بوابة عشتار في المدينة الأثرية لبابل
بوابة عشتار في المدينة الأثرية لبابل

بعد 9 سنوات من الانتظار، التحقت مدينة بابل الأثرية بأهرامات مصر وسور الصين وتاج محل في الهند والبتراء في الأردن ومدينة تدمر السورية وبرج بيزا المائل في إيطاليا، ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو التي أطلقت سنة 1972.

وجاء إدراج بابل على قائمة اليونسكو خلال اجتماع لجنة التراث العالمي في مدينة باكو، عاصمة أذربيجان، والذي ينظر في ترشيحات 35 موقعا جديدا.​

​​وإلى جانب بابل، توجد ضمن القائمة المواقع العراقية التالية: مدينة الحضر (1985)، مدينة آشور العتيقة (2003)، مدينة سامراء الأثرية (2007)، قلعة أربيل (2014)، والمسطحات المائية في الأهوار (2016).

وتقع مدينة بابل الأثرية، التي احتضنت إحدى أهم حضارات بلاد ما بين النهرين، على مشارف مدينة الحلة مركز محافظة بابل حاليا. وتبعد بنحو 90 كيلومترا جنوب بغداد. ويمكن الوصول إليها عبر الطريق البري بغداد-الحلة.

وتستمد المدينة قيمتها التاريخية من كونها عاصمة البابليين، وبلغت أوجها في عهد الملك نبوخذ نصر الثاني الذي حكم لمد 43 سنة في الفترة بين 605 ق.م و562 ق.م.

​​وشيد نبوخذ نصر الحدائق المعلقة التي تصنف ضمن عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. وتقول الأسطورة إن الملك البابلي نبوخذ نُصّر الثاني شيّد الحدائق المعلقة لزوجته التي كانت تفتقد التلال والوديان المعشبة الخضراء التي كانت في موطنها!​

ومن أشهر من حكم بابل الملك حمورابي الذي حكم بين 1792 ق.م و1750ق.م وهو معروف بقانونه الشهير (قانون حمورابي).

وبابل، ويقال إن معناها "باب الإله"، من المدن القليلة التي ورد ذكرها في "الكتب السماوية".

من أهم أثارها: التمثال التاريخي لأسد بابل، بوابة عشتار في المدخل الشمالي للمدينة، وشارع الموكب. وتاريخيا، اشتهرت ببرجها وحدائقها المعلقة. أما مسلة حمورابي فتعرض في متحف اللوفر بفرنسا.

بابل والعصائب

خاض فصيل "عصائب أهل الحق" خلال الأيام القليلة الماضية حملة مكثفة للدعاية لترشح بابل أمام اليونسكو، حيث إن وزير الثقافة عبد الأمير الحمداني مدعوم من كتلة "صادقون" التابعة للعصائب وترشح للحكومة باسمها.

وأصرت الحركة وأمينها العام قيس الخزعلي على الحصول على وزارة الثقافة خلال مفاوضات تشكيل حكومة عادل عبد المهدي. ورفض مرشحها الأول حسن الربيعي، قبل الموافقة على المرشح الثاني عبد الأمير الحمداني.

 ويقول مقال لمايكل نايتس وفرزند شيركو من معهد واشنطن  إن الحمداني
"عالم آثار كفوء، تم تعيينه لكي تظهر الحركة في أحسن صورة ممكنة".

وفي المرات النادرة التي يبدي فيها رجال دين اهتماما بالشأن الثقافي، قال الأمين العام للعصائب قيس الخزعلي (قبل الإعلان النهائي) إنه "يترقب بمزيد الأمل إدراج بابل على لائحة التراث العالمي في منظمة اليونسكو لإنصاف هذا المعلم التاريخي المهم وإعطائه الاهتمام الذي يستحقه".​

وقبل عامين، زار الخزعلي محافظة بابل معلنا انضمامه لحملة دعم ملف المدينة الأثرية.​

​​وطوال هذا الأسبوع، أفردت قناة "العهد" التابعة للعصائب تغطية مكثفة لملف ترشح بابل لقائمة اليونسكو للتراث العالمي. وتابعت مجريات جلسات التصويت في أذربيجان. ونشر حساب القناة على تويتر أكثر من 70 تغريدة حول الموضوع خلال خمسة أيام فقط.

