أرقام ومسببات

وفي جلسة البرلمان التي عقدت في 20 أيار/مايو 2019، التي تناولت في إحدى فقراتها الواقع البيئي بمحافظة البصرة، يكشف النائب عن المحافظة فالح الخزعلي عن أبرز النقاط التي تتسبب بتلوث بيئتها، ومنها:

- وجود (18) موقع للمواد المشعة لم تعالج من قبل الجهات المعنية حتى الآن.

- يوجد مليار وثلاثة مئة مليون متر مربع غير مطهر من المخلفات الحربية وهذا مثبت بالأرقام والوثائق.

- الغاز المصاحب لعملية الاستكشاف النفطي، فمع ازدياد الكميات المصدرة من النفط ولم تراعى المحددات البيئية للسلامة، مما انعكس سلبا على أبناء محافظة البصرة، وهذا مثبت بتقارير لكل المواقع النفطية.

- الغوارق في شط العرب بسبب حروب النظام السابق مع إيران وحرب الخليج، وكذلك أيضاً التراكمات للإهمال الوزاري بهذا الجانب.

- تلوث الأنهار وخصوصاً مركز محافظة البصرة، ووجود (7000) نهر تلوث أغلبها بسبب استخدام هذه الأراضي كمكب للنفايات.

يؤيد عضو مفوضية حقوق الإنسان الغراوي ما ورد في الجلسة، ويقول "البيئة في محافظة البصرة بيئة ملوثة جدا"، مضيفا إلى ما ورد في الجلسة أن "قلة العلاجات الخاصة وعدم وجود المؤسسات والمراكز المختصة بموضوع معالجة الأمراض السرطانية ساعد في زيادة نسب الإصابات".

​​

​​

المعالجات الحكومية

لكن صحة البصرة تلفت إلى وجود معالجات تقوم بها حاليا وزارة العلوم والتكنولوجيا والبيئة ومحافظة البصرة.

ويوضح مدير اعلام صحة البصرة أنه يتم يوميا "طمر ونقل ومعالجة المخلفات الموجودة للتخلص منها".

ويتابع أن هناك دراسات تجري حاليا من قبل وزارة العلوم للتأكد "إن كانت هذه المواد مسببة، ولم تثبت حتى الآن".

ويقول التميمي إن كل ما تم التأكد منه هو "أنها عوامل محفزة تضاف الى العوامل الوراثية وعوامل التغذية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.