عراقي يجمع السمك الميت بسبب تلوث المياه في البصرة في أغسطس 2018
عراقي يجمع السمك الميت بسبب تلوث المياه في البصرة في أغسطس 2018

حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير، الاثنين، من وقوع أزمة مياه في محافظة البصرة العراقية، وذكرت أن هذه الأزمة يمكن أن تساهم في "تفشي الأمراض المنقولة بالمياه في المستقبل واستمرار المصاعب الاقتصادية"، ما قد يؤدي إلى تكرار مشهد مظاهرات 2018. 

وذكر تقرير بعنوان "البصرة عطشانة: تقاعس العراق عن مُعالجة أزمة المياه"، أن السلطات العراقية لم تقم بما يكفي وعلى مدى 30 عاما لحصول سكان البصرة، البالغ عددهم قرابة أربعة ملايين نسمة، على كفايتهم من المياه الصالحة للشرب. 

وأشارت المنظمة إلى أن وضع المحافظة وصل إلى ذروته عندما تسببت أزمة المياه بدخول 118 ألف شخص على الأقل إلى المستشفى عام 2018، ما أدى إلى احتجاجات عنيفة. 

وقال الناطق باسم المنظمة، أحمد بن شمسي في حديث مع "راديو سوا" إن عوامل تلوث المياه تشمل التلوث في المناخ وتسرب مياه البحر إلي مياه الأنهار بسبب السدود التي تبنيها الدول المجاورة مثل إيران وتركيا، مشيرا إلى أن "سوء الإدارة والفساد" هما السبب وراء عدم إنجاز الحكومة العراقية لمشاريعها. 

وذكرت المنظمة أن المزارعين والشركات يستغلون قنوات المياه العذبة ولا يتركون ما يكفي من المياه لمحطات معالجة المياه العامة في البصرة لتأمين مياه الشرب.

وأشارت المنظمة إلى أن "أكثر من 300 ألف من سكان محافظة البصرة ليسوا متصلين بشبكة المياه والصرف الصحي، ما يدفع البعض إلى الاستفادة بطريقة غير مشروعة من إمدادات المياه، وهذا يتسبّب في التلوّث وانخفاض ضغط المياه والهدر."

ورد المتحدث باسم خلية الإعلام الحكومي، عبد الزهرة الهندواي، على المنظمة، قائلا إن تقريرها يعود بتفاصيله لعام 2018، وأنه "منذ خروج التظاهرات في تموز 2018 على مستوى الحكومة السابقة والحالية، كان هناك الكثير من الخطوات والإجراءات في هذا المجال".

وأضاف الهندواي بأن "المشكلة لم تحل بالكامل لكن هناك تحسن في نوعية مياه الشرب الموجودة في محافظة البصرة" وفقا لتصريحات عبر "راديو سوا". 

وقال ممثل محافظة البصرة في مجلس النواب العراقي، النائب محمد المنصوري إن "البصرة تفتقر لكافة الخدمات،" مشيرا لوجود "إهمال واضح جدا" في عملية تنفيذ الخطط والمشاريع وأن "بطء" المحافظة في تنفيذها "يهدد أبناء محافظة البصرة". 

وقابلت هيومن رايتس ووتش 58 من سكان البصرة، وعاملين في مرافق المياه الخاصة والعامة، واختصاصيين في الرعاية الصحية، وراجعت اختبارات عينات المياه من نهر شط العرب، ومحطات المعالجة والصنابير في المنازل، وفقا لما ذكرته المنظمة عبر موقعها. 

وذكرت المنظمة مقابلتها ممثلين من مجلس محافظة البصرة، ومكتب المحافظ، ووزارة الموارد المائية، ومديريات المياه والمجاري التابعة لوزارة البلديات والأشغال العامة، ووزارة الصحة والبيئة ووزارة الزراعة. حللت البيانات الأكاديمية وبيانات الصحة العامة وصور الأقمار الصناعية العلمية والتجارية للمنطقة على مدى أكثر من 20 عاما لإثبات العديد من النتائج.

ونوّهت المنظمة إلى أن العراق لا يملك آليات مناسبة لتحذير الناس من شرب المياه الملوثة أو تلك المشتبه بتلوثها، أو عن الخطوات التي ينبغي اتخاذها لتخفيف الضرر. 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.