وبعد الإعلان عن إدراج بابل ضمن القائمة، نشرت القناة تغريدات توجه الشكر لوزير الثقافة ولكتلة "صادقون".​

​​وحاولت القناة إلقاء اللوم على نظام صدام حسين في تأخر إدراج المدينة الأثرية على قائمة اليونسكو.

ونشرت تصريحات لمحافظ بابل السابق والنائب الحالي في كتلة "صادقون" صادق مدلول قال فيها إن "مدينة بابل الاثرية ظلمت من قبل النظام البائد لعدم إدراجها على لائحة التراث العالمي".​

​​ونوه النائب بوزير الساحة عبد الأمير الحمداني، قائلا إنه "سعى جاهدا بمتابعة ملف إدراج مدينة بابل الأثرية على لائحة التراث العالمي".

الوزير نفسه لم يتردد في الهجوم على "النظام الصدامي" و"الاحتلال الأميركي"، وتحميلهما مسؤولية “الإساءة لمدينة بابل الأثرية" والحيلولة "دون تقديم ملف بابل".​

​​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

A woman walks on a road dug up by workers as part of rehabilitation public works on the outskirts of Baghdad on September 15,…
أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات العمل على مشاريع إنمائية في بغداد

تنعم بغداد باستقرار نسبي، بعد نزاعات مدمّرة استمرت عقوداً، أتاحت أشغال تجديد في المدينة من طرقات معبّدة ونظم صرف صحي جديدة إلى فنادق فارهة ومطاعم، وهي مشاريع تسمح للسلطات أيضاً بالدفع ببرنامج عملها أمام الرأي العام. 

فقد جعل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من إعادة تأهيل البنية التحتية أولوية لحكومته.

في بغداد البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، تكثر المشاريع الكبيرة لوصل الأحياء العشوائية بشبكات الكهرباء والماء وترميم الطرقات والأرصفة وبناء جسور.

وفي بلد تصدّر عناوين الصحف ووسائل الإعلام على مدى عقود جراء الحروب  والتوترات الأمنية والانفجارات، أتاح الاستقرار النسبي المتواصل منذ خمس سنوات تقريباً وإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، افتتاح مراكز تجارية ومقاه ومطاعم فاخرة. 

على ضفاف نهر دجلة، يمكن لرواد مجمع "ألف ليلة وليلة" الاختيار بين 12 مطعماً فضلاً عن سلسلة من المقاهي وصالات الاحتفالات ومتاجر وقاعة للعبة البولينغ. خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتردد العشرات إلى المكان برفقة العائلة أو الأصدقاء لتناول الطعام أو تدخين النرجيلة وممارسة لعبة البولينغ.

وفتح المجمّع الذي بني في حديقة أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين أبوابه أواخر العام 2022، على أرضٍ هي الآن بيد نقابة الصحافيين التي استأجرت الموقع. وأطلق المشروع "عدد من المستثمرين الشباب المختصين بالشأن السياحي"، وفق المدير التنفيذي للمشروع فلاح حسن.

ويرى حسن أن "العراق أرض خصبة للاستثمار بشكل لا يمكن تخيله" لكنه في الوقت نفسه يشير إلى وجود "معوقات" مثل "الوضع الأمني والروتين الحكومي العقيم" حيث ينبغي المرور "بألف نافذة لتتمكن من أن تأخذ ورقة موافقة واحدة".

 "مناخ الاستثمار ضعيف"

اعتبر البنك الدولي في تقرير نشر أواخر يوليو أن "مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفاً"، مشيراً إلى "غياب تشريعات مؤاتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج" في إشارة إلى الرشوة.

وتسعى السلطات إلى تغيير ذلك الواقع. ويعمل رئيس الوزراء الذي أعرب مراراً عن عزمه على مكافحة الفساد، وجذب المستثمرين الكبار، لا سيما من دول الخليج.

