شعار فيسبوك
شعار فيسبوك

منذ 2012، يعمل ع. م. (28 عاما) منتسبا مدنيا في إحدى الدوائر الأمنية.

ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي بأكثر من صفحة بأسماء مختلفة، يستغلها في طرح آراء سياسية تدعم توجهات حزب سياسي في مقدمة القوى المشاركة بالحكومة حاليا.

يرفض الشاب ذكر اسمه، كما يرفض وصفه بالمنتمي للجيوش الإلكترونية.

ورغم أنه لا يتقاضى أي أجور عن الخدمات التي يقدمها على صفحاته الأربع في فيسبوك للحزب السياسي، لكنه يعترف أن الوظيفة التي يعمل بها وبعض الترقيات والدعم الإداري في عمله هي المكافأة التي قدمها له الحزب على تلك الخدمات.

يقول ع. م. إنه تلقى مؤخرا توجيهات بـ“تغيير أسلوب طرح الآراء بما لا يثير ردة فعل سلبية على القضية المطروحة".

ويعتقد أن الأحزاب السياسية بدأت "تفقد سلطتها وكلمتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو على الأقل الحزب المنتمي إليه".

رد فعل عكسي

مؤخرا أيضا، حالات كثيرة حاولت أحزاب وشخصيات سياسية تسويقها على مواقع التواصل الاجتماعي لكنها لاقت ردة فعل سلبية.

نموذجا لتلك الحالات، إعلان تيار الحكمة التحول إلى المعارضة، ودعوته للتظاهر والمطالبة بالإصلاح.

​​

​​

طلب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بفتح تحقيق ومحاسبة القائمين على حفل افتتاح بطولة غرب آسيا 2019 التي أقيمت في ملعب كربلاء الدولي.

​​

​​

وقبلها إعلان رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي عن توزيع مادة العدس لكل مواطن بمناسبة شهر رمضان.

​​

​​

ولرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي نصيب أيضا، أخذ الحصة الأكبر تصريحه أثناء فترة ولايته "سنفاجئ الفاسدين".

​​

​​

الخاسر الأكبر

ورغم أن جميع السياسيين والقوى السياسية العراقية لم تنجوا من انتقادات المدونين، لكن أستاذ الاجتماع في جامعة بغداد علي طاهر، يرى أن ردود الأفعال كانت متباينة على الشخصيات والأحزاب السياسية.

يقول طاهر "هناك شخصيات أو جهات سياسية تتحمل مسؤولية إدارة الدولة على مدى ثلاث دورات انتخابية كان لها الجزء الأكبر في الانتقادات"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "بالأساس فأن دخول السياسيين على خط الحوار الاجتماعي كان خطأ كبيرا وفادحا".

ويرى طاهر أن الكثير من السياسيين ابتعدوا مؤخرا عن تلمس نبض الشارع وخصوصا بعد الاحتجاجات التي حصلت عام 2015، مرورا بالانتخابات التي حصلت في 2018 وما نتج عنها من مشاركة بنسب قليلة، وغيرها من الشواهد.

رجال الدين أيضا

ينشط اوس العبساوي على صفحته الوحيدة في فيسبوك كما يؤكد، وهي تحمل اسمه الصريح.

ينتقد اوس (32 عاما)، وهو من أهالي النجف، الكثير من التصريحات والمواقف والآراء والقرارات التي تصدر عن القوى السياسية والمؤسسات الحكومية والحكومة المحلية في محافظته.

يقول العبساوي إن السياسيين والأحزاب "فقدوا تأثيرهم وحضورهم على مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "ليس فقط السياسيين بل حتى بعض رجال الدين، أصبح لدى الناس وعي بالشخصيات التي تحاول استغلال لباس الدين في مشاريعها".

ويؤكد العبساوي أن أي "هفوة من أي سياسي أو أي جهة دينية تقابل بهجوم شرس على صفحات التواصل"، موضحا لأن الشعب بدأ "يريد تسقيط أفكارهم ومشاريعهم، والتعليقات أفضل برهان بأن السياسيين باتوا غير مقبولين وأن وجودهم أصبح عبأً على الشارع العراقي".

مواجهة حقيقية للفساد

مقابل هذا النشاط الاجتماعي، هناك جهد مضاعف من قبل الجهات والشخصيات السياسية في "تجييش الصفحات والمدونين"، على حد تعبير العبساوي.

ويتابع "مواقع التواصل الاجتماعي هي القوة الوحيدة والحقيقية في مواجهة الفساد ومحاولة مكافحته من خلال فضح الفاسدين".

 

لكن الشاب ع. م. يرى أن معظم من ينشط وينتقد ويهاجم على صفحات التواصل هو "تابع لحزب أو جهة أو شخصية سياسية، أو حتى لجهات خارجية"، موضحا "ببساطة الأشخاص العاديين لا يستطيعون تسويق آرائهم أو جذب المتفاعلين إلى منشوراتهم، هذه الأمور تحتاج إلى دعم وتفرغ وحتى دورات تدريبية".

ويرد العبساوي أن ثمة نقاط تكشف إن كان المدون عنصرا في جيوش السياسيين الإلكترونية أو عكس ذلك.

ويوضح بعض تلك النقاط بقوله:

- الفرق بين المدونين الحقيقين ومدوني الجيوش الإلكترونية، هو في كشف عن شخصياتهم الحقيقية على صفحات الفيسبوك، فالمدون الحقيقي أو الناشط يكشف عن أسمه دون تخوف، فيما يعمد عناصر الجيوش الإلكترونية إلى أسماء مستعارة.

- نقل الظواهر الإيجابية والسلبية.

- توحد أعداد كبيرة من الصفحات والمدونين بشأن قضية محددة والكتابة بطريقة موحدة رغم اختلاف التوجهات والخلفيات.

- النقطة الأهم عدم تغير المواقف وفقا للحزب أو الشخصية السياسية، إذا كانت راضية، عمد الناشر إلى التطبيل، وإذا كانت رافضة لجأ الناشر إلى التسقيط والتشهير.

ويقول أستاذ الاجتماع علي طاهر "هناك رسائل مجتمعية واضحة بأن الناس لا يمثلها هؤلاء السياسيين".

ويتابع "أحيانا يعمد السياسيون إلى إثارة زوبعات على مواقع التواصل الاجتماعي لإخفاء صفقات وقرارات وملفات وهذا ما تعودنا عليه خلال السنوات الأخيرة".

ويلفت إلى ضرورة مراقبة الجوانب السياسية الأخرى في حال "ضجت صفحات المواقع بموضوع معين، فقد يكون هناك تمرير لصفقة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.