انفجار في بغداد - الصورة لعلي دبدب مصوّر عراقي
انفجار في بغداد - الصورة لعلي دبدب مصوّر عراقي

أثارت لحظات سماع دوي انفجار عتاد موقع معسكر صقر في جنوب العاصمة بغداد مساء اليوم حالة من الرعب بين أهالي بغداد وخاصة المناطق القريبة من مكان التفجير.

وقد وقع الانفجار في مخزن سلاح تابع لقوات الحشد الشعبي قرب اللواء السابع شرطة اتحادية خلف قاعدة سكانيا على الطريق الرابط بين بغداد – الحلة.

وعلى الفور هرعت قوات الأمن والدفاع المدني للموقع.

وهرع أهالي المناطق القريبة من بيوتهم ومحلاتهم فزعين نحو الشوارع، يستخدمون الهواتف النقالة للاتصال بأقاربهم ومعارفهم خشية أن يكونوا ضحايا التفجيرات.

وتقول الحاجة أم محمد، والتي كانت تسعى إلى الاطمئنان عن أبنها وعائلته عبر هاتفها النقال: "لحظة سماع دوي الانفجار الأول ركضت مع بناتي الثلاثة من البيت نحو الشارع، في حالة فزع ورعب ولم ننتبه أنني كنت من دون حجاب رأس أو عباءة".

أم محمد من سكنة حي التراث الذي لا يبعد كثيرا عن مكان الانفجار، لم تنتبه أيضا لتحطم زجاج نوافذ بيتها كما غيرها من أهالي المناطق الذين تجمهروا خارج بيوتهم من الفزع، وتضيف: "لا أعرف شعرت بالخوف ودون وعي كنت أصرخ وأردد فجروا المحتفلين بالعيد.. فجرونا".

وسيطر دوي الانفجارات على المحتفلين بالعيد وخاصة رواد مدينتي ألعاب الكرخ وحي الجهاد، إذ كانتا مزدحمتان بالمحتفلين، ولكن بعد سماع الانفجارات بدأ الناس يخرجون منها بسرعة كبيرة، بينما كانت الأمهات يجرجرن أطفالهن بهلع حتى فرغت الشوارع من المارة، في حين ازدحمت الشوارع بسيارات الإسعاف ومركبات القوات الأمنية وسيارات الشرطة.

ويقول وميض عبد، وهو سائق سيارة أجرة "عندما كنت واقفاً أمام مدينة العاب الكرخ سمعت الانفجار".

ويضيف "لقد رأيت الناس في الشارع يركضون بهستيريا خشية من انفجار أي شيء قريبا منهم".

وأعرب عبد عن قلقه جراء ما حدث، متسائلا: "هل هذا هو عيدنا؟ مجيباً نفسه "لقد أعادنا هذا الانفجار إلى سنوات التفجيرات الإرهابية التي كدنا أن ننساها".

وقال مصدر أمني لرويترز إن المنشأة كان تحتوي على صواريخ كاتيوشا.

وقال قاسم العطابي المتحدث باسم مديرية الصحة في المنطقة إن الحريق الناجم عن الانفجار تسبب في إصابة 14 شخصا معظمهم من الأطفال.

وقد فتحت وزارة الداخلية العراقية تحقيقا في الحادث لكن مصدرا بالشرطة رجح وقوعه بسبب الإهمال الناجم عن سوء ظروف التخزين وارتفاع درجات الحرارة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.