في أواخر أغسطس، شارك السوداني في وضع حجر الأساس لفندق ريكسوس الفاخر ومجمّع سكني، وهو الاستثمار القطري الأوّل في العراق.

وقال السوداني حينها "بدءاً من رئيس الحكومة وانتهاءً بآخر موظف، سوف نكون مع المستثمر ومع الشراكة ومع القطاع الخاص الجاد في تنفيذ مشاريع الاستثمار في بغداد والمحافظات وإقليم كردستان". 

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، أكّد السوداني على أن حكومته جعلت محاربة الفساد "في أولوياتنا".

لكن ما الذي يقف خلف هذه "الطفرة" التنموية في بغداد؟ في مقال له نشر على موقع معهد "الدراسات الإقليمية والدولية"، التابع للجامعة الأميركية في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، يرى الباحث حيدر الشاكري أن "الطبقة السياسية العراقية وشركائها في مجال الأعمال قرروا استثمار ثرواتهم في مشاريع محلية هي بمثابة ملجأ للأرباح التي اكتسبت بطرق غير شرعية".

ويشير الشاكري في هذا الإطار خصوصاً إلى "مجمعات سكنية فخمة ومراكز تجارية وجامعات خاصة".

لكن السلطات تعتمد سياسة تحديث البنى التحتية. وتبلغ قيمة الاستثمارات في موازنات السنوات 2023 حتى 2025، 37 مليار دولار سنوياً، وهي تقدّر بثلاثة أضعاف القيمة الفعلية للاستثمارات في العام 2022 وفق البنك الدولي.

وقد أتاحت الاحتياطات المالية الكبرى بالعملة الصعبة التي تفوق 100 مليار دولار والمكتسبة من أسعار النفط المرتفعة، إمكانية طرح تلك المبالغ في الموازنة.

"إلى متى؟"

وأنشأت الحكومة فريق الجهد الخدمي والهندسي، الذي يضمّ جهوداً وفرقاً من وزارات وشركات عامة ومهندسي الجيش والحشد الشعبي، مهمته إعادة تأهيل الأحياء العشوائية "المحرومة منذ أكثر من عشرين عاماً" من الخدمات وفق رئيس الجهد الخدمي في بغداد المهندس عبد الرزاق عبد محيسن. 

تنكّب فرق الجهد الخدمي على العمل في الأزقة الترابية في حيّ الكوفة الواقع على أطراف العاصمة. تحفر جرارات الشوارع من أجل توصيل أنابيب جديدة، فيما تقوم شاحنة بنقل الحطام.

ويقول عبد محيسن الذي يشرف على الأعمال في حي الكوفة إن "هناك أكثر من 1093 عشوائية في محافظة بغداد أعدّت الخطط لها على أن تكون الأعمال بشكل تدريجي".

وأضاف "هناك أكثر من 200 مليار دينار مخصصة لأعمال البنى التحتية من ضمنها المياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الشوارع".

يرحب بعض سكان تلك المنطقة بهذه التغييرات، لكن آخرين ما زالوا يشتكون من نواقص عدة في الخدمات تؤثر على حياتهم اليومية. 

ويشعر أبو علي البهادلي وهو عامل يومي في مجال البناء بفرحة غامرة إزاء هذه التحسينات في حيّه. 

ويقول "مناطقنا كانت محرومة من الخدمات بشكل تام"، مضيفاً أن الوضع في السابق كان مختلفاً، "لا نستطيع أن نخرج إلى الشارع بسبب الوحول التي تسببها الأمطار". 

إلا أن جاره أحمد راضي البالغ من العمر 45 عاماً، لا ينظر إلى الأمور بالإيجابية نفسها ويشتكي من قلة الخدمات والماء والكهرباء.

ويقول راضي وهو موظف حكومي "أعطيني مسؤولا يبقى بلا ماء ساعة واحدة. يريدون أن يعبدوا الشارع قبل إنجاز الماء. لقد تعبنا".

ويتساءل الرجل "متى يكملون الرصيف؟ متى يقومون بوضع نظام تصريف للأمطار؟"، مضيفاً "تأتي من عملك متعباً، لا كهرباء ولا ماء، المجاري منتشرة، أريد أن أعرف إلى متى؟".