صورة تعبيرية/ وكالة الصحافة الفرنسية
صورة تعبيرية/ وكالة الصحافة الفرنسية

أعطت سرّها لصديقتها، لكنها خذلتها بجرّها للعمل في الدعارة. 

تقول أمل بعد 14 عاماً على العمل في هذا المجال، إنها كانت علاقة غرامية بشاب وهي في العشرينات من عمرها، وكانت تلتقيه في بيت صديقتها، كاتمة سرّها، إلا أن الأخيرة استغلتها.

تروي لـ(ارفع صوتك): "كان حبيبي يعدني بالزواج لكنه بقي متردداً من هذه الخطوة، فنصحتني صديقتي بإقامة علاقة مع رجل آخر لإثارة غيرته ودفعه للإسراع بالزواج، قمت بذلك فعلاً، لكن النتيجة عكسية. افترقنا للأبد".

وتقول أمل إن صديقتها أجبرتها على الدعارة بتهديدها الدائم بإخبار عائلتها عمّا فعلته، واضطرت للاستمرار في هذا المجال "خشية الفضيحة".

وكانت الصديقة تجلب الزبائن لأمل باتفاق مع زوجها إلى بيتها، وتردد على مسامعها كلما قررت أمل التوقف أن "أي تصرّف بسيط سيجعلك ضحية غسل العار" لذا كان الامتثال لرغباتها "أفضل". 

أمل لم تتزوّج، ورغم مرور سنوات طويلة، تجد صعوبة في التوقف عن "إرضاء نزوات الرجال الجنسية من الذين يصحبونها لحفلات سريّة تقام في بيوت نظمت لهذا الغرض" كما تقول.

وتضيف أمل أن "ممارسة الدعارة تكبّل المتورطات فيها بسلسلة من الفضائح التي لن يتقبلها المجتمع بشكل أو بآخر".

الظروف الصعبة

ما تحصل عليه ورقاء (33 عاماً) من ممارسة الجنس، تصرفه على إيجار بيتها الذي تعيش فيه مع أمها، وشراء الملابس والماكياج. وهي تعمل نادلة داخل أحد النوادي الليلة في بغداد.

ينظر رواد النوادي وبارات الفنادق إلى النادلات على أنهن عاملات بالجنس، وهو "ما يحدث بالفعل" وفق ورقاء.

وتقول لـ(ارفع صوتك)، "لم أعمل أبداً برضا في الدعارة، بل الظروف الصعبة هي التي اجبرتني –كما غيري من النساء- على هذا الفعل".

وتوضح ورقاء "يقوم الزبون باستئجار الفتاة عبر الاتفاق مع صاحب النادي أو من ينوب عنه مقابل مبلغ مالي يُحدّد حسب عدد الساعات أو الليلة. وتبدأ أسعار الخدمات الجنسية من 50 ألف دينار عراقي(42 دولاراً)".

وتقلّ أجور العاملات في الجنس (علماً بأنها مهنة غير منظمة وغير قانونية في العراق) بمرور السنوات، ما يخلق صراعاً بينهن على اقتناص الزبائن، وفق ما تقول ورقاء.

الابتزاز المالي

لم تتوقع شروق، وهي أرملة في الأربعين من العمر الآن، أن ينتهي بها المطاف بعد مقتل زوجها خلال النزاع الطائفي عام 2006، أن تعمل بالدعارة. حينذاك أقنعها صاحب ورشة صيانة سيارات بإقامة علاقة جنسية معه مقابل توفير قوت أطفالها الأربعة.

حملت منه، ما دفعه لتركها وتهديدها بالفضيحة إن لم تتخلّص من الجنين. وبالفعل ذهبت شروق مباشرة لطبيبة نسائية كي تُنهي الأمر.

وتروي ما حصل "أول سؤال تطرحه الطبيبة: أين عقد زواجك؟ أو حكم طلاقك؟، وإن أجبت الحقيقة ستطردني أو تُبلغ عني الجهات الأمنية".

وبعد استفسارها عن إمكانية التخلّص من الجنين، عرفت أن النساء العاملات في الجنس يمكنهن مساعدتها، فذهبت إلى بعضهن. لكنهن طلبن مبلغاً مالياً كبيراً لا تقوى عليه، ولخوفها من الفضيحة رضيت أن تسقط الجنين مقابل تقديم خدمات جنسية.

تقول شروق لـ (ارفع صوتك): "وهكذا تورطت بالعمل في الدعارة، مثل الكثيرات". 

يرفضون المساعدة

تمارس انتصار (44 عاماً) عملها في الجنس حسب حاجتها للمال. فهي تتواصل مع امرأة حوّلت غرفة من بيتها في بغداد إلى صالون تجميل نسائي، وبنت في حديقته الخلفية غرفة نوم وحمام، لتقديم الخدمات الجنسية.

تقول لـ (ارفع صوتك): "كلّما أردت الحصول على المال، أذهب لبيتها، لكي توفر ليّ زبوناً أمارس معه الجنس مقابل 50 ألف دينار نتقاسمها بيننا بالتساوي".

في ذات السياق، تقول انتصار "إذا لجأت لأي رجل من المعارف لاقتراض المال يطلب الجنس بالمقابل، وهذا يحدث في مؤسسات حكومية أيضاً".

قانونياً: مرفوض

ينص قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988 في المادة (4) "تعاقب البغي التي يثبت تعاطيها البغاء بإيداعها إحدى دور الاصلاح المعدة لتوجيه وتأهيل النساء مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنتين".

كما تنص المادة 5 من نفس القانون على أن "من استبقى ذكرا أو انثى للبغاء أو اللواطة في محل ما بالخداع أو بالإكراه والقوة والتهديد وكان عمر المجني عليه أو عليها أكثر من 18 عاماً يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 10 أعوام، وتكون العقوبة بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة إذا كان عمر المجني عليه أو عليها دون الـ18 عاماً. وعلى المحكمة الحكم بالتعويض العادل للمجني عليه أو عليها في الحالتين السابقتين".

وتعقيبا على ذلك، تقول الخبيرة القانونية نوافل الزبيدي لـ(ارفع صوتك) إن "المجتمع يجرّم المرأة بل ويقتلها بمجرد الشك في عفّتها، بينما يتساهل مع الرجل".

وتتساءل "ماذا تفعل المرأة وهي محاصرة بين الفضيحة التي توجب قتلها غسلاً للعار اجتماعياً أو الاستمرار مجبَرة في ممارسة الجنس الذي يجرّمه القانون؟ وفي كل الأحوال هي مُدانة".

وتؤكد الزبيدي "لو كان القانون يقف إلى جانب المرأة لما وقعت ضحية". مشيرةً إلى أنها "لم تصادف خلال مهنتها القانونية امرأة راضية عن عملها في الجنس".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.